عند الفجر، حين ينسج الضوء خيوطه الأولى، خرجوا بأحلامهم الثقيلة على أكتاف الأمل، أعينهم تلمع بشغف السعي، وخطواتهم تسابق الشمس نحو لقمة العيش، لم يكن أحد يعلم أن هذه الرحلة اليومية، التي لطالما عبروا خلالها جسور التعب، ستكون الأخيرة.
حادث سمالوط بالمنيا
على الطريق الدائري بسمالوط، حيث تلتقي الأرواح بالمصير، دوّى صوت الحديد وهو يتمزق تحت وطأة السرعة، اصطدمت سيارة نقل عملاقة بسيارتي ربع نقل، فكان المشهد أشبه بلوحة مأساوية، خطوطها العريضة دماءٌ امتزجت بتراب الطريق، وصراخٌ انقطع قبل أن يصل إلى السماء، تسعة أجساد هامدة، بعضها لفظ أنفاسه الأخيرة في أحضان الاسفلت، وأخرى لم يمهلها الموت حتى لتُعرف أسماؤها.
أسماء ضحايا حادث سمالوط
وقع ضحايا لهذا الحادث الأليم: محمد رمضان محمد 43 عاما، وعبد الله ضاحي محمد 32 عاما، ومحمد حمدي عبد الغني 27 عاما، ومحمد نجاح ناجح 31 عاما، شعبان رمضان محمد 46 عاما، وعلي رجب علي مسعود 32 عاما.. كانوا أسماءً تُنادى كل صباح ليذهبوا إلى أعمالهم، لكنهم اليوم أسماء محفورة على شواهد القبور، أما ثلاثة آخرون، فقد غادروا الدنيا بلا هوية معروفة، وكأن الموت لم يمنحهم حتى فرصة أن تُذكر أسماؤهم في وداعهم الأخير.
المأساة تتكرر.. فمن يوقف نزيف الطرق؟
لم يكن هذا الحادث الأول من نوعه، بل سلسلة طويلة من الفواجع التي تتكرر بسبب السرعة الزائدة، وتهور بعض السائقين، والاستهتار باستخدام سيارات غير مؤهلة لنقل الركاب.
سيارات البيك أب، تلك المركبات التي صُنعت لنقل البضائع، تحولت إلى نعوش متحركة تحمل العمال إلى مصير مجهول.
محافظ المنيا، اللواء عماد كدواني، وجّه بسرعة تقديم الدعم الكامل لأسر الضحايا، لكنه في الوقت ذاته أعاد دق ناقوس الخطر حول ضرورة وقف نزيف الطرق، قرارات سابقة صدرت لمنع استخدام سيارات النقل في نقل الركاب، لكن الواقع يُثبت أن هذه الظاهرة ما زالت تحصد الأرواح.