انطلقت أمس السبت، أعمال القمة الـ18 لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، في العاصمة الهندية نيودلهي، للتباحث حول أبرز القضايا الدولية وتسريع التقدم الجماعي نحو التنمية المستدامة ودفع العمل المناخي وتحقيق توازن نمو الاقتصاد العالمي.
مشروع الممر الكبير
واختارت الهند شعار قمة هذا العام المرتكز على زهرة اللوتس، تحت عنوان “أرض واحدة – عائلة واحدة – مستقبل واحد”، حيث ترى الهند أن الشعار والموضوع ينقلان رسالة قوية، وهي “السعي لتحقيق نمو عادل ومنصف للجميع في العالم”.
ومن جانبه أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، توقيع مذكرة تفاهم لمشروع اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وتم التوقيع على الاتفاق المبدئي الخاص بالمشروع في نيودلهي بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفقا لبيان نشره البيت الأبيض.
وقال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان على هامش كلمته بـ”قمة العشرين” في نيودلهي، إن المشروع الاقتصادي سيسهم بتطوير البنى التحتية التي تشمل سككاً حديدية، وسيربط مواني الشرق الأوسط وأوروبا والهند.
وأكد ولي العهد السعودي، أن الممر الاقتصادي سيوفر فرص عمل طويلة الأمد، وسيزيد التبادل التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، لافتا: “الممر الاقتصادي سيزيد التبادل التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا”.
ووفقا لوكالة الأنباء السعودية، فقد وقعت حكومتا السعودية وأميركا يوم 8 سبتمبر 2023، مذكرة تفاهم بين البلدين.
وتحدد مذكرة التفاهم الثنائية أطر التعاون بين البلدين لوضع بروتوكولٍ يسهم في تأسيس ممرات عبور خضراء عابرةٍ للقارات، من خلال الاستفادة من موقع المملكة الجغرافي الاستراتيجي، الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا.
ويهدف هذا المشروع إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديدية.
كما يهدف المشروع أيضًا إلى تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ.
ورحبت المملكة العربية السعودية بالدور الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية لدعم وتسهيل التفاوض لتأسيس وتنفيذ هذا البروتوكول ليشمل الدول المعنية بممرات العبور الخضراء.
من جانبها قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إن الممر التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا يعزز التواصل الاقتصادي والازدهار المشترك، مؤكدة الالتزام ببناء بنى تحتية أفضل للدول ذات الدخل المتوسط.
وتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن المشروع، قائلا إن المشروع يربط الهند عبر مسالك شحن وسكك حديدية بأوروبا، مرورا بالإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، متابعا: نركز على مشاريع بنية تحتية إقليمية تعم فائدتها عددا من البلدان والقطاعات.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بلاده ستستثمر في الممر الذي يربط بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، مبينا أن مشروع ربط الهند بالاتحاد الأوروبي عبر الشرق الأوسط، يخلق طريقا نظيفا للتجارة.
وأضاف رئيس وزراء الهند المضيفة للقمة، ناريندرا مودي: “اليوم، بينما نشرع في مبادرة الربط الكبيرة هذه، فإننا نضع بذورا تجعل أحلام الأجيال المقبلة أكبر”.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون در لايين، إن المشروع “أكبر بكثير من مجرد سكك حديد أو كابلات”، مشيرة إلى أنه “جسر أخضر ورقمي بين القارات والحضارات”.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات “وام”، أن رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، شهد الإعلان عن إنشاء الممر الاقتصادي، وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية، فإن المشروع يتألف من ممرين منفصلين هما “الممر الشرقي” الذي يربط الهند مع الخليج العربي و”الممر الشمالي” الذي يربط الخليج بأوروبا.
شرق أوسط جديد
وأشار الوكالة إلى أن الممرات تشمل سكة حديد ستشكل بعد إنشائها شبكة عابرة للحدود من السفن إلى السكك الحديدية لتكملة طرق النقل البرية والبحرية القائمة لتمكين مرور السلع والخدمات.
وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي العارف بالله طلعت، إنه على هامش قمة العشرين المنعقدة في الهند أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع (الممر الاقتصادي) لربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، مشيراً إلى أن الاتفاق سيتيح فرص جيدة للطاقة النظيفة والكهرباء النظيفة ومد الكابلات لربط المجتمعات.، ويعمل على ربط الموانئ عبر قارتين.
ولفت طلعت إلى أن الشرق الأوسط سيصبح أكثر استقراراً وازدهاراً وتكاملا، والمشروع سوف يسهم في تطوير وتأهيل البنية التحتية وزيادة مرور السلع والخدمات وتعزيز التبادل التجاري بين الأطراف المعنية، والمشروع يتضمن مد خطوط الأنابيب لتصدير واستيراد الكهرباء والهيدروجين لتعزيز أمن إمدادات الطاقة العالمي بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات من خلال شبكة عابرة للحدود ذات كفاءة وموثوقية عالية.
وأضاف طلعت لــ”صدى البلد”، أن حجم التبادل التجاري غير البترولي بين مصر والهند بلغ خلال الـ 11 شهرا الأولى من عام 2022، نحو 4.1 مليار دولار منها 723 مليون دولار صادرات مصرية، كما تبلغ قيمة الاستثمارات الهندية في مصر حوالي 3.2 مليار دولار في عدد 52 مشروعاً في مجالات الكيماويات وأسود الكربون والتعبئة والتغليف والمنتجات الغذائية والسياحة.
وأكمل: مشاركة الرئيس السيسي في قمة مجموعة العشرين G20 المنعقدة بمدينة نيودلهي والتى جاءت بدعوة من من رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي”، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للمجموعة تعكس عمق العلاقات بين البلدين والتي تطورت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، كما أنه تأكيد على ثقة العالم في الاقتصاد المصري وقدرته على تخطى هذه التحديات واستكمال مسيرة التنمية التى بدأت منذ سنوات.
وأكد أن التحديات الراهنة تطلبت تكاتف القوى الاقتصادية العالمية لتفادي مثل هذه الأزمات وإنشاء مجتمع اقتصادي عالمي يستوعب حجم المتغيرات على الساحة الاقتصادية العالمية.
وشدد على أن حضور مصر لقمة مجموعة العشرين بالهند يفتح الباب لشراكات جديدة تعزز النمو الاقتصادي لمصر وإفريقيا، فالمشاركة بالقمة تعكس دور القاهرة الريادي في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط والعالم وتمثل فرصة لعقد عدد كبير من اللقاءات الثنائية مع العديد من الدول الهامة لمصر في التعاون الاقتصادي والتنموي بما يعزز تدفق رؤوس الأموال الأجنبية لمصر.
وأشار إلى أن مشاركة مصر في قمة العشرين تعد فرصة قوية لعرض وجهة النظر المصرية والأفريقية اقتصاديا وسياسيا أمام صانعي القرار الاقتصادي والسياسي على مستوى العالم ويشكل فرصة لمصر لرفع التبادل التجاري والتعاون الدولي، والدورة لها أهمية خاصة، حيث ترأسها الهند وهي من الدول التي تتمتع بعلاقات وثيقة وتعاون كبير مع مصر بالإضافة إلى أن توقيت القمة يأتي بالتزامن مع انضمام مصر لتجمع بريكس.
ولفت إلى أن مجموعة العشرين تنظر لإفريقيا على أنها مصدراً للمواد الخام والمعادن الاستراتيجية خاصة تلك التي تدخل في صناعات الرقائق والتكنولوجيا المستخدمة في صناعة الصواريخ والطائرات بدون طيار وأجهزة الاتصالات وغيرها من الصناعات الدقيقة، إضافة إلى الذهب والألماس.
وأشار إلى أن القارة الإفريقية تواجه عددا من التحديات التقليدية التي تستطيع تجاوزها عبر استغلال خطوة الانضمام إلى مجموعة العشرين وأبرز تلك التحديات الديون وتسريع خطوات التنمية المستدامة وإحداث تغيرات هيكلية في اقتصادات تلك الدول خاصة في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية واستخدام التكنولوجيا الحديثة وتحديث البنية التحتية وتطويرها فى ربوع القارة.
وأكد أن الاتحاد الإفريقي سوف يكون له دور كبير في القرارات الاقتصادية الدولية بما فيهم أكبر كتلة اقتصادية وهي مجموعة العشرين، فالاتحاد الإفريقي سيطبق منطقة التجارة الحرة الإفريقية الكبرى والتي تضم كل الدول الإفريقية، معقبا: “تطبيقها سوف يؤدي إلى سهولة ويسر في التعاملات الاقتصادية بين دول العشرين”.
وأردف: الاتحاد الإفريقي في حاجة إلى المزيد من الاستثمارات خاصة وأن إفريقيا تتلقى استثمارات قليلة مقارنة بباقي دول العالم، مختتما: تأمل إفريقيا من خلال دخولها مجموعة دول العشرين أن يكون دورا مؤثرا في القرارات الاقتصادية بما يحقق النتيجة العادلة، بحيث تكون العلاقة بين إفريقيا والدول الأخرى تقوم على المكاسب المتبادلة.