أصدرت الخارجية الأميركية تقريرها السنوي لحقوق الإنسان، الذي رصد الوضع الحقوقي في نحو 200 دولة ومنطقة حول العالم. يأتي ذلك بينما يثور الجدل بشأن معايير واشنطن المزدوجة إزاء القضايا الحقوقية.
وأشار وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في مقدمة التقرير، أمس الاثنين، إلى أن الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة لا يزال يثير مخاوف وقلقا عميقا بشأن حقوق الإنسان.
وانتقد الوزير الهجمات “الإرهابية الوحشية” التي شنتها حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 230 رهينة.
وأكد بلينكن أنه بينما “تمارس إسرائيل حقها في الدفاع عن النفس”، فإنه يجب أن تقوم بعمليات عسكرية وفقا للقانون الدولي، وأن تتخذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين.
وعبر الوزير عن مخاوفه “العاجلة” بشأن مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين في غزة، من بينهم النساء والأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة وغيرهم من الأشخاص المستضعفين.
وأضاف “أعربنا مرارا وتكرارا عن قلقنا بشأن إمكانية حصول المدنيين الفلسطينيين على المساعدات الإنسانية وتهجير غالبية سكان غزة، والعدد غير المسبوق من الصحفيين الذين قتلوا”.
وتابع “أدنا مرارا وتكرارا سوء استخدام حماس البغيض للمدنيين والبنية التحتية المدنية كدروع بشرية، واستمرار رفضها إطلاق سراح جميع الرهائن، كما نواصل إدانة مستويات العنف القياسية في الضفة الغربية، منها الهجمات التي يشنها المستوطنون المتطرفون العنيفون ضد المدنيين الفلسطينيين”.
اتهامات قيد المراجعة
وفي المؤتمر الصحفي ذاته، نفى بلينكن وجود “ازدواجية المعايير” في تطبيق القانون الأميركي على مزاعم ارتكاب الجيش الإسرائيلي انتهاكات في غزة، قائلا إن هذه الاتهامات قيد المراجعة.
وتساءل الوزير “هل لدينا معايير مزدوجة؟ الإجابة لا”. ومضى يقول “بصورة عامة، بينما ننظر إلى حقوق الإنسان ووضعها حول العالم، فإننا نطبق المعيار نفسه على الجميع. هذا لا يتغير سواء كان البلد (المعني) خصما أو منافسا أو صديقا أو حليفا”.
وقال بلينكن “حين يتعلق الأمر بمزاعم وقوع حوادث أو ما إذا كانت تمثل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي أو لحقوق الإنسان.. فإن لدينا عمليات داخل الإدارة تنظر في تلك الحوادث التي أثيرت. وهذه العمليات مستمرة”.
وأثار المدافعون عن حقوق الإنسان تساؤلات حيال المعايير المزدوجة لواشنطن إزاء الأوضاع الحقوقية، قائلين إن واشنطن سارعت إلى إدانة تصرفات روسيا، على سبيل المثال، في حربها على لأوكرانيا، لكن إدارة بايدن تتردد في انتقاد إسرائيل.
خداع أميركي
وردّ كبير مستشاري البرنامج الأميركي في مجموعة الأزمات الدولية، برايان فينوكين، على تعليقات بلينكن، قائلا إن هناك “خداعا” في القول إن الشركاء والخصوم يتلقون المعاملة نفسها.
وقال فينوكين، محامي وزارة الخارجية السابق، “مع خصوم مثل روسيا، هناك مطلب سياسي لاتخاذ قرارات شبه قانونية ومعلنة تجاه جرائم تمثل فظائع. ومع شركاء مثل إسرائيل، هناك مطلب سياسي معاكس لتجنب التوصل إلى أي استنتاجات قانونية غير ملائمة”.
روسيا
وتوقف التقرير عند الحرب الروسية على أوكرانيا في عامه الثاني، وأكد الوزير بلينكن أن “تجاهل الكرملين وازدراءه لحقوق الإنسان ظهر بشكل كامل في حربه ضد أوكرانيا حيث تستخدم القوات الروسية العنف ضد المدنيين كأداة حرب متعمدة”.
ويسلط التقرير الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي يرقى بعضها إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، حيث “عانى المدنيون، بينهم الأطفال في أوكرانيا من انتهاكات فظيعة على أيدي القوات الروسية”.
وأدان التقرير “الحملة القمعية التي تشنها روسيا ضد مواطنيها حيث وجهت اتهامات جنائية زائفة لمئات من الروس الذين تحدثوا ضد حرب بوتين العدوانية”.
السودان
وفي السودان رصد التقرير إطلاق القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع العنان لأعمال عنف مروعة وموت ودمار، بما في ذلك القتل الجماعي والاعتقالات غير العادلة والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.
إيران والصين
ويسلط التقرير الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان “المستمرة والوحشية” في إيران، ويتهم النظام بممارسة القمع العنيف ضد مواطنيه في الداخل وحتى في الخارج. ويشير إلى أن الإيرانيات وأفراد المجتمعات المهمشة يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان.
ويوثق التقرير الانتهاكات الجسيمة المستمرة لحقوق الإنسان في جمهورية الصين الشعبية، وخصوصا ضد الإيغور ذوي الأغلبية المسلمة، وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى، حيث تواصل الصين ارتكاب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والعمل القسري وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، بحقهم.
أفغانستان
ويتحدث التقرير عن سوء معاملة حركة طالبان المنهجية والتمييز ضد النساء والفتيات في أفغانستان، ويشير إلى أن حركة طالبان أصدرت أكثر من 50 مرسوما “يقضي بمحو النساء فعليا من الحياة العامة”.