شهدت جلسات اليوم الأول من المؤتمر العربي الثاني للطاقات المتجددة والمستدامة، الذي تنظمه نقابة المهندسين المصرية، برئاسة المهندس طارق النبراوي، بالتعاون مع اتحاد المهندسين العرب برئاسة الدكتور عادل الحديثي، على مدار يومي السبت والأحد، بأحد فنادق مدينة الجيزة الشهيرة، مناقشات موسعة حول التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والمستدامة.

وترأس الدكتور محمد صلاح السبكي، الأستاذ بهندسة جامعة القاهرة، الجلسة الأول من اليوم الأول للمؤتمر، والتي ناقشت “استراتيجية الطاقة المتجددة – حاضر ومستقبل”، وتحدث فيها كل من: الدكتور محمود الجيلاني، أستاذ الطاقة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، والدكتور محمد سليم، عضو اللجنة الاستشارية العليا لنقابة المهندسين، ونسرين الرعيض، مدير مكتب التدريب والتطوير والجودة في مركز الاستشارات والبحوث الهندسية وتقنية الطاقة بجامعة بني غازي الليبية، والدكتور إبراهيم نصار- رئيس قسم الهندسة الكهربائية بكلية الهندسة بجامعة الأزهر.

وأوضح “السبكي”، أن العالم ينتقل لاستخدام الطاقة المستدامة بشكل تدريجي، وكافة الدول لها استراتيجيات مختلفة، ومستهدفات مختلفة في الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، مشددًا على أنه قد حان الوقت للجوء للطاقات المستدامة بشكل أكبر.

الاستثمار في الطاقة المتجددة 

وتحت عنوان: “استراتيجيات وتحديات الطاقة الجديدة حاليا ومستقبلا” استفاض الدكتور محمود الجيلاني، فى توضيح أهم الصعوبات والمشاكل التي تواجه استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ التأثر بالطقس، مستشهدًا بالظاهرة التي حدثت في المانيا العام 2018، والتي أدت إلى فقدها لحوالي 24 جيجاوات المولدة من الطاقة الشمسية خلال دقيقتان ألا وهي ظاهرة “الهدوء المظلم” أو “الكآبة المظلمة”.

وتناول “الجيلاني” أهم استراتيجيات الطاقة في الوقت الحالي ومستقبلا، ومنها استراتيجيات تنوع مزيج الطاقة، وتطوير البينية التحتية للطاقة، وتحسين كفاءة الطاقة، مؤكدا على أن دور المهندس العربي الأن هو السعي لتوطين الصناعات في مجالات الطاقة الجديدة.

فيما استعرض الدكتور محمد سليم، استراتيجية الطاقة لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية مصر 2035، موضحا أن الرؤية الاستراتيجية للطاقة ضمن رؤية مصر 2030، تتميز بالقدرة على الابتكار والتنبؤ والتأقلم مع المتغيّرات المحلية والإقليمية والدولية في مجال الطاقة وذلك في إطار مواكبة تحقيق لأهداف الدولية للتنمية المستدامة الهدف 7 – طاقة نظيفة وبأسعار معقولة.

وكشف سليم أنه تم تحديث استراتيجية قطاع الطاقة في مصر حتى 2030 بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وتم اعتمادها من المجلس الأعلى للطاقة واختيار السيناريو الأمثل ليكون هو الأساس والمرجعية لتخطيط الطاقة بمصر، وتتضمن الاستراتيجية تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة فى مزيج القدرات الكهربائية لتصل نسبتها إلى 42% بحلول عام 2030.

كما تضمنت الاستراتيجية هدف لترشيد استهلاك الطاقة في كافة القطاعات بنسبة 18%، وتضمنت الدراسة التي أعدها الاستشاري عدد 8 سيناريوهات مختلفة في مزيج الطاقة من مصادرها الأولية، وتراعي الكميات المتاحه من الغاز الطبيعي، وذلك بهدف اختيار البديل الأمثل منها فنيا واقتصاديا.

وأكد “سليم” أن التحديات العالمية تدفع باتجاه الربط الشبكي والتجارة عبر الحدود لتحقيق إمدادات مستدامة وآمنة وبأسعار معقولة

وخلال محاضرتها أوضحت نسرين الرعيض، أن توليد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة له أهمية حيوية، لأنه يعمل كحل مثالي لقضايا الطاقة والبيئة، مثل الاحترار العالمي واستنفاد طبقة الأوزون وتلوث الهواء وتغير المناخ الناجم عن الانبعاثات الضارة لغازات الدفيئة المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري في محطات القدرة التقليدية لتوليد الكهرباء.

وأشارت “الرعيض” إلى أن الطاقة الحرارية الأرضية هي مصدر بديل للطاقة يتمتع بميزة مهمة تتمثل في كونه أحد أنظف مصادر الطاقة، لأنه لا يولد انبعاثات للغازات الدفيئة، وأن الطاقة الحرارية الأرضية صديقة للبيئة، ولا تسبب تلوث الهواء أو الماء، كما أنها أكثر استقرارًا من المصادر الأخرى للطاقة المتجددة كالشمس والرياح حتى في ظل الطقس والتغيرات الموسمية.

وأضافت أن الطاقة الحرارية الأرضية تتطلب مساحة مادية أضيق من محطة الطاقة التقليدية، فيما توجد موارد الطاقة الحرارية الأرضية ذات درجات الحرارة المنخفضة في العديد من المناطق في جميع أنحاء العالم وتمثل مورد طاقة فعال للغاية.

وقالت المهندسة نسرين الرعيض: “تم عمل تحليل ديناميكي حراري للتحقق من جدوى استخدام الموارد الحرارية الأرضية منخفضة المحتوى الحراري والمتمثلة في الآبار الارتوازية الفوارة الموجودة في مدينة “ودان” في ليبيا لإنتاج الطاقة.

فيما تناول الدكتور إبراهيم نصار، إيجابيات وسلبيات الطاقات الجديدة والمتجددة، موضحا أنه هناك خمس أسباب تسرع من عملية التحول لاستخدام الطاقة النظيفة كونها الطريق لكوكب سليم وصالح للعيش للأجيال القادمة، أولها أن مصادر الطاقة المتجددة موجودة في كل مكان حولنا، وأنها أقل تكلفة، وتحافظ على الصحة، وتخلق فرص عمل جديدة، وذات جدوى اقتصادية.

وأشار إلى أن الوقود الأحفوري له سلبيات كبيرة على المناخ نظرًا لانتشار النفايات في الهواء وأنه لتجنب آثار هذه النفايات على الطبيعة يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف بحلول عام 2030، والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، مستعرضا مجهودات الدولة المصرية في مجال التحول للطاقة الجديدة والمتجددة، والتي أدت إلى تقدم مصر 20 مركزًا في مؤشر السياسة المناخية طبقا لمؤشرات أداء تغير المناخ عام 2022.

واختتمت الجلسة الأولى بمداخلة للدكتور محمد السبكي، استعرض خلالها بعض الأدوات التشريعية لتنمية الطاقة المتجددة، موضحا أن مصر أصدرت عددا من التشريعات بعضها أساسية وأخرى تكميلية للتشجيع في الاستثمار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، منها على سبيل المثال السياسات التسعيرية لتشجيع المستثمرين من خلال تخفيض الضرائب والجمارك، موضحا أن الدستور المصري نص على أن الدولة ملتزمة بتنمية الطاقات المتجددة والاستخدام الأمثل لها.

واستعرض “السبكي” المادة السابعة من قانون (203) لسنة 2017 بشأن تنمية إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، وكذا المادة الثامنة والتاسعة، مؤكدا أن مصر تمتلك خبرات لتطبيق عددا من الآليات في وقت واحد، وأن هناك 250 مطورا بمشاريع الطاقة المتجددة في مصر.

وقد شارك في الجلسات عدد من الخبراء والمتخصصين، كان من بينهم: اللواء أركان حرب مهندس مختار عبداللطيف، رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع، والدكتور أحمد مهينة، وكيل وزارة الكهرباء، والدكتور معتز طلبة، أمين صندوق نقابة المهندسين، والاستشاري محمد ناصر، عضو المجلس الأعلى بنقابة المهندسين، والمهندس محمود العربي، عضو المكتب الدائم باتحاد المهندسين العرب، ورؤساء عدد من النقابات الفرعية ورؤساء الشعب الهندسية والمجلس الأعلى لنقابة المهندسين المصرية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version