شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، اليوم الخميس، احتجاجات عنيفة نظمها مزارعون أمام مقر البرلمان الأوروبي، رفضا لاتفاقية تجارية مثيرة للجدل بين الاتحاد الأوروبي ودول تكتل «ميركوسور»، وذلك بالتزامن مع انعقاد قمة لقادة الاتحاد لمناقشة ملفات مصيرية، أبرزها تمويل أوكرانيا عبر استخدام أصول روسية مجمدة.
احتجاجات بالبطاطس والبيض
ووفقا لصحيفة ذا تليجراف البريطانية، ألقى المتظاهرون البطاطس والبيض، وأطلقوا الألعاب النارية، وأغلقوا الطرق المحيطة بالبرلمان الأوروبي، حيث كان القادة يعقدون اجتماعات تتعلق بالحرب في أوكرانيا.
وتجمع المزارعون بجراراتهم أمام المبنى، واندلعت مواجهات مع شرطة مكافحة الشغب، أضرم خلالها المحتجون النار في الإطارات، ما أدى إلى تصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود في الساحة المحيطة.
وردت الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق آلاف المتظاهرين، الذين احتجوا على اتفاقية تجارية رئيسية بين الاتحاد الأوروبي ودول أمريكا الجنوبية، فيما حاولت توقيف عدد من المشاركين بعد تصاعد أعمال العنف، وفي إحدى اللحظات، اقتحم جرار صفوف الشرطة دون تسجيل إصابات.
رفض لاتفاق «ميركوسور»
وتقضي الاتفاقية، التي يناقشها قادة الاتحاد خلال القمة، بإلغاء الرسوم الجمركية على معظم السلع المتداولة بين الاتحاد الأوروبي وخمس دول من «ميركوسور»، هي: البرازيل، الأرجنتين، أوروجواي، باراجواي، وبوليفيا.
ويخشى المزارعون الأوروبيون من أن تؤدي الاتفاقية إلى إغراق الأسواق بسلع أقل تكلفة، مثل لحوم الأبقار والسكر والأرز والعسل وفول الصويا، القادمة من دول تخضع لمعايير تنظيمية وبيئية أقل صرامة.
وقال ماكسيم مابيل، مزارع ألبان بلجيكي، إن المحتجين جاءوا لرفض الاتفاق، معتبرًا أن «أوروبا باتت تُدار بشكل ديكتاتوري»، ومتهما رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالسعي لفرض الاتفاقية رغم الاعتراضات.

في الأثناء، ناقش قادة الاتحاد الأوروبي داخل البرلمان اقتراحا مثيرا للجدل يقضي باستخدام أصول روسية مجمدة لتمويل أوكرانيا، وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك: «إما المال اليوم أو الدماء غدا»، داعيا إلى دعم خطة القروض، غير أن بلجيكا، التي تحتفظ بنحو ثلثي الأصول الروسية المجمدة، أبدت تحفظها على الخطة، خشية ردود فعل روسية، في ظل تهديدات موسكو باتخاذ إجراءات قانونية ضد الشركات الغربية المالكة لتلك الأصول.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وصف، في نوفمبر الماضي، خطط الاتحاد الأوروبي بأنها «سرقة للممتلكات»، فيما سعى مسؤولون روس إلى الضغط على الوفد الأمريكي في محادثات السلام لرفض المقترح الأوروبي.
وطالبت بلجيكا بضمانات قانونية وحماية واضحة من بقية الدول الأعضاء، في وقت برزت فيه إيطاليا ومالطا والمجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك ضمن الدول المعارضة للخطة.
من جهتها، حذرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني من أن استخدام الأصول الروسية دون أساس قانوني متين «سيمنح موسكو أول انتصار منذ اندلاع الحرب».
ويُنظر إلى قرارات قمة الاتحاد الأوروبي، اليوم، على أنها حاسمة لمستقبل أوكرانيا والأمن الأوروبي عموما، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن عدم التوصل إلى قرار «سيمثل مشكلة كبيرة لكييف»، مؤكدا عزمه التواصل مع جميع القادة على أمل التوصل إلى توافق إيجابي.


