حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم تحت عنوان مظاهر عناية الإسلام بالطفولة، مؤكدة أن الهدف منها توعية المجتمع بجوانب رعاية الإسلام للطفل واهتمامه به في ضوء سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، بينما خُصصت الخطبة الثانية للحديث عن حماية الأطفال من الألعاب الإلكترونية، بهدف التحذير من آثارها السلبية التي قد تدمر العقول، وتُضعف التفكير، وتغرس بذور العنف في نفوس الصغار.
وأوضحت الوزارة أن عناية الإسلام بالطفل تبدأ قبل ولادته، حيث جعلت الشريعة من حقه على والديه حسن اختيار شريك الحياة، باعتبار الأسرة البيئة الأولى التي تتشكل فيها شخصية الطفل نفسيًا وأخلاقيًا. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختيار ذات الدين، كما دعا إلى تخير الأكفاء، حماية للأبناء من نشأة مضطربة أو فاسدة قد تؤثر في سلوكهم ومستقبلهم.
وبيّنت أن الشريعة الإسلامية قررت للطفل حقه في الحياة، وحرمت الاعتداء عليه بأي صورة من صور الأذى أو الإجهاض بغير حق، صيانة للنفس التي عظم الله شأنها، وأكد القرآن الكريم عناية الله بالجنين وعلمه بأطوار خلقه، بما يدل على تكريمه وحفظه بعناية إلهية منذ وجوده في رحم أمه.
وأشارت إلى أن حقوق الطفل بعد ولادته تشمل اختيار الاسم الحسن لما له من أثر نفسي عميق في تكوين الشخصية وبناء الثقة بالنفس، موضحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة، كما فعل مع أبنائه وأحفاده، تأكيدًا لأهمية هذا الحق.
كما تناولت الخطبة حق الطفل في الرضاع والرعاية الجسدية، حيث نظم الإسلام الرضاع تنظيمًا دقيقًا يراعي مصلحة الطفل الجسدية والنفسية، وحدد مدة الرضاع بعامين كاملين، مع إلزام الأب بتوفير النفقة والرعاية للأم؛ لما لذلك من انعكاس مباشر على صحة الطفل ونموه واستقراره.
ولفتت وزارة الأوقاف إلى أن عناية الإسلام لم تقتصر على الجوانب المعنوية فقط، بل شملت الحقوق المالية، فأثبتت للطفل حقه في الميراث، وحفظ نصيبه حتى قبل ولادته، تأكيدًا لاعتباره الشرعي وكرامته الإنسانية.
وأكدت أن التعليم يُعد من الحقوق الأساسية للطفل في الإسلام، حيث جعل الله أول ما نزل من القرآن دعوة للقراءة، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على طلب العلم، ليشمل ذلك الأطفال، مع تحميل الأهل مسؤولية توفير بيئة تعليمية مناسبة تجمع بين العلوم الدينية والدنيوية، وتغرس حب القرآن واللغة العربية في نفوس الصغار.
وأوضحت أن التربية الصالحة من أعظم حقوق الطفل، وتشمل تعويده على الصلاة، وغرس القيم والأخلاق الفاضلة، كالصدق والرحمة والعدل، وتحسين التفكير، وتحقيق التوازن النفسي، مع تحصينه من الأفكار الدخيلة والمغريات الضارة.
واستعرضت الخطبة نماذج من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، حيث كان مثالًا للرحمة والعطف، يحملهم، ويمازحهم، ويصلي وهو يحمل حفيدته، ويطيل السجود رحمة بالحسن أو الحسين، ويبدأهم بالسلام، ويغرس في نفوسهم الثقة والمحبة، دون تفرقة بين أطفال المسلمين وغير المسلمين.
الخطبة الثانية
وفي الخطبة الثانية، حذرت الوزارة من خطورة الألعاب الإلكترونية، مؤكدة أنها تجاوزت كونها وسيلة ترفيه لتصبح إدمانًا يهدد الصحة النفسية والسلوكية والتعليمية للأطفال، وقد تدمر طريقة تفكيرهم وتغرس فيهم العنف والعدوان.
وأوضحت أن الإسلام لا يمانع الترويح عن الأطفال إذا كان في حدود النفع والمباح، وخاليًا من المحرمات، وتحت رقابة الأهل، وفي أوقات محددة، بما لا يؤثر على الواجبات الدينية والدراسية أو الصحة العامة.
وأكدت أن الألعاب التي تحتوي على عنف، أو إباحية، أو مقامرة، أو هدم للقيم والهوية، أو تحريض على القتل والانحراف، محرمة شرعًا ويجب منعها، مع ضرورة قيام الوالدين بدورهم في التوجيه والمتابعة، تنفيذًا لقوله تعالى بوجوب وقاية النفس والأهل.
وشددت الوزارة على أهمية اتخاذ إجراءات عملية لحماية الأطفال، من بينها تنظيم أوقات استخدام الأجهزة الإلكترونية، وتقديم بدائل واقعية نافعة، وتشجيع الأنشطة الرياضية والاجتماعية، وتعزيز الرقابة الأبوية التقنية، ومتابعة أي آثار نفسية أو سلوكية ناتجة عن الإفراط في استخدام هذه الألعاب، حفاظًا على سلامة النشء وبناء جيل متوازن يحمل القيم والأخلاق السليمة.










