تحوّل السهم الأفضل أداءً في العالم إلى قصة تحذيرية للمستثمرين الباحثين عن أرباح خيالية من طفرة الذكاء الاصطناعي، بعدما سجلت شركة أشباه موصلات هندية غير معروفة سابقاً عالمياً أو حتى في سوقها المحلية، ارتفاعاً مذهلاً تجاوز 55000% خلال 20 شهراً فقط.
أصبحت شركة “RRP Semiconductor Ltd” بين عشية وضحاها، حديث منصات التواصل الاجتماعي، رغم أن اسمها لم يكن مألوفاً حتى في السوق الهندية، بعد أن قفزت قيمتها السوقية إلى أكثر من 1.7 مليار دولار، رغم أنها سجلت إيرادات سلبية في آخر نتائجها المالية، وتوظف فقط موظفين اثنين بدوام كامل، ولا تربطها سوى علاقة هامشية بقطاع أشباه الموصلات بعد تحولها من نشاط العقارات مطلع 2024.
صعود بلا أساس.. وتحقيقات تنظيمية
الارتفاع الجنوني للسهم جاء مدفوعاً بمزيج من الضجة الإلكترونية، وندرة الأسهم المتاحة للتداول، وحماس المستثمرين الأفراد في الهند، ما أدى إلى 149 جلسة متتالية من الارتفاعات القصوى، رغم تحذيرات البورصة والشركة نفسها. لكن الزخم بدأ يتراجع، إذ انخفض السهم 6% عن ذروته في 7 نوفمبر، فيما فتحت هيئة الأوراق المالية الهندية تحقيقاً في هذه القفزة بحثاً عن أي مخالفات، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية Business”.
القصة قد لا تؤثر على موجة الصعود العالمية لأسهم الذكاء الاصطناعي التي أضافت تريليونات الدولارات لعمالقة مثل “إنفيديا”، لكنها تكشف عن مدى التطرف في بعض جيوب السوق، خصوصاً في الهند التي تفتقر لشركات مدرجة في قطاع الرقائق، ما جعل المستثمرين يندفعون وراء أي فرصة مرتبطة بهذا القطاع.
خلف الكواليس.. من العقارات إلى الرقائق
تحول الشركة بدأ مطلع 2024 عندما استحوذ مؤسسها راجيندرا شودانكار على شركة صغيرة عبر تسوية قرض قيمته 80 مليون روبية، ثم غيّر اسمها إلى “RRP Semiconductor”. ورغم أن الشركة المدرجة لا تملك أي نشاط فعلي في تصنيع الرقائق، فإن ارتباطها بشركة خاصة تابعة للمؤسس تعمل في مجال التجميع والاختبار ساهم في تعزيز السردية حولها.
في أحدث إفصاح، أكدت الشركة أنها لم تبدأ أي نشاط لتصنيع أشباه الموصلات ولم تتقدم للاستفادة من برامج الدعم الحكومي، كما نفت أي ارتباط بمشاهير.
ومالياً، سجلت خسائر صافية بلغت 71.5 مليون روبية في الربع الأخير، مع إلغاء طلبية ضخمة كانت وراء الإيرادات السابقة، وظهرت إيراداتها الفصلية الأخيرة بأرقام سلبية.
في أبريل من هذا العام، سحبت البورصة موافقتها على بيع أسهم الشركة، وهو قرار طعنت فيه شركة RRP أمام محكمة الاستئناف، ولا يزال الحكم معلقًا. وفي أكتوبر، حذرت البورصة المستثمرين بعد عام من وضع السهم تحت رقابة مشددة.
جاء الرفض عقب تذكير من هيئة الأوراق المالية والبورصات في الهند (SEBI) في سبتمبر 2024 بأن الشركة ممنوعة من دخول سوق الأوراق المالية لأنها تابعة للمجموعة المؤسسة لشركة شري فينديا لصناعة الورق، وهي شركة شطبتها بورصة بومباي للأوراق المالية (BSE) عام 2017 لعدم امتثالها للقوانين، ما أدى إلى حظر تداول أسهمها لمدة 10 سنوات.
وقال مصدر مطلع على التطورات في بورصة بومباي للأوراق المالية إن البورصة عانت من “خلل داخلي” في معالجة الطرح، وقد تطلب توجيهات من هيئة الأوراق المالية والبورصات بشأن تمديد فترة حظر تداول الأسهم لحين البت في الاستئناف.
صرح متحدث باسم بورصة بومباي للأوراق المالية (BSE) بأن شركة RRP ذكرت في طلبها الأصلي أن الشركة ومؤسسيها ومديريها غير ممنوعين – بشكل مباشر أو غير مباشر – من دخول السوق، وأن موافقة البورصة استندت إلى هذا الإفصاح.
ومع ارتفاع سعر السهم من 20 روبية في أبريل 2024، استقال أكبر مساهم في الشركة، شودانكار، من مجلس الإدارة، واستقال المدير المالي قبل أن يعود إلى منصب سكرتير الشركة. وقدّمت RRP بلاغًا للشرطة ضد أحد المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي بتهمة نشر شائعات حول صلاتها المزعومة بلاعب الكريكيت تيندولكار، وأرض خصصتها الدولة لتصنيع الرقائق الإلكترونية.
وفي بيانٍ للبورصة بتاريخ 3 نوفمبر، ذكرت الشركة أنها “لم تبدأ بعد أي أنشطة لتصنيع أشباه الموصلات”، ولم تتقدم بأي طلبات ضمن البرامج الحكومية، ونفت أي ارتباط لها بشخصيات مشهورة.
مع تراجع الزخم وتشديد الرقابة، يبقى الخطر الأكبر على المستثمرين الذين اندفعوا وراء الحلم، وعلى المؤسس الذي يسيطر على معظم الأسهم القابلة للتداول.


