في مشهد إنساني بسيط، لكنه بالغ الدلالة، بدأت حكاية مختلفة داخل أحد المحال التجارية لبيع الملابس الجاهزة بمحافظة سوهاج، حكاية لم تكن مخططة ولا معدة، لكنها انتهت بقرار أعاد الاعتبار لمعنى العدالة والرحمة في بيئة العمل.
يروي صاحب المحل تفاصيل الواقعة قائلًا إنه أثناء تواجده داخل المحل، دخل إلى أحد الأركان القريبة من دورة المياه، فلاحظ إحدى العاملات تجلس بهدوء وهي تستعد لتناول طعامها، وبعفوية شديدة، بادرها بالمزاح وسألها:” بتاكلي إيه؟ أكليني معاكي”، لتفاجئه بإخراج كيس كشري من حقيبتها، كانت قد اشترته لتسد به جوع يوم عمل طويل.
صدفة تغير حياة
لم يكن المشهد عابرًا بالنسبة له، بل توقف أمامه طويلًا، تلك اللحظة دفعته لمراجعة نفسه، ليس كصاحب عمل فقط، بل كإنسان، ليكتب عبر صفحته على فيسبوك قائلًا:” مرتب 3000 جنيه شهريًا، الذي يراه البعض رقمًا عاديًا، يعني في الحقيقة نحو 100 جنيه في اليوم، وهو مبلغ بالكاد يكفي مواصلات وطعام بسيط، ناهيك عن متطلبات الحياة الأخرى”.
واضاف:” قعدت مع نفسي أفكر… البنت بتصرف كام في اليوم؟ بتركب مواصلات بكام؟ بتاكل إيه؟ وبتعيش إزاي؟”، مؤكدًا أن كيس الكشري لم يكن مجرد وجبة، بل رسالة صامتة عن واقع تعيشه فتيات كثيرات يعملن لساعات طويلة مقابل دخل محدود.
وعلى الفور، اتخذ صاحب المحل قرارًا وصفه بأنه اجب قبل أن يكون فضلًا، معلنًا رفع مرتبات العاملات في جميع الفروع إلى 5000 جنيه شهريًا، إيمانًا منه بأن تحسين الأجور هو أقل ما يمكن تقديمه تقديرًا لجهدهن وصبرهن.
وأكد صاحب المحل أن المبلغ، رغم زيادته، قد لا يكون كافيًا أيضًا في ظل غلاء المعيشة، قائلًا:” والله أنا عارف إنهم ما يكفوش، بس ربنا يسهل، وإن شاء الله أقدر أعوضهم أكتر من كده”.
القصة التي بدأت بكيس كشري داخل محل لبيع الملابس الجاهزة بسوهاج، تحولت إلى رسالة إنسانية صادقة، تؤكد أن أبسط المواقف قد تفتح بابًا للعدل، وأن الرحمة في العمل ليست ضعفًا، بل قوة تُعيد التوازن بين الرزق والكرامة.










