قال دونالد ترامب إنه سيكون قادرًا على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا خلال 24 ساعة ، أثناء حملته الانتخابية لاستعادة الرئاسة الأمريكية، وحذر من القضاء على إسرائيل إذا خسر الانتخابات وتعهد بفرض تعريفات جديدة شاملة على الواردات الصينية.
والآن بعد أن أعلن ترامب النصر، يطرح كثيرون في الداخل والخارج سؤالا ملحا: هل سينفذ قائمته الطويلة من التهديدات والوعود والتصريحات في السياسة الخارجية وهل ستواجه أوكرانيا وحشية ترامب بعد فوزه في الانتخابات؟.
وكتب محللون في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في تدوينة خلال الحملة الانتخابية الأمريكية: ‘يظل دونالد ترامب غريب الأطوار وغير متسق عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية’.
وقالوا: ‘لا يزال الأوروبيون يلعقون جراحهم من ولاية ترامب الأولى: لم ينسوا الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق، وعدائه العميق تجاه الاتحاد الأوروبي وألمانيا.
ويرفض ترامب والموالون له مثل هذه الانتقادات، ويصرون على أن الدول الأخرى استغلت الولايات المتحدة لفترة طويلة وأنه سيضع حدا لها.
إنهاء حرب أوكرانيا
إن كيفية رد ترامب على حرب روسيا في أوكرانيا يمكن أن تحدد نغمة أجندته وتشير إلى كيفية تعامله مع حلف شمال الأطلسي وحلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، بعد أن عمل بايدن على إعادة بناء العلاقات الرئيسية التي توترت في عهد سلفه.
وهنأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ترامب على شبكة التواصل الاجتماعي X، واصفًا نهج ترامب القائم على السلام من خلال القوة بأنه ‘مبدأ يمكن أن يقرب السلام العادل عمليًا في أوكرانيا.
وأصر ترامب العام الماضي على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يكن ليغزو أوكرانيا في عام 2022 لو كان في البيت الأبيض، مضيفًا: ‘حتى الآن يمكنني حل ذلك خلال 24 ساعة’. لكنه لم يقل كيف سيفعل ذلك.
ولقد انتقد ترامب دعم بايدن لأوكرانيا وقال إن الولايات المتحدة ستعيد التفكير بشكل أساسي في ظل رئاسته، مما يفتح علامة تبويب جديدة على هدف الناتو.
وقال لرويترز العام الماضي إن أوكرانيا قد تضطر إلى التنازل عن الأراضي للتوصل إلى اتفاق سلام، وهو أمر يرفضه الأوكرانيون ولم يقترحه بايدن قط.
ويتعرض حلف شمال الأطلسي، الذي يدعم أوكرانيا، للتهديد أيضًا.
وحذر ترامب، الذي انتقد لسنوات أعضاء الناتو الذين فشلوا في تلبية أهداف الإنفاق العسكري المتفق عليها، خلال الحملة من أنه لن يرفض الدفاع عن الدول المتأخرة في التمويل فحسب، بل سيشجع روسيا ‘على القيام بكل ما يريدون.
وقال بريت بروين، مستشار السياسة الخارجية السابق في إدارة أوباما: سيواجه الناتو أخطر تهديد وجودي منذ تأسيسه.
بايدن يسابق الزمن في إرسال المساعدات لأوكرانيا قبل تنصيب ترامب
وقال مسؤولون أميركيون إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن تعكف على تسريع إرسال ما تبقى من المساعدات الأمنية والعسكرية إلى أوكرانيا، والتي تتجاوز قيمتها 6 مليارات دولار، قبل تنصيب دونالد ترمب المقرر في يناير.
ونقلت “بوليتيكو” عن مسؤولين في إدارة بايدن قولهم إن هذه الخطة تواجه تحديات كبيرة، لكنها “الخيار الوحيد المتاح أمام البيت الأبيض لمواصلة إرسال المعدات إلى أوكرانيا ومواجهة الهجمات الروسية المتواصلة”.
وأوضحت الصحيفة أن وصول الذخائر والمعدات إلى أوكرانيا عادةً ما يستغرق عدة أشهر بعد الإعلان عن حزم المساعدات، لذا فإن أي شحنات تُسرّع في الأسابيع المقبلة قد لا تصل بالكامل إلا في ظل وجود إدارة ترمب، الذي يُمكنه وقف الشحنات قبل وصولها إلى الأراضي الأوكرانية.
كما يواجه تسريع إرسال هذه المساعدات عقبة كبيرة تتمثل في أن الولايات المتحدة لا يمكنها إرسال سوى المعدات المتوفرة حالياً في مخازنها.
ورغم أن الأموال المخصصة تعوض وزارة الدفاع (البنتاجون) عن تلك المعدات، يعتمد استمرار العملية على سرعة إنتاج القذائف والأسلحة الجديدة أو التعاقد عليها لاستبدال ما يتم إرساله.
وتنقسم الأموال المتبقية من حزمة المساعدات المخصصة لأوكرانيا، والبالغة 61 مليار دولار، وأُعلن عنها في أبريل، إلى جزئين: 4.3 مليار دولار لسحب المعدات من المخزونات الحالية، و2.1 مليار دولار لتمويل عقود أسلحة مع شركات أميركية.
التزام “البنتاجون”
وقال مارك كانسيان، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية يعمل حالياً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “كنا نرسل ما يستطيع القطاع إنتاجه شهرياً، لكن المشكلة تكمن في أنه لا يمكن إرسال هذه المعدات إلا بعد إنتاجها”.
وأضاف: “يمكن للإدارة الاستعانة بالمخزونات وإرسال المعدات بسرعة أكبر، لكن من غير الواضح ما إذا كان البنتاجون سيرغب في ذلك، نظراً لأن ذلك قد يؤثر على جاهزيته”.
بدوره، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) تشارلي ديتز إن “البنتاجون سيظل ملتزماً بمواصلة توفير المساعدات المُصرح بها لدعم أوكرانيا.. نتوقع تقديم المزيد من المساعدات في الأسابيع المقبلة”.
وخلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن، في سبتمبر، أمر بايدن البنتاجون بتخصيص باقي المساعدات العسكرية التي اعتمدها الكونجرس لأوكرانيا قبل نهاية ولايته.
وشمل ذلك خططاً لتوزيع باقي أموال “مبادرة المساعدات الأمنية لأوكرانيا”، وهي الأموال التي يمكن للحكومة استخدامها لبدء إنتاج الأسلحة خصيصاً لأوكرانيا، بدلاً من شرائها جاهزة من المخازن، على أن يتم ذلك قبل نهاية عام 2024.
وقالت “بوليتيكو” إن إحدى التحديات الكبيرة تتمثل في رفض بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة لضرب أهداف داخل روسيا. وكانت هذه المسألة مثار جدل شديد لعدة أشهر، إذ طالبت كييف بالحصول على الضوء الأخضر دون جدوى.
ويرى مسؤولون أميركيون أن استخدام الصواريخ بعيدة المدى داخل روسيا “لن يمنح” أوكرانيا أي ميزة حاسمة على أرض المعركة، وسيستهلك الأسلحة التي ينبغي أن يستخدمها الأوكرانيون ضد القوات الروسية المتقدمة داخل أوكرانيا.
إجراءات ترامب
وكان ترامب ونائبه جي دي فانس انتقدا إدارة بايدن لإنفاقها مليارات الدولارات على المساعدات العسكرية لأوكرانيا، في حين قدمت جميع دول أوروبا مجتمعة نفس المبلغ الذي خصصته واشنطن.
وقال زعماء أوروبيون أنهم بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود لدعم أوكرانيا، ويُرجح أن يروا في انتخاب ترامب حافزاً للاستثمار بشكل أكبر في دفاعاتهم وتقديم دعم إضافي لأوكرانيا، شريطة أن تسمح لهم السياسات الداخلية بذلك.
وتوقع جيم تاونسند، المسؤول السابق في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، أن يكون أول شيء يقوم به ترمب هو “تقليص المساعدات المقدمة لأوكرانيا”.
وقال تاونسند: “أتوقع أن يبدي اهتماماً كبيراً بهذا الأمر.. سيقول: الوعد تم الوفاء به، لكنه سيوقفه مبكراً، وأنا متأكد من ذلك”.
ولا يزال هناك دعم كبير من الجمهوريين في مجلس الشيوخ لاستمرار تقديم المساعدات لأوكرانيا، إذ أرسل السيناتور روجر ويكر، الرئيس المحتمل للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، خطاباً إلى بايدن الشهر الماضي، يحثه فيه على تسريع شحنات المعدات إلى أوكرانيا وتسريع الإنتاج الأميركي قبل نهاية ولايته.