رحل عن عالمنا أمس الكاتب والروائي الكبير حمدي أبو جليل عن عمر ناهز 56 عاماً، وفقًا لما أعلنته ابنته هالة أبو جليل على صفحتها الشخصية فيسبوك.
ونعى المثقفون و المؤسسات الثقافية في مصر حمدي أبو جليل بأعظم الكلمات وتحدثوا عن فقد الأبداع المصري لكاتب مهم مثله.
خسارة كبيرة للإبداع الروائي
من جانبه قال الناقد الأدبي الدكتور محمد سليم شوشة في تصريح خاص لـ صدى البلد: يتميز إبداع حمدي أبو جليل على عدد من المستويات، ربما أبرزها اللغة والثقافة المحلية التي ارتبطت بالمنطقة التي عاش فيها حيث عبر عن بدو الفيوم ولغتهم وعاداتهم وتقاليدهم وعبر عن ثقافة المكان وخصوصيته من حيث أساليب المعيشة وأنماط الحياة المختلفة من الأكل الملبس والشراب ومشاكل المرض والموت.
وأضاف: كان بارعا في توظيف الأمثال واللغة المحلية بتراكيبها وكأنه كان متعصبا أو منحازا للغة العامية والمحلية ولغة الحياة اليومية، وهذا هو ما يميز أهم رواياته من البداية إلى النهاية في مسيرته الروائية، لكني كذلك كنت معجبًا جدًا بكتابته عن القاهرة وكنت معجبا بآرائه الجريئة أو الشجاعة حتى ولو كنت مختلفا معه فيها أو في بعضها وذلك الإعجاب أساسه أنه كان ينتصر لفكرة الاختلاف وحرية الرأي والتعبير وكان معاديا للرجعيين وضد سيطرتهم على الحياة الثقافية، وهذه مزايا تجعله غير محصور في التجربة الإبداعية فقط، بل كان مشغولًا بالحياة العامة في مصر والحياة الثقافية خصوصًا أنه نبه إلى كثير من السلبيات.
وأنهى الدكتور محمد سليم شوشة حديثه قائلًا: يمثل حمدي أبو جليل حالة خاصة بين أبناء جيله، وهو صوت خاص ومتفرد في السرد الروائي، وكان منقبا وباحثا عن أنماط إنسانية مختلفة وزوايا جديدة خاصة به في البحث في المجتمع، ولم يكن سرده مجرد نمط حكائي للترفيه أو التسلية ولكن كان يحمل أبعادا فكرية وإشارات ودلالات اجتماعية مهمة وكان وطنيا مخلصا ومحبا للمكان وللحياة ومنقبا في تفاصيله وكتب عن القاهرة وأماكنها التاريخية بعمق وتفرد وإحساس خاص ولذلك فإن رحيله خسارة كبيرة للإبداع الروائي المصري والعربي ولكن العزاء في بقاء كتابته وفي أنه أنجز مشروعا سرديا له مذاقه الخاص ويتمايز تماما على المستوى النوعي قبل الكم.
روائي استثنائي
وقال درويش: «أجمل ما يميز حمدي أبو جليل أنه طبيعي، متقلب، هوائي وعشوائي وطيب وفنان ومتمرد ومسالم، لا تستطيع أن تضعه في (رف) أو في (درج)، لأنه حالة إنسانية عالية وعميقة ومتشعبة ومتدفقة، لكن ما تستطيع أن تسلم به تجاهه أنه روائي استثنائي، يكتب كما يفكر ويفكر كما يكتب».
وأضاف: «خيري شلبي قال لي مرة إن حمدي أبو جليل ضروري لأي مشهد أدبي وثقافي، مثل يحيى الطاهر عبد الله ومحمد مستجاب، موهبة شاردة وعنيفة تضرب في كل اتجاه بحيث لا تتوقع ظهورها القادم.. حمدي طيب وبريء وإنسان، بقدر ما هو مهموم بقضية التقدم والتحرر».
وأكمل: «لم أكن أتصور أنني سأكتب عنه في غيابه، بعدما كتبت عنه في حضوره كثيرًا، لكن غيابه المفاجئ فصل من فصول شخصيته المباغتة.. رغم ذلك لم أتصور أن يصل محطته الأخيرة بهذه السرعة.. نم قرير العين يا صديقي.. وإلى لقاء».
أهم الروائيين في مصر
قال الكاتب عمر طاهر:”رحيل أبو جليل خسارة كبيرة للوسط الثقافي المصري وكل من هو مشغول بالفكر والفن وهو مكنش مجرد روائي موهوب ولكن حاصل على جوائز وأعماله مترجمة للغات كثيرة”.
وأضاف عمر طاهر، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “حديث القاهرة”، مع الاعلامي خيري رمضان، على قناة القاهرة والناس، أن حمدي أبو جليل كان صاحب موقف ووجهة نظر ونبيل في خصومته ودفاعه عن مواقفه، مؤكدا أن حمدي أبو جليل أحد أهم الروائيين في مصر وكانوا على اتصال طوال الوقت.
وتابع: “حمدي أبو جليل خسارة عظيمة انسانية لمصر قبل الخسارة الفنية والأدبية ووجوده يقوي موقف الثقافة وكان يتميز بطريقة مختلفة في النقد”، مؤكدا أنه اخلص في الكتابة عن شوارع مصر وتاريخ مصر وخسارتنا فيه كبيرة.