مشروع توشكى العملاق يعد أحد المشروعات القومية العملاقة التي نجح الرئيس عبد الفتاح السيسي في إعادة الحياة فيها من جديد في عام 2017، واستغل المساحات التي تصلح للزراعة، وتحويل المناطق التي لا تصلح للزراعة إلى مناطق خدمية، تقام بها أماكن السكن، والطرق، والمصانع، والمنشآت، ووفرت الدولة الاعتماد المالي المناسب ليستمر المشروع بقوة على أرض الواقع، حتى تتحقق الاستفادة المأمولة منه.
توشكى وتأمين الأمن الغذائي
ففي وسط الصحراء وفى أقصى الجنوب الشرقي لمصر، تلمع المساحات الخضراء لمشروع توشكي القومي “أمن مصر الغذائي” الذي أولى الاهتمام به والتوسع فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
فهو يعد من أضخم المشروعات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، بجانب أن الدولة تبذل جهودا كبيرة لمواصلة عملية الاستصلاح وتوسيع الرقعة الزراعية وذلك من أجل تحقيق الأمن الغذائي وتعظيم التصنيع الزراعي.
طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة نقل الصورة كاملة للشعب المصري لما يحدث في توشكي من جهد وتعب ونحت في الصخر لتأمين الأمن الغذائي.
وقال الرئيس السيسي، في مداخلة هاتفية مع الإعلاميين أثناء جولتهم في مشروع توشكي، في إطار جولة نظمتها إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة: ما يجري على أرض توشكي يعد إنجازا بكل المقاييس، وليس في توشكى فقط بل في الفرافرة وشرق العوينات وعين الدلة وغيرها من المشروعات الزراعية، ضمن أراضي المليون ونصف المليون فدان، مؤكدًا أن المصريين العاملين في تلك المشروعات لا بد أن يعلم عنهم المصريون ما يفعلونه لأجلهم.
4 ملايين فدان في عام
وأوضح: نستهدف الوصول إلى 3 و4 ملايين فدان خلال مدة زمنية لا تزيد على عام من الآن، وأنجزنا جزءا كبيرا من ذلك، ونحن ننهي الآن شغل محطات رفع المياه والترع وقنوات الري وشبكة الكهرباء وتسوية الأرض، لكي نكون جاهزين على موسم القمح المقبل، مضيفا: نرحب بكم ونرجو ألا نكون أثقلنا عليكم في هذا اليوم، ولكن هذا يوم في حب مصر.
وأشار السيسي إلى أن مصر تتجه في الفترة الأخيرة إلى التصنيع الزراعي مثلما تم في مشروع شرق العوينات وتم إنشاء مصنع البطاطس، إذ يتم الآن تدشين مصنع للأخشاب يعتمد على جريد النخل بأحدث التقنيات العالمية، وهو الأمر الذي ستتوسع فيه مصر والحكومة خلال الفترة المقبلة.
أمن مصر الغذائي في توشكى
وفي هذا الصدد، قال المهندس حازم عبد المنعم، نقيب الزراعيين بمحافظة أسوان، إن مشروع توشكي هو أحد أهم مشروعات الدولة الزراعية القومية التي تساعد على توفير ملايين المنتجات الزراعية المختلفة، من خلال استصلاح واستزراع حوالي 600 ألف فدان حول منخفضات توشكي، وتخصيص الأراضي للمستثمرين وشركات تابعة للدولة، في إطار خطة توسيع رقعة المساحة المزروعة من 5% إلى 25% من مساحة مصر بكل ما يترتب عليه من آثار ديموغرافية واقتصادية واجتماعية.
وأوضح عبد المنعم ـ في تصريحات له، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أولى اهتماماً بالغاً بمشروع توشكى باعتباره مستقبل مصر للاستثمار الزراعي في الخير والنماء، خاصة بعد إضافة مساحات زراعية جديدة فى الفترات الماضية لزيادة الرقعة الزراعية لتصبح أراضي زراعية جاهزة للاستغلال الأمثل والتي يمكن أن تحقق طموحات الشباب في توفير فرص عمل حقيقية لهم.
وأشار إلى أن مشروعات التنمية الزراعية فى مصر تتم في إطار التوسع الأفقي، ومنها مشروع توشكى على مساحة 600 ألف فدان، ولذلك فإن هذه المشروعات لها أهمية استراتيجية فى التحديات التي تواجه الأمن الغذائي على مستوى العالم، مؤكدا أن الدولة المصرية كانت جاهزة للتعامل مع هذا الأمر، وكان اهتمام الرئيس بالتوسع في الزراعة بمشروع توشكى له الأثر البالغ في ذلك، بعد جهود إحياء المشروع عن طريق الاهتمام بالبنية التحتية وتطويرها من خلال شق الترع وتوفير شبكات الكهرباء والطاقة وحل جميع المشكلات وتعزيز نقاط الضعف التي كان يعانى منها المشروع فى السنوات الماضية.
وأكد أن مشروع توشكي يتميز بالإنتاج المبكر عن باقي محافظات الجمهورية، للكثير من المحاصيل خاصة القمح وبعض الثمار الأخرى، بسبب ارتفاع درجة الحرارة والطقس الجاف فى المنطقة، مشيراً إلى أنه يتم زراعة العديد من الأصناف الممتازة من محصول القمح والتي تعطى إنتاجية كبيرة للغاية تتراوح ما بين 20 إلى 24 إردب للفدان، موضحاً أنه تم افتتاح صومعة الراجحي بمنطقة توشكي العام الماضي، وتصل طاقتها الاستيعابية إلى 30 ألف إردب من أجل استقبال محصول توشكي وأبو سمبل من القمح.
وأضاف أن مزرعة النخيل فى توشكي ستحقق الاكتفاء الذاتي من التمور وتفتح أفاقا جديدة للتصدير وتساهم في زيادة الدخل القومي، ومن المستهدف زراعة 2.3 مليون نخلة من أجود الأصناف والأنواع، تساهم المزرعة في إنتاج فسائل جديدة تزيد نسبة زراعات الأنسجة على مستوى مصر بأكملها وتوفر الاستيراد من الخارج.
مكاسب مشروع توشكي
يعد مشروع توشكي أحد المشروعات القومية العملاقة التي قامت الدولة بإعادة إحيائها مرة أخرى من خلال حل كافة المشكلات التي كانت تعوق المشروع، وذلك بتوجيهات الرئيس السيسي، فهذا المشروع هو الأكبر من نوعه في قطاع الاستصلاح الزراعي في الشرق الأوسط، حيث عملت الدولة على توفير جميع المقومات اللازمة لنجاحه، وهو الأمر الذي تطلب القيام بحجم أعمال هائل في كافة جوانب ومكونات المشروع للنهوض به سواء على الجانب الإنشائي والبنية الأساسية، أو الفني، أو ما يتعلق بتوفير مياه الري ومصادر الطاقة، وكذلك إنشاء المحاور لربط المشروع بشبكة الطرق القومية، وتوفير الموارد المالية لكل تلك العناصر.
وتبذل الدولة جهود كبيرة لإنشاء مجتمعات زراعية متكاملة لها مردود وعوائد اقتصادية كبيرة، وتدعم الأمن الغذائي وزيادة الصادرات، وتحقق طفرة زراعية، فضلًا عن توفير الآلاف من فرص العمل في إطار نهضة تنموية شاملة، حيث يعتبر مشروع توشكي من أهم المشروعات التي يجري تنفيذها في القطاع الزرعي، ويوجد به أكبر مزرعة تمور في الشرق الأوسط من حيث عدد النخيل وأجود انواع التمور مثل المجدول والبرحى، إلى جانب المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية مثل: “القمح والخضر والموالح والمانجو”.
تم تدشين مشروع توشكي منذ 25 عامًا في يناير عام 1997، حيث عانى من الإهمال وسوء الإدارة، حتى جاء قرار الرئيس السيسي في عام 2014 بإعادة إحياء المشروع ضمن خطة الدولة لإطلاق عدد من المشروعات الكبرى، وتنفيذًا لبرنامج الرئيس السيسي لاستصلاح مليون فدان ضمن الخطة القومية لاستصلاح 4 ملايين فدان خلال 4 سنوات، حيث زار المشروع المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، فى ذلك الوقت فى 23 يوليو 2014 للتعرف على المشاكل التي تواجهه، وذلك بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالبدء فورًا في استكماله.
يأتي المشروع في إطار خطة الدولة لتوسيع رقعة المساحة المعمورة من 5% إلى 25% من مساحة مصر بكل ما يترتب عليه من آثار ديموجرافية واقتصادية واجتماعية والخروج من الوادي الضيق، ويهدف المشروع لاستصلاح واستزراع حوالى 600 ألف فدان حول منخفضات توشكى، وذلك من خلال تخصيص هذه الأراضي لمستثمرين ولشركات تابعة للدولة منها شركة جنوب الوادي وشركة الظاهرة الإماراتية وشركة الراجحي السعودية والشركة الوطنية.
أفضل مشروع بيئي في العالم
ويحقق المشروع طموحات الشباب في توفير فرص عمل حقيقية لهم، خاصة أنه تم تنفيذه بغرض استصلاح واستزراع وخلق مجتمعات عمرانية جديدة، فقامت وزارة الري بإنشاء البنية القومية للمشروع على مساحة 350 ألف فدان، وتم وضع المشروع ضمن خطة البرنامج الرئاسي لزراعة 4.5 مليون فدان، باعتباره أحد أهم المشروعات القومية في مجال الزراعة لتوفير ملايين المنتجات الزراعية المختلفة للدولة.
تستهدف الدولة زراعة 2.5 مليون نخلة من النخيل العربي المتميز، وتخطط لمشروعات للإنتاج الحيواني والسمكي حول مناطق الزراعة في مشروع توشكي، حيث يمتلك المشروع ميزة نسبية في جودة المنتجات الزراعية والحيوانية، فهو أحد نماذج النفاذ للأسواق الخارجية، وتتحول المنطقة إلى منطقة جذب للاستثمار الزراعي والتصنيعي، ويستهدف المشروع زراعة محاصيل غير تقليدية في الإنتاج والتصدير، فهو لديه القدرة أيضًا في تجربة مشروعات البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي الخضر.
والجدير بالذكر، كانت اختارت مؤسسة “ENR” الأمريكية الخاصة بالاستشارات الهندسية مشروع تطوير قرى توشكى الجنوبية في مصر، كأفضل مشروع بيئي في العالم.