يعاني قطاع غزة من أسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق منذ 21 يوما، حيث فرضت إسرائيل حصارا كاملا على القطاع الذي يسكنه حوالي 2.3 مليون شخص، وقامت قواتها بعملية قتل وتدمير ممنهجة داخل القطاع، ولم تذر حجرا أو شجرا أو بشرا إلى وقصفته.
فيما ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 7300 شهيد وأكثر من 18900 مصاب، كما تم تدمير أكثر من 4800 مبنى سكني، والحاق أضرار بأكثر من 120 ألف وحدة سكنية، ونزح حوالي مليون شخص من المناطق التي تشهد عمليات حربية شمال قطاع غزة إلى جنوب القطاع؛ بحثاً عن ملاذ آمن.
انقطاع الاتصال بـ غزة
ويعيش القطاع ليلة وصفت بأنها الأصعب والأعنف منذ تجدد الصراع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل قبل 21 يوما، وتعيد إلى الأذهان ما حدث في معركة ستالينجراد الشهيرة، حيث أكد المتحدث العسكري للجيش الإسرائيلي، أن القوات البرية للجيش ستوسع من عملياتها الليلة، مضيفا: “نواصل مطالبة أهالي غزة في الشمال بالتوجه إلى الجنوب”.
ومعركة ستالينجراد هي إحدى أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية، جرت في مدينة (فولفوجراد اليوم) خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفيتي، واستمرت حوالي 6 أشهر بين 21 أغسطس 1942 و2 فبراير 1943.
وقد أدى القصف الإسرائيلي المتواصل عل قطاع غزة إلى انقطاع الاتصالات تزامنا مع شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا شاملا من 3 جبهات برية وجوية وبحرية.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وغير مسبوق مع انقطاع الاتصالات، حيث شن طيران الاحتلال الإسرائيلي في الساعة الأخيرة، غارات عنيفة وغير مسبوقة على قطاع غزة، ما أدى إلى انقطاع شبكات الاتصالات والانترنت.
وأكدت شركات الاتصالات في غزة الانقطاع الكامل لشبكاتها العاملة في القطاع، في حين تحولت عدد من القنوات التلفزيونية التي تنقل تطورات الأحداث إلى الاعتماد على الأقمار الصناعية لنقل الصورة والتواصل مع مراسليها، في ظل توقف الاتصالات العادية أو المعتمدة على الإنترنت.
وأعلن تلفزيون فلسطين، أن قطاع غزة يشهد قصفا هو الأعنف برا وبحرا وجوا منذ بداية الحرب، وتعرضت أنحاء مختلفة في قطاع غزة لقصف عنيف ومستمر من طيران الاحتلال الحربي.
وأكدت فضائية “روسيا اليوم” أن الطائرات الإسرائيلية تشن الآن هجوما ضخما وعنيفا على عموم مناطق قطاع غزة، متسببة بانقطاع شبكة الاتصالات، وتشترك المدفعية الإسرائيلية في الهجوم ويتركز القصف في أغلب الأحيان على المناطق الشرقية في القطاع.
وأوضحت “روسيا اليوم” أن الهجوم الإسرائيلي يتركز في مناطق وسط غزة وحي الزيتون وشرق جباليا وشرق الشجاعية وبيت لاهيا شمال قطاع غزة ودير البلح جنوب القطاع.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن القصف الكبير الجاري الآن على غزة مرحلة جديدة في الحرب على القطاع.
وأكد مراسل قناة “فوكس نيوز” الأمريكية أن “الهجوم على قطاع غزة الآن هو الأكثر جنونا الذي رأيته، أقوى هجوم منذ بداية الحرب”.
وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية- جوال- عن أسفها لانقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة، معللة ذلك بأنه بسبب القصف الشديد.
وقالت شركة الاتصالات الفلسطينية – جوال: “نأسف للإعلان عن انقطاع كامل وكافة خدمات الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة في ظل العدوان المتواصل”.
وأضاف البيان الذي نقله تليفزيون فلسطين: “تسبب القصف الشديد في الساعة الأخيرة بتدمير جميع المسارات الدولية المتبقية التي تصل غزة بالعالم الخارجي، بالإضافة للمسارات المدمرة سابقًا خلال العدوان، ما أدى إلى انقطاع كامل لخدمات شركات الاتصالات عن قطاع غزة الحبيب”.
وأعلنت منظمة “نت بلوكس” التي تراقب الإنترنت في مختلف دول العالم، بأن بيانات الشبكة الحية تظهر انهيار الاتصالات في قطاع غزة، مع تأثير كبير على شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل”، وسط تقارير عن قصف إسرائيلي عنيف.
قطع الاتصال والإنترنت
أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني الانقطاع عن الاتصال بغرفة العمليات في قطاع غزة بشكل كامل، حيث شن الطيران الإسرائيلي على شمال غزة عدة غارات متتالية، تعد الأعنف منذ بداية الحرب، أدت لانقطاع الاتصالات والإنترنت بشكل كامل عن القطاع، وفقًا لما نشره موقع العربية.
وأكدت حركة المقاومة الفلسطينية حماس، أن قطع الاتصالات والانترنت عن قطاع غزة وتصعيد القصف براً وبحراً وجواً على الأحياء السكنية؛ يُنذِر بِنِيَّة الاحتلال ارتكاب مزيدٍ من المجازر وجرائم الإبادة بعيدا عن أعين الصحافة والعالم.
وحمَّلت الحركة، في بيانها، الاحتلال وواشنطن والعواصم الغربية التي دعمته كامل المسؤولية عن مسلسل المجازر البشعة وتداعياتها.
كما طالبت الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، بتحمل المسؤولية، والتحرّك الفوري لوقف الجرائم ومسلسل المجازر بحق شعبنا.
ودعت حماس الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده في الضفة والقدس وأراضي 48 والشتات وأحرار العالم إلى النفير العام؛ نصرةً لغزة ولوقف العدوان وحرب الإبادة ضد المدنيين.
وذكر البيان أيضا: نؤكّد أن شعبنا الفلسطيني الصامد لن ترهبه هذه السياسات الفاشية ولن يتوقّف ومقاومته الباسلة عن الثورة والنضال حتى صدّ هذا العدوان الهمجي ودحر الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا وممارسة حقّنا في الحرية وتقرير المصير بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بإذن الله.
يذكر أنه في 13 أكتوبر 2023، قالت مجموعة الاتصالات الفلسطينية، إن شبكتها تكبدت أضرارًا فادحة أثرت على عملها بشكل كبير، مُحذرة من أن تجدد الانقطاعات والأضرار على الشبكة سيتسبب بتوقف كامل لخدمات الاتصالات والإنترنت.
وأشارت مجموعة الاتصالات- في بيان لها حول الأوضاع في قطاع غزة- إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر تسبب في حدوث عدة انقطاعات على المسارات الرئيسية للألياف الضوئية التي تصل قطاع غزة بالضفة الغربية ثم العالم الخارجي، ما جعل القطاع بدون شبكة محمية وبوضع حساس.
وحذرت الشركة أنه في حال تجدد الانقطاعات والأضرار على الشبكة سيؤدي لانقطاع اتصال غزة مع الضفة ما يعني توقف كامل لخدمات الاتصالات والانترنت، وفقدان الفلسطينيين هناك القدرة على التواصل وعزلهم تماما.
وأوضحت مجموعة الاتصالات أن 35% من عناصر الشبكة الرئيسية كالأعمدة والكوابل وخطوط الألياف الضوئية التي تربط غزة داخليا، تعطلت، كما تعرضت الشبكة لأضرار فادحة نتيجة الانقطاع في الكهرباء، أو حدوث أعطال في الشبكات الأرضية والهوائية، أو تدمير بعض أجهزة الشبكة، ما أثر سلبا على جودة خدمات الاتصالات والإنترنت بشكل متفاوت ما بين التقطيع إلى الانقطاع الكامل.
وأشارت إلى تعطل 35% من المقاسم الطرفية لشبكة الهاتف الثابت والإنترنت المنزلي، ما أثر بشكل كبير على نحو 40% من مشتركيها، ومشتركي الهاتف الخليوي أيضا، بسبب تعطل 30% من مواقع وأبراج الشبكة الخليوية.
وأكدت المجموعة تعرض مبنى مقر الإدارة العامة لشبكة الهاتف الثابت والإنترنت المنزلي الواقع في حي الرمال للقصف، وتدمير العديد من المباني والمنشآت التابعة للشركة بشكل جزئي في أماكن متفرقة من قطاع غزة.
الوضع الإنساني في غزة
فيما يخص الاتصالات في غزة، قال بلال خالد، مصور مقيم في غزة، لشبكة “إن بي سي” نيوز في محادثة عبر تطبيق واتساب، إنه كان هناك انقطاع كامل للإنترنت والخدمات الخلوية، وقال إنه لم يتمكن من التحدث إلا لأنه كان لديه اتصال قصير بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية.
وقال حسام مقداد، متخصص الاتصالات في غزة، لشبكة إن بي سي نيوز، في وقت سابق من هذا الأسبوع، في محادثة على “سيجنال”، إن بعض مزودي الإنترنت هناك قاموا بتخزين الوقود للمولدات، على الرغم من أن الإمدادات محدودة دائمًا.
وأضاف مقداد، أن الاتصال كان محدودا بالفعل؛ لأن القصف دمر الكثير من البنية التحتية. ومع انقطاع الكهرباء، اضطر إلى شحن هاتفه المحمول باستخدام الألواح الشمسية الخاصة بجيرانه.
أما عن الوضع الإنساني في غزة، فقد قال فيليب لازاريني، المدير العام للأونروا، إن “الحصار يعني أن الغذاء والماء والوقود- السلع الأساسية- يتم استخدامها لعقاب جماعي لأكثر من مليوني شخص، من بينهم أغلبية من الأطفال والنساء”.
وقال إن موظفي الأمم المتحدة في غزة أفادوا بأن “آخر الخدمات العامة المتبقية تنهار، وعمليات المساعدة التي نقدمها تنهار، وللمرة الأولى على الإطلاق، أفادوا بأن الناس يعانون من الجوع الآن”.
وأشار مسؤول في منظمة الصحة العالمية إلى أن المنظمة تلقت تقديرات بأنه ما تزال هناك 1000 جثة تحت الأنقاض في غزة لم يتم التعرف عليها، ولم يتم تسجيلها بعد ضمن عدد القتلى، وذلك بحسب ما نشرته شبكة سكاي نيوز.
وقال ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، ردًا على سؤال حول عدد القتلى في غزة: “حصلنا أيضا على هذه التقديرات التي تشير إلى أنه ما يزال هناك أكثر من 1000 شخص تحت الأنقاض لم يتم التعرف عليهم بعد”.
وارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 7300 شهيد وأكثر من 18900 مصاب.
وأدت حملة القصف العنيفة والحصار والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة إلى نقص حاد في المواد الأساسية من الطاقة والغذاء والمياه، وهو ما أدى إلى نفاذ الاحتياطات من هذه المواد.
وأعلنت حكومة الاحتلال وقف امداد قطاع غزة بالكهرباء، ما أدى لتوقف محطة توليد كهرباء غزة الوحيدة في القطاع عن العمل.
وحذرت وزارة الصحة في وقت سابق من خطورة الوضع الصحي في قطاع غزة، بسبب منع إسرائيل وصول الوقود إلى محطات توليد الكهرباء، ما سيتسبب بتعطيل المنظومة الصحية بالكامل، ويُعرّض القطاع لكارثة إنسانية، ويكون مليونان و200 ألف مواطن غزي دون خدمات صحية.
ووفقا لسلطة المياه، فقد انخفضت نسبة التزود بالمياه بعد أن قطعت إسرائيل نسبة التزود بالمياه، وأن انقطاع التيار الكهربائي أدى إلى توقف محطات التحلية شمالي غزة وفي المحافظة الوسطى عن العمل.
ووفقاً للأونروا فإن 95% من سكان القطاع لا يستطيعون الوصول إلى المياه النظيفة، كما يؤدي نقص الكهرباء إلى توقف الحياة بشكل دوري، ويعتمد قطاع غزة بدرجة كبيرة على إسرائيل في الحصول على المياه والكهرباء والغذاء، وتحصل غزة على معظم ما تستهلكه من كهرباء من إسرائيل نظراً لأن القطاع لا يمتلك سوى محطة كهرباء قديمة واحدة وهي التي توقفت عن العمل منذ بداية الحرب، وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن ملايين الفلسطينيين يواجهون الجفاف ويتعرضون لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه في ظل أزمة المياه المتصاعدة مع استمرار إسرائيل في حجب الإمدادات الأساسية عن غزة
من جانبه، قال نائب مدير عام الرعاية الأولية للصحة العامة رامي العبادلة، إن نسبة تلوث المياه التي يستخدمها المواطنون في قطاع غزة عالية جداً، ولفت إلى تسجيل حالات الأمراض الجلدية المختلفة ومنها حالات جدري ماء وهو مرض سريع الانتشار ينتقل عن طريق الهواء، وفي مراكز اللجوء سوف يتعرض مئات الآلاف من الأشخاص للإصابة.
كما حذر العبادلة من تبعات تراكم النفايات في قطاع غزة والذي ينتج عنه يوميا 2000 طن من النفايات، ولليوم العاشر على التوالي، تتراكم النفايات في المدن والأماكن السكانية ومراكز الإيواء وأصبحت تشكل مكاره صحية.
وتخوف العبادلة من ظهور أوبئة خطيرة مثل الكوليرا وأمراض أخرى خلال الأيام القادمة نتيجة هذه النفايات وعدم توفر مياه للنظافة الشخصية.