تنتاب المهاجرين في ألمانيا مشاعر خوف وقلق في ظل التأييد غير المسبوق لحزب البديل اليميني في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لكن بعضهم يعلق أملا على المحافظين الذين تصدروا النتائج ويسعون لتشكيل ائتلاف حاكم جديد.
وحصل تحالف الاتحاد المسيحي (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري) على نحو 29% من الأصوات، وحل ثانيا حزب البديل بنحو 20% من الأصوات، وهي ضعف النسبة التي حصل عليها قبل 4 سنوات، في حين جاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس ثالثا بنحو 16% من الأصوات.
ويقول محمد أزموز، وهو حلاق سوري يعيش في برلين ويبلغ عمره 57 عاما، إن الإدلاء بصوته لأول مرة في الانتخابات الألمانية أول أمس الأحد منحه شعورا لا يوصف، لكنه يشعر بالقلق بشأن مستقبله بسبب التأييد غير المسبوق لحزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة.
وأضاف أزموز “ليش هالكراهية هاي (لماذا هذه الكراهية)؟ إحنا جايين لهون عشان نشتغل (نحن أتينا إلى هنا لكي نعمل). فرضنا حالنا بالشغل. ما عُدنا (لسنا) عالة على المجتمع. نحنا بنحب الشعب الألماني”.
كانت سياسة اللجوء في ألمانيا من أهم الموضوعات في انتخابات هذا العام، وزادت من فرص المحافظين وحزب البديل من أجل ألمانيا ليفوزا بالمركزين الأول والثاني على الترتيب.
وبسبب قلقه من تزايد موجة العداء وتكاليف المعيشة، أعطى أزموز صوته لحزب اليسار (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) الذي أطلق حملة لتعزيز العدالة الاجتماعية ووعد بزيادة الدعم للأسر ذات الدخل المنخفض.
وتابع محمد أزموز متحدثا عن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل “نتحسر على الأيام كانت السيدة ميركل مستلمة الحكم، كانت الحياة حلوة ورخيصة، لكن للأسف كله غلي.. وصار مثل الواحد يركض يركض وما عاد يلحق”.
وضع مقلق
وفي خضم ركود اقتصادي، يشعر الألمان من أصول مهاجرة بالقلق بشأن وضعهم المالي أكثر من بقية السكان. فقد وجدت دراسة حديثة أجراها مركز “دي زد آي إم” أن 63.4% من المهاجرين يعتريهم هذا القلق، مقارنة بنحو 46.7% من غير المهاجرين.
ولم يسبق أن بلغ عدد المهاجرين المقيمين في ألمانيا هذا المستوى. ووصل عدد المواطنين الألمان من أصول مهاجرة الذين لهم حق التصويت إلى أكثر من 7 ملايين في انتخابات هذا العام.
وقال آخرون إنهم يشعرون بالمخاوف ذاتها بشأن الحالة الاقتصادية، لكن لا يتطلع جميعهم إلى تيار اليسار.
ويعتقد محمد، وهو حلاق أردني لا يحق له التصويت، أن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا يمثل فرصة لقلب الأمور في البلاد. كما يرى أن ألمانيا لها الحق في حماية حدودها وسكانها.
ويقر محمد بالأخطاء التي يرتكبها مهاجرون، وقال إنه يؤيد اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه مرتكبي الجرائم العنيفة، ويدعم القيود المفروضة على لمّ شمل أسر اللاجئين.
وأضاف “لو كان هناك حزب البديل من أجل ألمانيا في بلدي، فسوف أصوت له”.
الخاسر الأكبر
وكان الحزب الديمقراطي الاجتماعي هو الأكثر شعبية بين المهاجرين في ألمانيا بفضل دفاعه عن حقوق العمال والرعاية الاجتماعية والاندماج. لكنه كان الخاسر الأكبر في انتخابات هذا العام.
وصوت علاء الدين مهنا، وهو سوري يعيش في لودفيغسفيلده بالقرب من برلين، لصالح الحزب الديمقراطي الاجتماعي في عام 2021، لكنه تراجع عن موقفه هذا العام بسبب سياسات الحزب المؤيدة لأوكرانيا والتي يقول إنها أضرت بالاقتصاد.
وقال مهنا “لا يوجد حزب يمثلني حقا”.
وأضاف أن التدهور الاقتصادي كان مصدر قلقه الأكبر في هذا التصويت، مشيرا إلى أنه كان أيضا السبب وراء صعود حزب البديل من أجل ألمانيا.
وتابع “أنا قلق. لن يشكل المحافظون ائتلافا معهم (حزب البديل من أجل ألمانيا) بالطبع ولكن سيكون لهم ثقل كبير كمعارضة وأنا قلق بشأن هذا”.
وقال الحلاق السوري محمد أزموز إنه يأمل أن يقود الزعيم الألماني المقبل فريدريش ميرتس البلاد نحو الرخاء.
وأضاف “نأمل أنه الحزب اللي هلا (الذي) استلم (السلطة) يكون رأفة بالعالم. مو بس (وليس فقط) اللاجئين، (و) بشكل عام المواطن الألماني”.