أكد الكاتب الصحفي ضياء رشوان أن ما جرى بعد السابع من أكتوبر شكّل نقطة تحول كبرى في مسار القضية الفلسطينية، حيث عادت بقوة إلى الواجهة الدولية، ليس فقط كقضية إنسانية لشعب يتعرض للظلم، وإنما كقضية سياسية تتعلق بحق شعب أصيل في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
وأوضح أن حجم التفاعل الدولي، الرسمي والشعبي، مع الأحداث الأخيرة لم يكن مسبوقاً بهذا الزخم منذ سنوات طويلة، ما يعكس تغيراً واضحاً في طريقة تعاطي العالم مع الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
«الدولة الفلسطينية» من شعار سياسي إلى طرح دولي معترف به
وقال رشوان، خلال حواره مع الإعلامية نانسي نور في برنامج «ستوديو إكسترا» المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، إن مصطلح «الدولة الفلسطينية» لم يعد مجرد مطلب ترفعه القيادة الفلسطينية أو تتبناه أطراف محدودة، بل أصبح مطروحاً على الطاولة الدولية باعترافات رسمية متزايدة.
وأضاف أن دولاً ذات ثقل تاريخي وسياسي، مثل بريطانيا، بدأت تتعامل مع فكرة الدولة الفلسطينية باعتبارها حلاً سياسياً مطروحاً للنقاش الجاد، وهو ما يعكس تحوّلاً مهماً في المواقف الدولية التقليدية.
تآكل صورة إسرائيل كـ«دولة مظلومة»
وذكر رشوان أن إسرائيل بنت على مدار عقود صورة ذهنية لنفسها باعتبارها «الدولة المظلومة» التي تتعرض للتهديد الدائم، وهي الصورة التي استندت إليها دعاية سياسية واسعة، وحصلت من خلالها على دعم مالي وعسكري كبير من دول عدة.
وأكد أن هذه الصورة تعرضت لتآكل واضح بعد الأحداث الأخيرة، نتيجة ما شهده العالم من وقائع ميدانية وإنسانية، الأمر الذي انعكس في تغير نبرة الخطاب الدولي تجاه إسرائيل.
قرارات غير مسبوقة بقطع الدعم العسكري والمعونات
وأشار الكاتب الصحفي إلى أن تآكل الصورة التقليدية لإسرائيل لم يقتصر على الرأي العام العالمي فقط، بل امتد إلى بعض الحكومات، حيث شهدت الفترة الأخيرة قرارات أو توجهات بوقف أو تقليص إمدادات عسكرية ومعونات، وهو ما وصفه بأنه أمر غير مسبوق في تاريخ الصراع.
وأوضح أن هذا التحول يعكس إدراكاً متزايداً بأن استمرار السياسات الحالية لن يؤدي إلى استقرار، بل يفاقم الأزمة ويقوض فرص الحل السياسي.
طرح سياسي جديد من داخل اليمين الأمريكي
في سياق متصل، أشار ضياء رشوان إلى تطور لافت على الساحة السياسية الدولية، يتمثل في طرح رئيس أمريكي من اليمين الجمهوري خطة تتضمن الإشارة إلى حق تقرير المصير للفلسطينيين، ومساراً يؤدي في نهايته إلى قيام دولة فلسطينية.
وأكد أن هذه الخطوة تمثل سابقة سياسية، خاصة أن الخطة نفسها وقّع عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
رفض التهجير والتأكيد على بقاء الفلسطينيين في غزة
وأوضح رشوان أن الخطة المشار إليها تضمنت بنوداً واضحة ترفض التهجير القسري للفلسطينيين، ونصّت صراحة على عدم إخراج سكان قطاع غزة من أراضيهم، وهو ما يعد تطوراً مهماً في الخطاب السياسي الرسمي المتداول حول مستقبل القطاع.
وأشار إلى أن هذه البنود تعكس إدراكاً متزايداً بخطورة أي محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي بالقوة، لما لذلك من تداعيات إنسانية وسياسية خطيرة.
مرحلة جديدة في مسار القضية الفلسطينية
واختتم ضياء رشوان تصريحاته بالتأكيد على أن ما بعد السابع من أكتوبر يختلف جذرياً عما قبله، وأن القضية الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة تتسم بتغير في موازين الخطاب الدولي، وتراجع المسلمات القديمة، وظهور فرص سياسية كانت تُعد في السابق بعيدة المنال، مشدداً على أن استثمار هذا التحول يتطلب رؤية سياسية واعية وتحركاً دبلوماسياً منظماً.


