قالت رئيسة مجموعة الأزمات الدولية كومفورت إيرو، إننا قلقون بشأن درجة الانتقام التي تحدث في قطاع غزة، التي أدت إلى مقتل أكثر من 17 ألف فلسطيني، وعدد من الأطفال الأبرياء والنساء والرجال، وإن مجموعتها كانت من أولى المنظمات التي دعت إلى وقف إطلاق النار في القطاع من أجل تجنب الكارثة، و”هذا الجنون الإنساني الذي نراه”.
وعلى هامش منتدى الدوحة الذي عُقد الأيام الماضية في العاصمة القطرية، أضافت إيرو -في حوار مع الجزيرة نت- أننا “لم نر أبدا مشهد الصراع في العالم بهذا القدر من الكآبة والكارثية”، ومع ارتفاع التوترات الجغرافية السياسية والصراعات الإقليمية، فإن النظام متعدد الأطراف يعجز عن التعامل مع هذه النزاعات، و”نحن بحاجة للتفكير في طرق جديدة من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية”.
ومرّ على عمل مجموعة الأزمات الدولية نحو 3 عقود، انتشرت خلالها في 55 دولة حول العالم، بوصفها منظمة مستقلة غير ربحية، وتعتمد في مواردها المالية على الحكومات التي تهتم بالسلام والحكومات الأوروبية والمؤسسات وكذلك الأفراد.
لم نر أبدا مشهد الصراع في العالم بهذا القدر من الكآبة والكارثية، وفي وقت نشهد فيه ارتفاع التوترات الجغرافية السياسية، وعجز النظام متعدد الأطراف عن التعامل معها
وفي ذلك تقول رئيسة مجموعة الأزمات “نحن شفافون، ومستقلون، ولسنا تحت رحمة أحد، نحن تحت رحمة مجموعة واحدة فقط؛ تلك المجموعات التي تعاني من آثار النزاع، وهؤلاء الأشخاص وحدهم من نستجيب لهم، وهم الذين نمثلهم”.
وإلى تفاصيل الحوار..
-
ما الأهداف التي تسعى مجموعة الأزمات الدولية إلى تحقيقها؟
إن اهتماماتنا تتركز في المقام الأول على التحذير المبكر وحل النزاعات وتخفيف حدتها، وهدفنا هو تقديم تحليل للسياسات، مع توفير توصيات واضحة وخيارات تساعد صناع القرار في كيفية إنهاء القتال والنزاع، وكيفية وقف العنف وإنقاذ الأرواح.
لذا فإن جميع محللينا -الموجودين في الدول التي نعمل فيها- يقضون كثيرا من الوقت في جمع الحقائق الميدانية، ونركز على الخيارات السياسية، ونحدد التوصيات، ونستخدمها من أجل محاولة دفع الأطراف نحو الاتجاه الصحيح، أو نحو الاتجاه الذي نعتقد على أساس الحقائق الميدانية أنه يمكن أن يساعد في وضع حل للنزاع.
-
وهل تحققت هذه الأهداف رغم ما نشاهده من صراعات وكوارث حول العالم؟
نحن نؤمن بأن الوقاية هي الأفضل والأقل تكلفة، ونؤمن كذلك بأن التحرك المبكر والتركيز على كيفية الوقاية وتجنب الأزمات هو أكثر تكلفة وأكثر أهمية، وهو الطريقة التي يمكننا من خلالها التعامل مع القيمة الإنسانية.
بينما أتحدث إليك اليوم، لم نر أبدا مثل هذا الحجم من معاناة البشر، ولا مثل هذا الحجم من الكارثة الإنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ربما باستثناء الإبادة الجماعية في رواندا.
علينا أن نفكر في كيفية إنهاء الحصار، وإدخال المزيد من الوقود والطعام والكهرباء، وبناء ممر إنساني لمساعدة الفلسطينيين؛ فلا يمكنك ضرب بلد بأكمله بهذه الطريقة
واليوم، رأينا نزوح 7 ملايين شخص في السودان فقط، و19 مليون طفل لم يعودوا قادرين على الذهاب إلى المدرسة. كما أن هذا البلد على حافة المجاعة، نحن نشاهد انهياره. والأمر نفسه في اليمن.
أما الوضع في منطقة الساحل الأفريقي؛ فهناك 7 انقلابات، ونحن ننظر إلى الوضع في هايتي، حيث صعود المجموعات التي تحاول تقويض الجهود المبذولة لإعادة إعمار البلاد. ثم نرى عدوان روسيا في أوكرانيا.
من أجل ذلك، فإننا لم نر أبدا مشهد الصراع في العالم بهذا القدر من الكآبة والكارثية، وفي وقت نشهد فيه ارتفاع التوترات الجغرافية السياسية وعجز النظام متعدد الأطراف عن التعامل مع حالة النزاعات التي نراها؛ ومن ثم فهذه لحظة خطيرة جدا ونحن بحاجة للتفكير في طرق جديدة من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية التي نراها.
-
ما جهود مجموعة الأزمات الدولية في إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟
أنا سعيدة جدا بأن مجموعة الأزمات كانت واحدة من أولى المنظمات التي دعت إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من أجل تجنب الكارثة هذه، وتجنب هذا الجنون الإنساني الذي نراه.
لقد “كنا واضحين جدا بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وعن أراضيها، والصدمة التي كان على إسرائيل مواجهتها كان من الضروري بالنسبة لها اتخاذ إجراء”. ومع ذلك، نحن قلقون بشأن درجة الانتقام التي تحدث، التي أدت إلى مقتل أكثر من 17 ألف فلسطيني، وعدد من الأطفال الأبرياء، والنساء، والرجال، والشباب.
من المهم أن نعلم أن مجموعة الأزمات -وفقا لمهمتنا في محاولة العثور على طريق للخروج من الأزمة- خرجنا الأسبوع الماضي بإحاطة تسمى “طريقة للخروج من غزة”. ونحن إذ “نظهر التعاطف مع إسرائيل، فيجب علينا -أيضا- أن نظهر التعاطف والاعتراف بالطموحات الفلسطينية”.
نحن شفافون، ومستقلون، ولسنا تحت رحمة أحد، نحن تحت رحمة مجموعة واحدة فقط؛ تلك المجموعات التي تعاني من آثار النزاع، وهؤلاء الأشخاص وحدهم من نستجيب لهم
بالنسبة لنا اليوم، يجب أن نجد طريقة للعودة إلى العمل الإنساني، والتفكير في كيفية دخول المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة، والتفكير في تبادل الأسرى والسجناء الذين كانت قطر والولايات المتحدة والآخرون يعملون عليه بعناية كذلك.
ثم علينا أن “نفكر في كيفية إنهاء الحصار، وكيفية إدخال المزيد من الوقود والطعام والكهرباء، وبناء ممر إنساني لمساعدة الفلسطينيين؛ فلا يمكنك ضرب بلد بأكمله بهذه الطريقة”، و”يجب علينا أن نفكر جيدا في كيفية جلب الطمأنينة لإسرائيل”، مع كيفية إعادة الحكم إلى غزة أيضا.
كما أننا “في لحظة خطيرة هنا؛ لأننا شهدنا زيادة في العنف الذي يرتكبه المستوطنون في الضفة الغربية، وهناك نقطة ضغط حقيقية في المنطقة اليوم، وتجنب الكارثة الأصلية يجب أن يكون محور اهتمام الجميع في المستقبل”.
-
هل استطاعت مجموعة الأزمات الدولية الحد من العنف والكوارث الإنسانية؟
نحن منظمة غير ربحية مستقلة، ونعمل في أكثر من 55 دولة، في 6 مناطق، من أميركا اللاتينية إلى أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي أوروبا وآسيا الوسطى. وما يهمنا هو شيء واحد فقط؛ هو كيفية إنقاذ الأرواح.
ولذلك نحن نتحدث مع أي شخص يرغب في التحدث إلينا، ومن المهم حقا أن نتمكن من جمع المعلومات، وتحليلها وتشكيل رد فعل لمساعدة جميع الأطراف المهتمة بالسلام.
وهذه المنظمة مستمرة منذ نحو 3 عقود، ففي 2025 سنكمل 30 عاما من العمل، وعملنا منذ البداية في البوسنة ورواندا والصومال، وكانت مهمتنا هي ضمان عدم تكرار هذه الكوارث. واليوم نجد أننا في لحظة توجد فيها أزمة في صنع السلام، ونحاول المساعدة في العثور على طريقة لتخفيف التوترات.
-
هذا الانتشار يحتاج إلى موارد من أجل تحقيق هذه الأهداف، فمن أين يأتي الدعم المالي للمجموعة؟
نحن شفافون جدا بشأن الموارد المالية التي نحصل عليها من الحكومات التي تهتم بالسلام، ونحصل عليها كذلك من الحكومات الأوروبية، والمؤسسات، والأفراد، وكل هذا موجود على موقعنا الإلكتروني، “فنحن شفافون، ومستقلون، ولسنا تحت رحمة أحد”.
نحن تحت رحمة مجموعة واحدة فقط؛ تلك المجموعات التي تعاني من آثار النزاع، وهؤلاء الأشخاص وحدهم من نستجيب لهم، وهم الذين نمثلهم، ونحن كوننا منظمة خاصة نتحدث باسم الأشخاص الذين لا صوت لهم، وباسم الملايين الذين يجدون أنفسهم في صراعات اليوم؛ فهؤلاء هم جمهورنا، وهؤلاء هم الأشخاص الذين يحاسبوننا.
-
ما الإسهام الذي شاركت به مجموعة الأزمات الدولية في منتدى الدوحة 2023؟
إننا نعدّ أنفسنا شركاء في السلام ولأي منظمة أو أي دولة تركز بشكل كبير على الوساطة والدبلوماسية. لقد شاهدنا في العقد الماضي رغبة أكبر في الخيارات العسكرية وفي القتال، والحسم عبر ساحات المعارك. ومنتدى الدوحة كان فرصة يمكن من خلالها التركيز حقا على التفاصيل الدقيقة للدبلوماسية.
ولقد وضعت قطر نفسها في طليعة الراغبين في الوساطة، سواء داخل منطقتها أو في أفريقيا وأماكن أخرى من العالم؛ لذا عندما نرى الدول والمؤسسات تركز على الدبلوماسية والحوار والنظر في خيارات السلام، فإننا نرغب في الشراكة والتفاعل معها؛ لأن تركيزنا هو كيفية تشكيل السلام وكيفية التأثير في صناع القرار. ونرى أن قطر صانع قرار حاسم.