دعا الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد “خيار ثالث” لأزمة انتخابات الرئاسة بعد نحو 11 شهرا من الشغور، وحذّرهم من أن المجتمع الدولي سينبذهم إذا استمرت أزمة الفراغ الرئاسي في البلاد.
وقال لودريان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية بعد 3 أشهر من بدء مهمة كلّفه بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحاولة إخراج لبنان من أزمته، “من المهم أن تضع الأطراف السياسية حدا للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين، وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث”.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022، أخفق البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس، إذ لا يحظى أي فريق بأكثرية واضحة في البرلمان.
مشاورات وجلسة مفتوحة
وفي مواجهة ذلك المأزق المستمر، اقترح الموفد الفرنسي على المسؤولين إجراء “مرحلة مشاورات مقتضبة”، يليها اجتماع فوري ومفتوح للبرلمان حتى انتخاب رئيس.
وتنسجم مبادرة لودريان مع اقتراح أعلنه رئيس البرلمان نبيه بري نهاية الشهر الماضي، وتتضمن دعوة الكتل البرلمانية إلى عقد جلسات حوار لمدة 7 أيام بحد أقصى خلال الشهر الحالي، على أن تليها جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس.
لكن كتلا برلمانية رئيسة رفضت اقتراح نبيه بري بالجلوس حول طاولة حوار من أجل التوافق على شخصية رئيس، معدّة أن الأولوية يجب أن تكون للتوجه إلى البرلمان لانتخاب الرئيس مباشرة. وتفضّل تلك الكتل الاحتكام إلى اللعبة الانتخابية الديمقراطية، وأن يفوز المرشح الذي يحظى بالعدد الأكبر من الأصوات.
المرشحون للرئاسة
ويدعم حزب الله، اللاعب السياسي الأبرز في البلاد الذي يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة وحلفاؤه، الوزير السابق سليمان فرنجية للرئاسة، بينما تبنّت أحزاب وشخصيات معارضة ومستقلة ترشيح الوزير السابق والمسؤول في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور.
وإلى جانب ذلك، يتردد بوتيرة متزايدة اسم قائد الجيش، العماد جوزيف عون، مرشحا بديلا غير محسوب مباشرة على أي فريق سياسي. وكان جوزيف في عداد شخصيات عدة التقاها مسؤولون محليون وأجانب، بينهم لودريان.
وردا على سؤال بشأن الرئيس القادم، رفض لورديان تسمية مرشح، مؤكدا أنه ليس إلا “وسيطا”، وأن الأمر متروك للبنانيين لإبرام تسوية.
وقال، “أجريت مشاورات أظهرت أن أولويات الأطراف الفاعلة يمكن بسهولة أن تكون موضوع توافق”.
وكان لودريان قد دعا المسؤولين اللبنانيين عقب زيارته الثانية إلى بيروت في يوليو/تموز الماضي، إلى تحديد الأولويات والكفاءات المطلوب توفرها لدى الرئيس المقبل.
ومنذ تعيينه في يونيو/حزيران الماضي مبعوثا خاصا، زار لودريان لبنان 3 مرات، آخرها الشهر الحالي، والتقى مسؤولين لبنانيين وقادة أحزاب فاعلة دون أن تثمر جهوده، في حين يعتزم القيام بزيارة رابعة خلال الأسابيع المقبلة.
ويزيد الشغور الرئاسي في لبنان الوضع الاقتصادي سوءا في وقت تشهد البلاد منذ 2019 انهيارا اقتصاديا، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850.
نبذ المسؤولين
وفي تصريحات أخرى، لصحيفة “لوريون لوجور” اللبنانية اليومية، قال جان إيف لودريان، إنه يعتزم استضافة سلسلة من “المشاورات” بين الفاعلين السياسيين، ويأمل أن يبدأ رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ذلك في دعوة البرلمان للانعقاد في “جلسات متعاقبة ومفتوحة”.
وأضاف “يحدوني أمل أن يدرك الفاعلون (السياسيون) أنه يتعين عليهم العثور على مخرج، وإلا سينبذهم المجتمع الدولي، ولن يرغب أحد في رؤيتهم بعد ذلك، ولن يكون طلب الدعم من هنا أو هناك أمرا مقبولا”.
وأدى عدم اختيار رئيس إلى تفاقم التوترات الطائفية في لبنان الغارق بالفعل في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم، ويواجه شللا سياسيا غير مسبوق، بينما لا تملك حكومته سوى صلاحيات محدودة.
ولم ينفّذ لبنان إصلاحات مطلوبة للحصول على 3 مليارات دولار تمويلا من صندوق النقد الدولي. واتهم صندوق النقد مَن وصفهم بـ “أصحاب المصالح الخاصة” باعتراض سبيل التقدم.
وتقدمت دول مانحة للمساعدة في تمويل الخدمات العامة، لكن خيبة أملها تفاقمت بعد طلب لبنان لمزيد من التمويل.
وقال لودريان، إن 5 دول رئيسة؛ وهي: الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والسعودية ومصر، كانت تنسق سياسات لمساعدة لبنان على الخروج من مأزقه السياسي، لكنها بدأت تعيد النظر في المساعدة.
وأضاف المبعوث الفرنسي الخاص أن “الدول الخمس تتساءل: إلى متى نستمر في مساعدة لبنان”؟ وناقشت هذه الدول بالفعل إجراءات من المحتمل اتخاذها ضد السياسيين والجماعات التي تعرقل انتخاب الرئيس.