يشكّل المنتدى العربي الروسي المقرر انعقاده في المغرب فرصة مواتية لتعزيز العلاقات الاقتصادية الروسية العربية، خاصة بالنسبة لمصر التي لم تخفِ موسكو نيتها في التعويل عليها كقطب إقليمي واعد لتعزيز الوجود الروسي بالقارة الإفريقية.
وتوجه وزير الخارجية سامح شكري، صباح اليوم الثلاثاء، إلى مدينة مراكش، للمشاركة في اجتماعات الدورة السادسة للمنتدى العربي الروسي الذي تستضيفه المغرب.
المنتدى العربي الروسي
وتم اختيار المغرب لاحتضان هذه النسخة من المنتدى خلال النسخة المنصرمة التي انعقدت في أبريل بموسكو عام 2019، وتم تأجيل انعقاد المنتدى عدة مرات خلال السنوات الماضية بسبب المخاطر الوبائية المرتبطة بجائحة كوفيد-19. وبطلب من الجامعة العربية، يحتضن المغرب، الذي يرأس حاليا المجلس الوزاري للجامعة العربية، هذا المنتدى.
وفي إطار مقتضيات مذكرة التفاهم التي تربط الجامعة العربية بالفيدرالية الروسية، تم الاتفاق على أن تعقد هذه النسخة على شكل ترويكا موسعة تتكون من الأمين العام للجامعة العربية، والأعضاء الثلاثة في الترويكا الوزارية العربية، وكذا رئاسة القمة.
وستكون المشاركة مفتوحة أيضا أمام الوفود الوزارية، وستركز المناقشات والأشغال خلال هذا المنتدى على التعاون بين روسيا والعالم العربي، وذلك وفقا للممارسات الجاري بها العمل.
من جانبه، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، ومدير إدارة الدبلوماسية العامة، إن سامح شكري وزير الخارجية توجه صباح الثلاثاء إلى مدينة مراكش المغربية، للمشاركة في اجتماعات المنتدى العربي الروسي الذي تستضيفه المغرب.
وأشار المتحدث باسم الخارجية إلى أن هذه هي الدورة السادسة للمنتدى العربي الروسي، الذي تم إطلاقه رسمياً لأول مرة في عام 2009 بموجب مذكرة تفاهم بين جامعة الدول العربية وروسيا.
وأوضح أن العاصمة الروسية موسكو استضافت آخر دوراته في عام 2019، ازدادت أهمية المنتدى خلال السنوات الماضية كمنصة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بشأن القضايا المختلفة على المستوى الإقليمي والدولي، أخذاً في الاعتبار الاهتمامات والأولويات المشتركة التي تجمع الجانبين العربي والروسي في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية.
من ناحية أخرى، كشف أبوزيد عن أنه من المقرر أن يعقد الوزير شكري عدة لقاءات مع نظرائه على هامش المنتدى، والتي تستهدف التشاور حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية الهامة، وفي مقدمتها الحرب الدائرة في قطاع غزة وسبل إنهائها في أسرع وقت.
وتشير العلاقات المغربية المصرية إلى العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية، فمنذ الاستقلال، حافظت الدولتان على العلاقات الدافئة فيما بينهما. كما هو الحال مع أغلب الدول العربية التي هي أعضاء في جامعة الدول العربية، جافتا، منظمة التجارة العالمية، منظمة التعاون الإسلامي، مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والأمم المتحدة.
وترتبط المغرب ومصر بعلاقات متميزة على جميع الأصعدة السياسية والثقافية والإعلامية، حيث تتسم العلاقات السياسية بالتفاهم والتنسيق المستمر بشأن القضايا الدولية والإقليمية والعربية وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي ودعم التضامن العربي، أما علي صعيد العلاقات الثقافية فقد وقّع أول بروتوكول ثقافي بين البلدين عام 1959، فيما شهدت العلاقات الإعلامية تطوراً من حيث تبادل الزيارات والخبرات بين البلدين، أما المجال الاقتصادي فقد شهد تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.
وجددت مصر دعمها في عام 1999 لوحدة المغرب الترابية. «مصر تدعم دائما جهود المغرب لاستكمال وحدة أراضيها،» وقال نائب وزير الشؤون الخارجية المصري، جمال الدين بيومي لصحيفة المنعطف المغربية، مشيرا إلى تشبث المغرب بصحرائه الغربية. شدد بيومي أيضا على حاجة المغرب ومصر لتعزيز العلاقات التجارية في ما بينها وبين الدول العربية.
تعزيز التعاون المصري المغربي
وتسعى مصر والمغرب بقوة إلى دراسة تعزيز أوجه التعاون الاقتصادي بين الدولتين، بما يصل إلى مرحلة التكامل في عدد من القطاعات، استغلالاً لمكامن القوة في كلا الاقتصادين، وكذلك الموقع الاستراتيجي للدولتين الذي يتيح التواصل مع الشرق والغرب والشمال والجنوب.
ومؤخرًا شهد مصر والمغرب تعاونًا كبيرًا في مجال النقل إذ وقع على هذه الاتفاقيات وزير النقل واللوجستيك محمد عبد الجليل ونظيره المصري كامل الوزير ، على هامش الدورة الخامسة لمعرض النقل الذكي والأخضر والبنية التحتية واللوجيستيات للشرق الأوسط وإفريقيا.
وتتعلق الاتفاقية الاولى بمذكرة تفاهم في مجال السلامة الطرقية، وتأتي إدراكا من الجانبين لفوائد تعزيز التعاون في مجال السلامة الطرقية ورغبتهما في تعزيز التعاون الثنائي وتطوير البحث العلمي وتنمية القدرات وتبادل الخيرات في مجال السلامة الطرقية.
كما تأتي تعبيرا عن قناعة الطرفين بأهمية الشراكة القائمة على تبادل التجارب وتقاسم الأفكار بين الخبراء في مجال السلامة الطرقية، واقتناعا بكون إضفاء الطابع الرسمي على هذا التعاون واعتماد آليات تقييمه بصفة دورية مهمان بشكل فعال في تعزيز الروابط التقنية والعلمية في مجال السلامة الطرقية.
وبموجب مذكرة التفاهم هذه، يسعى الطرفان إلى التعاون في مجالات إدارة السلامة الطرقية ووضع استراتيجياتها، ومواكبة وتنمية القدرات في إعداد وتنفيذ وتقييم استراتيجيات السلامة الطرقية وإدماج تقنيات التكنولوجيا الحديثة في مجال السلامة على الطرق.
أما الاتفاقية الثانية فتتعلق بقطاع النقل السككي وترمي إلى تحديد الإطار العام للتعاون الثنائي، ويلتزم الطرفان بموجبها باتخاذ كل المبادرات التي من شأنها تطوير هذا التعاون، بما في ذلك توطيد التشاور حول القضايا المهمة وذات الصبغة المشتركة في مجال النقل السككي.
ويشمل هذا التعاون بمقتضى الاتفاقية ، مختلف المجالات المتعلقة بالمنظومة السككية، منها تطوير الشبكة والمعدات المتحركة وهندسة السكة وهندسة الإشارات وتشغيل السكك الحديدية وتثمين الممتلكات بالمحطات وخارجها وتطوير نقل البضائع والخدمات اللوجستية ورقمنة القطاع والابتكار والبحث والتطوير والتنمية المستدامة وتحسين نظام الإدارة.
وتتعلق الاتفاقية الاخيرة بمذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل بشهادات الأهلية البحرية للملاحين وأعمال النوبة، وتأتي سعيا من الجانبين لتوطيد علاقات التعاون والتكامل في مختلف مجالات النقل البحري ، ورغبة منهما في اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ الاتفاقية الدولية لمستويات التدريب وإصدار الشهادات.
ويحضر المغرب فعاليات هذا الحدث بوفد رفيع يترأسه محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك، ويضم مسؤولين من الوزارة والمقاولات والمؤسسات العمومية التابعة لها.
ويعد هذا المعرض مناسبة هامة للتواصل بين كبار مسؤولي قطاع النقل في العالم، كما يعد منصة عالمية لتعزيز سبل التعاون وتبادل المعرفة والخبرات وأفضل الممارسات، بالإضافة إلى الاطلاع على أحدث التقنيات والابتكارات في هذا القطاع الحيوي.
وتعرف هذه التظاهرة مشاركة المسؤولين عن قطاع النقل في عدد من الدول من وزراء، ورؤساء المؤسسات والشركات ورؤساء هيئات النقل في دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وممثلي المنظمات الدولية المعنية والجهات الدولية المانحة.
ومن جانبه، قال الباحث في الشأن المغربي، الدكتور أمين صوصي علوي، إن المغرب في تصاعد اقتصادي متزايد ويحتاج إلى موارد ودعم من قبل الدول المتقدمة تكنولوجيا في التنقيب، لأن المغرب قام باكتشافات كبيرة في مجال الطاقة في السنوات الأخيرة، كما اتجه نحو الطاقة المتجددة ويحتاج إلى شركات من دول العالم، خاصة الشركات التي لديها خبرة في مجال الطاقة المتجددة، لافتًا إلى أن روسيا من الدول المتقدمة للغاية في هذا المجال.
وأضاف الصوصي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن “المغرب يتجه إلى الطاقات المتجددة والطاقة النظيفة، وروسيا لديها خبرة كبيرة في هذا المجال، وبالفعل تم الاتفاق على عدة مشاريع تخص تحلية المياه واستغلال الطاقة في السدود، وبلا شك التنقيب على الغاز في الأراضي المغربية.