في قلب معرض الفنان الفوتوغرافي “روماني حافظ”، نجد سرداً عميقاً ومؤثراً يتجاوز حدود التمثيل البصري المعتاد، ليغوص في أعماق الرهبنة القبطية، تلك الظاهرة الروحية والثقافية التي تجسد تقاليد عريقة تمتد عبر الزمن. المعرض، الذي يعتمد على التصوير بالأبيض والأسود، يفتح نافذة للتأمل في العلاقة المعقدة بين التمثيل والواقع.
استلهام من نظرية بانوفسكي
مستوحى من نظرية إروين بانوفسكي، لا سيما مفاهيمه عن الأيقونات وعلم الأيقونات، يقدم حافظ رؤية تتجاوز التمثيل السطحي للأشياء. الصور المعروضة ليست مجرد لقطات فوتوغرافية؛ بل هي سرد بصري مشحون بالمعاني العميقة والسياقات الثقافية، حيث تتداخل الرموز والطقوس مع العمارة الرهبانية لتروي قصة الرهبنة القبطية بصدق وتأمل.
قوة الأبيض والأسود
الاعتماد على التصوير بالأبيض والأسود ليس مجرد اختيار تقني، بل هو وسيلة لتجريد المشاهد من تشتيتات الألوان، مما يركز الانتباه على التفاصيل الجوهرية. الأبيض والأسود في صور حافظ يضفيان ثقلًا عاطفيًا وصمتًا مهيبًا، يتيحان للمشاهد الشعور بروحانية الأماكن المصورة.
تجسيد الثنائية
الصور تحمل طابعًا ثنائيًا: فهي تلتقط الجوانب المادية للهندسة المعمارية الرهبانية، لكنها في ذات الوقت تستحضر شعورًا أعمق وأقرب إلى الخيال. تظهر المباني، الجدران الحجرية، والأديرة القديمة كرموز للصمت والعزلة، بينما تنبض الصور بحياة روحية تدعو المشاهد للتأمل والارتباط بتقاليد خالدة.
جوهر الرهبنة القبطية
في كل صورة، نجد انعكاسًا لجوانب مختلفة من حياة الرهبنة: الروحانية والعزلة والطقوس. هذه العناصر، المتجذرة في التقاليد القبطية، تظهر واضحة من خلال الزوايا الملتقطة والبساطة المتعمدة في التكوين. الصمت المهيب الذي يلف هذه الصور ينقل شعورًا بالتقديس والرهبة.
دعوة للتأمل
معرض روماني حافظ ليس مجرد استعراض للصور؛ بل هو دعوة للتأمل في المعاني الأعمق للرهبنة القبطية. من خلال عدسته، ينقل حافظ الحضور الروحي لهذه الأماكن، مما يتيح للمشاهدين فرصة نادرة للتواصل مع تقاليد روحية تمتد عبر الزمن.