لست مندهشا من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن ، خاصة وأنها صادره من رئيس أكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة ، والتي احتلت أمريكا الموطن الأصلي للهنود الحمر ، فلا يجب أن نندهش من الدعم المستميت من جانب الولايات المتحدة لإسرائيل.
الولايات المتحدة التي أبادت الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين وأصحاب الأرض ، تريد الآن بالتعاون مع إسرائيل أن تبيد الفلسطينيين في قطاع غزة وهم سكان الأرض الأصليين ، فلماذا نندهش عندما يدافع المحتل عن المحتل لكي يطرد صاحب الأرض من أرضه.
ربما مع الإعلان عن تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية عام 1776 لم تكن هناك من التكنولوجيا الحديثة في ذلك الوقت التي ترصد سجل جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها أمريكا ضد الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا ، إلا أن التاريخ لن يغفل جرائم أمريكا في حق الإنسانية بعد قيامهم بجريمة التطهير العرقي للهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا.
ولعل الموقف الدولي من تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين كان الأقوى من نوعه بعد توحد دول الاتحاد الأوروبي ضد ترامب نتيجة قراراته الأخيرة بشأن فرض رسوم جمركية على عدد من الدول الأوروبية ، الأمر الذى أدي إلى دخوله في صدام مع عدد كبير من دول الاتحاد الأوروبي ، هذا بالإضافة إلى رفض عدد من الدول الأوروبية تصريحات ترامب الأخيرة بشأن تهجير الفلسطيين ورفضهم التام لخروج الفلسطينيين من أرضهم ، في ظل حالة الصمت الدولي التي كان عليها العالم حينما كانت ترتكب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة من جانب جيش الإحتلال الإسرائيلي.
ولايجب أن نغفل أيضا موقف الأمم المتحدة من تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين ، حينما أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، أن أي نقل قسري أو ترحيل للأشخاص من أراضٍ محتلة محظور تماماً، مع تأكيده على ضرورة إعادة إعمار غزة ، وهذا يؤكد أن هناك اتفاق دولي على رفض كل المخططات الشيطانية من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن تهجير الفلسطينيين ، بحجة إعادة تعمير غزة ، ولكن الواقع هو تحويل غزة إلى مستوطنات إسرائيلية.
ولربما موقف الدول العربية كان موحد وقوي بعد تصريحات الرئيس السيسي التي أكد فيها مرارا وتكرار في أكثر من مؤتمر على رفض مصر مخطط تهجير الفلسطينيين ، لأن ذلك سيكون بمثابة إعلان تصفية القضية الفلسطينية ، ونفس الموقف بالنسبة للجانب الأدرني الذي رفض تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ، ونفس الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي أصدرت بيان في منتهي القوة ضد تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين ، بعد ما أعلنت رفضها التهجير وأنها لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة.
ولعل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولقاءه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت بمثابة الضوء الأخضر من جانب الولايات المتحدة لإخلاء قطاع غزة من سكانه الأصليين لتحقيق مخطط إسرائيل بتعميره ، ولكن بهدف إقامة مستوطنات إسرائيلية ، والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي ، وهو هدف إسرائيل القادم للتوسع في كيانها المحتل ، بالإضافة إلى ما أعلن عنه ترامب خلال المؤتمر الصحفي عن إمكانية ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل على أعتبار أنها دولة صغيرة لاحول لها ولاقوة ، وهو الهدف الخبيث الذي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقه مع إسرائيل لتنفيذ مخطط تهجير أهالي الضفة الغربية إلى الأردن ، للتوسع في بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية.
لاشك أن الأيام القادمة ستكون هي الأصعب على الشرق الأوسط بأكلمه ، في ظل إصرار الولايات المتحدة على اللعب بالنار مع إسرائيل لتحقيق كل مخططاتهم الشيطانية للقضاء على القضية الفلسطينية ، وعدم التوصل إلى حل عادل وشامل بشأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967.
والكرة الآن في ملعب الدول العربية للتوحد في جبهة واحدة لمواجهة أي تهديدات تواجه الأمن القومي العربي ، في ظل الصراعات والتهديدات التي تواجه المنطقة العربية بأكملها ، ولن تكون أفضل من هذه فرصة لإعادة توحيد الصف العربي من جديد من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية التي لن تموت شاء من شاء وأبى من أبى ، لأنها في قلب كل مواطن عربي ، وحتما سيعود الفلسطينيين إلى أرضهم وستتحرر فلسطين والمسجد الأقصى الشريف.