يُعد التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis) واحدًا من أكثر الأمراض العصبية المزمنة تعقيدًا، كونه مرضًا مناعيًا ذاتيًا يستهدف الجهاز العصبي المركزي، المتمثل في الدماغ والحبل الشوكي. ووفقًا لمؤسسة Cleveland Clinic الطبية العالمية، يحدث المرض عندما يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ الغلاف الواقي للألياف العصبية المعروف باسم “الميالين”، مما يؤدي إلى خلل في نقل الإشارات العصبية بين الدماغ وبقية أجزاء الجسم.
مرض بلا نمط واحد
لا يسير التصلب المتعدد على وتيرة واحدة لدى جميع المرضى، بل يختلف من شخص لآخر من حيث الأعراض، وسرعة التدهور، والاستجابة للعلاج. ويؤكد الأطباء أن هذا التفاوت يجعل المرض صعب التنبؤ، سواء في مراحله الأولى أو مع تقدمه.
كيف يهاجم المرض الجهاز العصبي؟
الميالين يعمل كعازل كهربائي يحمي الأعصاب ويضمن سرعة ودقة نقل الإشارات العصبية. وعندما يتعرض هذا الغلاف للتلف، تصبح الإشارات العصبية أبطأ أو مشوشة أو منقطعة، وهو ما يفسر ظهور أعراض مثل ضعف الحركة، والتنميل، واضطرابات الرؤية، وصعوبة التوازن.
وتشير Cleveland Clinic إلى أن الضرر العصبي قد يكون مؤقتًا في بعض الحالات، لكنه قد يصبح دائمًا مع تكرار الهجمات الالتهابية.
أنواع التصلب المتعدد
يصنف الأطباء المرض إلى أربعة أنماط رئيسية:
المتلازمة السريرية المعزولة (CIS):
أول نوبة عصبية تستمر 24 ساعة على الأقل، وقد تكون مؤشرًا مبكرًا للإصابة، لكنها لا تعني بالضرورة تطور المرض.
التصلب المتعدد الانتكاسي المتراجع (RRMS):
الشكل الأكثر شيوعًا، ويتميز بنوبات مفاجئة من الأعراض يعقبها تحسن جزئي أو كامل.
التصلب المتعدد المتقدم الثانوي (SPMS):
مرحلة تتطور لدى بعض المرضى بعد سنوات من النوع الانتكاسي، حيث تبدأ الأعراض في التفاقم التدريجي.
التصلب المتعدد المتقدم الأولي (PPMS):
يبدأ بتدهور بطيء ومستمر منذ البداية دون فترات انتكاس واضحة.
أعراض متغيرة قد تُربك التشخيص
تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:
- الإرهاق الشديد غير المبرر.
- ضعف أو تشنج العضلات.
- اضطرابات الرؤية، بما في ذلك الرؤية المزدوجة أو فقدان جزئي للبصر.
- تنميل أو وخز في الأطراف.
- صعوبات المشي والتوازن.
- مشكلات إدراكية مثل ضعف التركيز والذاكرة.
- اضطرابات المثانة والأمعاء في بعض الحالات.
وتلفت Cleveland Clinic إلى أن بعض الأعراض قد تظهر ثم تختفي، بينما تستمر أخرى لفترات طويلة.
التشخيص.. عملية معقدة متعددة الخطوات
لا يوجد اختبار واحد قاطع لتشخيص التصلب المتعدد، لذلك يعتمد الأطباء على مزيج من الفحوصات، أبرزها:
- الفحص العصبي السريري.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لرصد تلف الميالين.
- تحليل السائل النخاعي.
- اختبارات إضافية لاستبعاد أمراض عصبية أخرى.
العلاج.. إدارة المرض بدلًا من الشفاء
حتى الآن، لا يتوفر علاج نهائي للتصلب المتعدد، لكن التطور الطبي أتاح أدوية معدلة لمسار المرض تساعد على:
- تقليل عدد وشدة الانتكاسات.
- إبطاء تطور الإعاقة.
- تحسين القدرة على الحركة والوظائف اليومية.
كما يشمل العلاج برامج العلاج الطبيعي والتأهيلي والدعم النفسي، إلى جانب أدوية مخصصة للتعامل مع الأعراض الحادة.
التعايش وجودة الحياة
رغم الطبيعة المزمنة للمرض، تؤكد Cleveland Clinic أن كثيرًا من المصابين بالتصلب المتعدد يمكنهم العيش حياة نشطة ومنتجة، خاصة مع التشخيص المبكر، والالتزام بالعلاج، وتبني نمط حياة صحي.


