كشف تقرير إسرائيلي أن الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية للدفع نحو الانتقال إلى المرحلة الثانية من التفاهمات في غزة تصطدم بتقاطع مصالح بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وحركة حماس، في ظل مماطلة متبادلة تبقي الوضع الميداني والسياسي على حاله.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن المرحلة الثانية تتطلب تنازلات جوهرية من الطرفين، إذ ستكون إسرائيل مطالبة بالسماح بإدخال مواد مزدوجة الاستخدام لإعادة الإعمار، وفتح معبر رفح في الاتجاهين، واستكمال انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى محيط السياج الحدودي.
في المقابل، ستطالب حماس بالتخلي عن حكمها لقطاع غزة ونزع سلاحها، بما يشمل ترسانتها العسكرية وشبكة الأنفاق التي لم تُدمَّر بالكامل. ويشير التقرير إلى أن هذه المتطلبات تتناقض مع طموحات الإدارة الأمريكية بشأن مستقبل غزة، في ظل واقع ميداني “متفجر” يزداد ترسخاً يوماً بعد يوم.
ميدانيا، ينقل جنود إسرائيليون ينتشرون على ما يعرف بـ”الخط الأصفر” صورة وصفوها بـ”السريالية”، إذ يقولون إنهم يحددون بشكل شبه يومي عناصر مسلحة من حماس في عمق المناطق الخاضعة للترتيبات الحالية.
وفي السياق نفسه، تتحدث مصادر مطلعة على مناقشات التخطيط الجارية بين فرق أجنبية في المقر الأمريكي المستقبلي لغزة، الذي أُنشئ في مدينة كريات جات، عن حالة من المماطلة من جانب إسرائيل وحماس على حد سواء. ووفق هذه المصادر، يشارك ضباط من الجيش الإسرائيلي بشكل كامل في تفاصيل الخطط، التي تمتد من إزالة ملايين الأمتار المكعبة من الأنقاض، إلى إعداد مخططات تفصيلية لإنشاء أحياء فلسطينية جديدة، يُقترح مبدئياً أن تكون على الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر.
وتكشف الصحيفة أن النقاشات لا تقتصر على تحديد الشركات التي ستتولى إزالة مخلفات الدمار في قطاع غزة، بل تشمل أيضاً إزالة الأنقاض التي خلفها الجيش الإسرائيلي نفسه في مناطق واسعة، يرجح أن تتولاها شركة أمريكية متخصصة، كشرط مسبق لبدء أي مشاريع إعادة إعمار.
وبحسب مصادر مطلعة في مقر قيادة كريات جات، فإن هذه المداولات مستمرة لكنها تتقدم ببطء، خاصة من الجانب الإسرائيلي. في المقابل، تقر إسرائيل بأن قيادة حماس العليا ما زالت تدير نشاطها من داخل الأنفاق، بينما تنشط الرتب الأدنى فوق الأرض بغطاء مدني، مع عودة عمل البلديات وتكثيف نقاط التفتيش والدوريات الشرطية داخل القطاع، رغم الدمار الواسع.
وتزعم الصحيفة أن حماس بدأت بجني أموال طائلة يومياً عبر فرض ضرائب على تجارة السلع القادمة ضمن المساعدات الإنسانية، مستفيدة من الزيادة الكبيرة في عدد الشاحنات الداخلة إلى غزة، والتي تصل إلى نحو 4200 شاحنة أسبوعياً، أي ما بين 600 و800 شاحنة يومياً، بعضها تابع للقطاع الخاص.
ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر عسكرية إسرائيلية تقديرها بأن حماس قد تقدم على حل وسط يتمثل في تشكيل لجنة حكم “تكنوقراطية” تتولى تدريجياً إدارة الشؤون المدنية في غزة تحت إشراف مجلس سلام دولي.
إلا أن هذه المصادر شددت على أن أعضاء اللجنة سيكونون في الغالب من مسؤولي حماس أو السلطة الفلسطينية، أو من المحسوبين عليهما، ما يعني وفق تعبيرها استمرار سيطرة حماس الفعلية على القطاع مهما اختلفت التسمية. كما أشار التقرير إلى أن حماس بدأت بإعادة فتح رياض أطفال ومدارس، والسماح بإقامة مناسبات عائلية مثل حفلات الزفاف، مستفيدة من وقف إطلاق النار.
ونقلت الصحيفة عن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قولها: “لا يوجد نقص في المياه في غزة، وبالتأكيد لا يوجد نقص في الغذاء، كما تتوفر كميات كافية من الوقود والكهرباء بعد إصلاح الخطوط في الأسابيع الأخيرة”. وأضافت أن أي قوة استقرار أجنبية محتملة ستعمل فقط من الجانب الإسرائيلي للخط الأصفر، ولن تدخل في مواجهة مباشرة مع حماس.










