في ظل تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي ووصولها إلى طريق مسدود، تتزايد التحذيرات من تداعيات استمرار الأزمة على الأمن المائي المصري، وسط تصاعد القلق الرسمي والشعبي من الآثار المحتملة لأي خطوات تتعلق بملء وتشغيل السد.
ورغم الجهود الدبلوماسية المتواصلة التي قادتها مصر على مدار السنوات الماضية، لم تسفر جولات التفاوض الأخيرة عن نتائج ملموسة تضمن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية التشغيل ويحفظ حقوق دولتي المصب.
وتأتي حالة الجمود الحالية في وقت تواصل فيه إثيوبيا تنفيذ سياساتها المتعلقة بالسد دون توافق، ما يضع ملف سد النهضة في صدارة القضايا الاستراتيجية التي تمس الأمن القومي المصري، باعتباره مرتبطًا بشكل مباشر بحصة مصر من مياه نهر النيل.
ومع تعقد المشهد، تتجه الأنظار إلى التداعيات القانونية والسياسية للأزمة، في ظل تأكيدات خبراء قانونيين على خطورة الموقف وضرورة التعامل معه وفق أطر واضحة تحمي الحقوق المائية المصرية.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، أن مصر باتت أمام ثلاثة سيناريوهات رئيسية للتعامل مع التعنت الإثيوبي، مشيرًا إلى أن فشل المسار التفاوضي والدبلوماسي يفرض واقعًا جديدًا يستدعي دراسة جميع الخيارات المتاحة، في إطار الحفاظ على المصالح العليا للدولة المصرية وحقوقها المشروعة في مياه النيل.
خبير قانون دولي لـ صدى البلد: تعنت إثيوبيا يدفع مصر لثلاث سيناريوهات أبرزها التحرك العسكري
أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام الامين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، أن وصول المفاوضات مع إثيوبيا إلى طريق مسدود يضع مصر أمام ثلاثة سيناريوهات حاسمة يجب التعامل معها بحزم تام لضمان الحقوق المائية التاريخية.
وقال الدكتور مهران في تصريحات حصرية لصدى البلد: “بعد 15 عاماً من المفاوضات الفاشلة والمراوغة الإثيوبية المتعمدة، لم يعد أمام مصر رفاهية الانتظار، السيناريو الأول هو التصعيد القانوني الشامل عبر اللجوء الفوري لمجلس الأمن الدولي مجداا، واستخدام كل الأدوات القانونية المتاحة لفضح الانتهاكات الإثيوبية وإجبار المجتمع الدولي على اتخاذ موقف حاسم.
وأضاف: السيناريو الثاني هو الضغط السياسي والاقتصادي المكثف، حيث يجب على مصر تفعيل كافة علاقاتها الدولية لعزل إثيوبيا دبلوماسياً، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة عليها، ووقف أي دعم دولي لها، واستخدام الورقة الصومالية بفاعلية أكبر لتطويق إثيوبيا إقليمياً.
وحول السيناريو الثالث، أكد الدكتور مهران بحزم ان الخيار العسكري لم يعد مستبعداً، حيث أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تكفل لمصر حق الدفاع الشرعي عن نفسها في مواجهة التهديدات الوجودية، والتهديد المائي الذي تفرضه إثيوبيا على 115 مليون مصري يبرر قانونياً اتخاذ إجراءات حاسمة إذا فشلت كل الوسائل السلمية.
الخيار العسكري حاضر بقوة بعد تهديد الأمن المائي لـ115 مليون مصري
ولفت خبير القانون الدولي إلى أن مصر ستتصرف وفقاً لثلاثة محاور رئيسية لضمان حقها، موضحاً أن المحور الأول هو التحرك الدبلوماسي المكثف لكشف الانتهاكات الإثيوبية أمام العالم، والمحور الثاني هو بناء تحالفات إقليمية ودولية قوية لدعم الموقف المصري، والمحور الثالث هو الاستعداد الكامل لكل السيناريوهات بما فيها الخيار العسكري إذا اقتضت الضرورة.
وشدد الدكتور مهران على أن الرئيس السيسي أكد مراراً أن المياه خط أحمر، وهذا ليس تصريحاً إعلامياً بل موقف استراتيجي حازم، مضيفاً أن مصر لديها كل الأدوات القانونية والسياسية والعسكرية اللازمة لحماية حقوقها، والمسألة الآن هي توقيت استخدام هذه الأدوات بالشكل الأمثل.
واختتم تصريحاته بالقول إن إثيوبيا تلعب بالنار، وعليها أن تدرك أن صبر مصر له حدود، وأن المفاوضات الفاشلة لن تستمر إلى ما لا نهاية، القرار المصري سيكون حاسماً عندما يحين الوقت.


