في صباحٍ هادئ ظاهريًا، تحوّل طريق ترعة المريوطية بمركز البدرشين إلى مسرحٍ لمأساة إنسانية موجعة، بعدما سقطت سيارة ميكروباص في مياه الترعة، لتبتلع معها أحلامًا وأرواحًا، وتخلّف حزنًا عميقًا في قلوب الأهالي، وتكشف في الوقت ذاته عن قصة بطولة نادرة ستظل محفورة في الذاكرة.
مأساة مفاجئة على طريق المريوطية
تلقت غرفة النجدة بمديرية أمن الجيزة بلاغًا، صباح اليوم الإثنين، يفيد بسقوط سيارة ميكروباص في ترعة المريوطية بدائرة مركز البدرشين، ووجود عدد من الغرقى. وعلى الفور، انتقلت قوة من رجال الأمن إلى موقع البلاغ، مدعومة بسيارات الإسعاف، وسط حالة من الذهول والارتباك بين المارة وسكان المنطقة.
وبالفحص الأولي، تبيّن أن الحادث أسفر عن مصرع ثلاثة أشخاص غرقًا، بعد أن فقد قائد الميكروباص السيطرة على عجلة القيادة، ليسقط بالمركبة في المياه، في لحظات لم تمنح الركاب فرصة للنجاة.
تدخل عاجل من الإنقاذ النهري
استعانت الأجهزة الأمنية برجال الإنقاذ النهري، الذين باشروا عمليات البحث والتمشيط داخل الترعة، حتى تمكّنوا من انتشال جثث الضحايا الثلاثة. وجرى نقلهم إلى المستشفى تحت تصرف النيابة العامة، التي بدأت التحقيق للوقوف على ملابسات الحادث وأسبابه، فيما حُرر محضر رسمي بالواقعة.
ورغم قسوة المشهد، لم تكن المأساة وحدها حاضرة، بل برزت قصة إنسانية مؤثرة جسّدها أحد أبناء المنطقة، ليحوّل الحزن إلى فخر، والدموع إلى شهادة حق.
سامح سعد تركي.. بطل لم يتردد
قال أحد شهود العيان إن الشهيد سامح سعد تركي ضرب أروع مثال في الشهامة والرجولة، حين اندفع دون تردد لمحاولة إنقاذ ركاب الميكروباص بعد سقوطه في الترعة، لم يفكر سامح في الخطر المحدق، ولا في النهاية التي قد تنتظره، بل استجاب لنداء الإنسانية، ونزل إلى المياه محاولًا إنقاذ الأرواح العالقة داخل السيارة.
قاوم التيار، وواجه الموت بيديه العاريتين، لكنه دفع حياته ثمنًا لمحاولة إنقاذ غيره، ليرحل جسده، ويبقى فعله خالدًا في قلوب كل من شاهد أو سمع قصته.
اسم لن يمر عابرًا
أضاف أن لم يكن سامح يبحث عن بطولة، ولم ينتظر شكرًا أو ثناءً، لكنه جسّد بالفعل الصادق معنى الرجولة الحقيقي. رحل في لحظة، لكنه ترك خلفه حكاية ستُروى طويلًا، ودليلًا حيًا على أن الشهامة لا تزال تنبض في قلوب أبناء هذا الوطن.
سيظل اسم سامح سعد تركي شاهدًا على التضحية، ورمزًا للإنسانية الخالصة التي لا تعرف حسابات الربح والخسارة، بل تعرف فقط واجبًا لا يقبل التردد.
وداع يليق ببطل
وأكد أحد أصدقاء الراحل، بقلب يعتصره الألم: “لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى”، مشيرًا إلى أن الأستاذ سامح سعد منصور تركي توفي اليوم الإثنين الموافق 29 ديسمبر 2025. ومن المقرر تشييع جنازته والصلاة عليه في تمام الساعة الثامنة من مسجد المقابر بالعجزية، إلى مقابر العجزية.
رحم الله الشهيد سامح سعد تركي، وجعل ما قدّمه في ميزان حسناته، وربط على قلوب أهله ومحبيه، وألهمهم الصبر والسلوان. خالص العزاء والمواساة لأهالي قرية العزيزيـــة، ولجميع من فقدوا أحبة في هذا الحادث الأليم. ستبقى المأساة جرحًا مفتوحًا، لكن ستبقى أيضًا قصة سامح نورًا يذكّرنا بأن الإنسانية ما زالت حية، وأن البطولة الحقيقية تُولد في لحظات الخطر.


