تتحرك الدول العربية في اتجاهات عدة (تنفيذا لآليات ومخرجات القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض يوم 11 نوفمبر الجاري) بهدف إيجاد حل عادل وسريع للأزمة المشتعلة داخل قطاع غزة منذ 46 يوما بعد فشل الموقف الغربي للضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار.
شريك جديد ولاعب قوي
وتبحث الدول العربية والإسلامية عن شريك جديد ولاعب قوي على الساحة الدولية يمكن أن يمارس بعض الضغوط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانها داخل قطاع غزة بعد أن أظهرت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية تعطفها ودعمها لإسرائيل بالرغم مما تقوم به من أفعال إجرامية ضد الفلسطينيين ويرفضها العرب، حيث طالب المجتمعون في قمة الرياض بضرورة وقفها فورا وقرار هدنة إنسانية وهو ما لم يحدث.
وفشلت كل الجهود الإنسانية لوقف العدوان الإسرائيلي داخل قطاع غزة وإدخال المساعدات في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل القطاع مما أدى الي سقوط 5600 طفل و3550 امرأة بغزة منذ 7 أكتوبر، وارتفاع شهداء العدوان على غزة لأكثر من 13300.
وبدورها قامت اللجنة العربية المنبثقة بزيارة إلى الصين وأجرت مباحثات في بكين مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
ودعا وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، كما دعا المجتمع الدولي لتحمل المسؤولية في وقف ما تقوم به إسرائيل.
كما قال وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري، إن تهجير الفلسطينيين من غزة سيهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
فيما قال وزير الخارجية الصيني، إن بكين تؤيد بالكامل الدعوة إلى حل الدولتين الصادرة عن القمة الإسلامية العربية، وتطالب المجتمع الدولي بالتحرك لإنهاءِ الكارثة الإنسانية في غزة.
أمريكا فشلت في مهمتها
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، الإثنين، عن اجتماع وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع نظرائه العرب في بكين إن الولايات المتحدة “ترحب بلعب الصين دورا بناءا في الشرق الأوسط”.
وشدد المتحدث على أن “أحد الأشياء التي سمعناها مرارا وتكرارا من كل الأطراف التي تعاملنا معها في الرحلة الأخيرة للمنطقة هو أنه لا غنى عن الولايات المتحدة في كل جانب من جوانب هذا الصراع، سواء كان الأمر يتعلق بالحصول على المساعدات الإنسانية أو ما إذا كان يتعلق بالأزمة لمنع اتساع نطاق الصراع”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة هي “التي تمكنت من التفاوض على اتفاق لبدء تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة” بعد هجوم حركة “حماس” على إسرائيل في 7 أكتوبر.
وتابع أن بلاده “كانت قادرة على المضي قدما، وتحقيق هدنة إنسانية” للسماح للمدنيين في غزة بالتنقل، وذكر أن الولايات المتحدة هي “أكبر مانح للفلسطينيين”.
وفي هذا الصدد، قال جمال رائف، الكاتب والباحث السياسي، إن تبدأ اللجنة الوزارية المشكلة بقرار من القمة العربية الإسلامية جولتها من الصين له دلالة مهمة أن الكتلة العربية الإسلامية تريد أن تمنح مساحة مناسبة للقوة الشرقية وخاصة الصين وأيضا روسيا وبعد الدول الشرقية الأخرى للعب دور إقليمي ودولي مهم لإعادة ربما الاتزان الي المشهد الدولي.
الصين لديها ثقل دولي
وأوضح رائف ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن ذلك يتيح للصين أيضا المزيد من الفعلية والتأثير على صعيد لعب دور إيجابي في هذه القضية، فالصين في الحقيقة خلال الفترة الماضية نجحت في ان تتواجد في المشهد الإقليمي والدولي بشكل أكثر تأثيرا وأصبحت لاعب سياسي مؤثر على صعيد العلاقات أو على صعيد إيجاد حلحلة لبعض القضايا في المنطقة، وهذا ظهر فيما أنجزته الصين من نجاح في الوساطة السعودية الإيرانية، وبالتالي أيضا هناك ربما فرصة للصين لأثبات وجودها الدبلوماسي والسياسي الدولي والإقليمي من خلال الانخراط الإيجابي لإيجاد حلحلة للتصعيد الراهن في قطاع غزة.
وتابع: الولايات المتحدة الأمريكية في الحقيقة ربما رحبت بهذا الدور الصيني عبر التصريحات الرسمية خاصة وأن الصين لديها ثقل دولي لا يمكن ان يستهان به، بجانب أن هناك نوعا ما تقارب دبلوماسي يحدث الآن بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وهذا ظهر عقب لقاء بايدن بنظيرة الصيني على هامش “قمة التعاون الاقتصادي”.
وواصل: هناك أيضا تغير في موازين القوة الدولية يجب أيضا أن يسمح فيه لكافة الأطراف بلعب دور سياسي ودبلوماسي دولي بما يحفظ مصالح كافة الأطراف، فبالتالي الصين شريك مهم للغاية وهو بالمناسبة ليس شريك جديدا فيما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية بل طوال التاريخ ربما كان الموقف الصيني موقفا جيدا للغاية تجاه القضية الفلسطينية وكان له ثوابت واضحة وكان يترك طوال الوقت داعما للرؤية العربية في حلحلة القضية الفلسطينية.
الموقف الصيني في مجلس الأمن
واختتم حديثه قائلا: وحتى الموقف الصيني في مجلس الأمن دائما أيضا يكون في صالح الكتلة العربية والإسلامية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تحديدا، وبالتالي التعويل على الموقف الصيني امر مهم للغاية لإيجاد اتزان في المواقف الدولية يخدم القضية الفلسطينية.
وكان وانغ وزير الخارجية الصيني التقى، الاثنين، بنظرائه من السعودية والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية وإندونيسيا، بالإضافة إلى رئيس منظمة التعاون الإسلامي في بكين لإجراء محادثات حول “تهدئة” الصراع بين إسرائيل و”حماس”.
أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أمام وفد يضم وزراء خارجية السلطة الفلسطينية و4 دول عربية ومسلمة، أن الصين تريد العمل على “استعادة السلام” في الشرق الأوسط.
وقال وانغ، في كلمته الافتتاحية في بكين: “فلنعمل معا لتهدئة الوضع في غزة سريعا ولاستعادة السلام في الشرق الأوسط في أقرب وقت”.
وأضاف وانغ أن بكين تؤيد بالكامل الدعوة إلى حل الدولتين الصادرة عن القمة الإسلامية العربية التي عقدت في الآونة الأخيرة في الرياض لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
كما اقترح وانغ وزير الخارجية الصيني أنه من الضروري التنفيذ الكامل للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ووقف إطلاق النار على الفور وإنهاء الصراع، كما دعا أيضا إلى الالتزام الجاد بالقانون الدولي، خاصة القانون الإنساني الدولي.
وقال إن أي ترتيب يتعلق بمستقبل ومصير فلسطين يجب أن يحصل على موافقة الشعب الفلسطيني وأن يأخذ في الاعتبار الشواغل المشروعة لدول المنطقة، مضيفا أن الصين، باعتبارها الرئيس الدوري لمجلس الأمن، ستواصل تعزيز التنسيق مع الدول العربية والإسلامية، وبناء التوافق، ودفع مجلس الأمن نحو اتخاذ المزيد من الإجراءات الهادفة بشأن الوضع في غزة.
وقال وانغ “تدعو الصين إلى عقد مؤتمر سلام دولي أكبر وأوسع وأكثر فعالية في أقرب وقت ممكن، وصياغة جدول زمني وخارطة طريق لهذا الغرض”، مضيفا أن الصين ستواصل بذل جهود نشطة لتعزيز السلام بين فلسطين وإسرائيل، والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
تحقيق الإنصاف والعدالة
ومن جهته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال اجتماع بين وزير الخارجية الصيني ووزراء دول عربية وإسلامية، إن على المجتمع الدولي أن يتحمل المسؤولية لوقف ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين.
ودعا وزير خارجية السعودية من بكين إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وزيادة المساعدات الإنسانية.
أما وزير خارجية فلسطين فقال إن “إسرائيل تدعو إلى تصفية الفلسطينيين وسلب حقوقنا وهذا ينتهك حل الدولتين”.
وأضاف الوزير الفلسطيني “جئنا إلى بكين لمناقشة الجرائم “الوحشية” التي يرتكبها الإسرائيليون بحق الشعب الفلسطيني”.
وفي الوقت نفسه، دعا ممثلو الدول العربية والإسلامية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات مسؤولة في أسرع وقت ممكن للضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الصراع، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى غزة، وحماية المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، ومنع التهجير القسري لأهالي غزة
وقالوا أيضا إن الدول العربية والإسلامية تتطلع إلى تنسيق أوثق مع الصين للحيلولة دون انتشار الأزمة، واستئناف عملية محادثات السلام، وتعزيز إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حل الدولتين، وتجنب السقوط مرة أخرى في الحلقة المفرغة المتمثلة في الرد على العنف بالعنف.
وأضافوا أنهم يتطلعون إلى أن تلعب الصين دورا أكبر في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتسوية القضية الفلسطينية الإسرائيلية وتحقيق الإنصاف والعدالة.