شهدت الجلسة العلمية الأولى بمؤتمر الجمعية الفلسفية المصرية التي عقدت تحت عنوان:” فلسفة التشريع الإسلامي” برئاسة الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم-، بمقر دار الإفتاء المصرية، عرضًا لعدد من الورقات البحثية والتي استهلها الدكتور إبراهيم نجم -الأمين العام للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-، بعرض بحثي في ورقة بعنوان “الأبعاد الدينية والفلسفية لاستخدام الذكاء الصناعي” تناول فيها العديد من القضايا الأساسية التي قد تغير مفاهيمنا التقليدية عن الذكاء الاصطناعي وأثره على المجتمع.

كما أوضح أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية حديثة تهدف إلى تحسين الأداء البشري في مختلف المجالات، بل هو ظاهرة تتطلب تحليلًا فلسفيًّا وأخلاقيًّا عميقًا، كما استعرض التأثيرات المحتملة لهذه التكنولوجيا على القيم الإنسانية الأساسية مثل العدالة، والحرية، والمساواة، وكذلك نبَّه إلى ضرورة توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع المبادئ الأخلاقية والدينية، لضمان أن تكون تطبيقاته في خدمة المجتمع وحماية حقوق الأفراد.

وأشار نجم أيضًا إلى التحديات التي يواجهها المجتمع في ضوء التقدم السريع لهذه التكنولوجيا، مثل اتخاذ القرارات التي تتعلق بالحرية الشخصية والموافقة المستنيرة، وتطرق إلى ضرورة أن يتسم الذكاء الاصطناعي بالتوازن بين الابتكار وحماية القيم الإنسانية والدينية، مؤكدًا أهمية الرقابة المستمرة والتوجيهات الشرعية لضمان أن تظل هذه التقنية أداة لصالح الإنسانية، لا تهديدًا لها.

ومن خلال عرضه أتاح الدكتور إبراهيم نجم للباحثين والحضور فرصة جديدة لإعادة النظر في الذكاء الاصطناعي، ليس فقط كأداة تقنية، بل كظاهرة فلسفية وأخلاقية، وأكد على أهمية التفاعل بين العقلانية والتوجيهات الشرعية لضمان الاستفادة المثلى من هذه التكنولوجيا، بما يتماشى مع القيم الإسلامية والمجتمعية.

وأضاف الدكتور إبراهيم نجم أن المصطلح الجديد المتعلق بالذكاء الاصطناعي يحتاج إلى تسليط الضوء على المراحل التي يمر بها، حيث أشار إلى أن المرحلة التي نعيش فيها الآن هي المرحلة “فائقة الذكاء”، وهي مرحلة سيفقد فيها الإنسان سيطرته على الكون، وتابع بأنه حدد نحو 18 إشكالية دينية وفلسفية تتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي، مُلقيًا الضوء على اثنين منها بشكل خاص.

وذكر أن الإشكالية الأولى تتعلق بما إذا كان ما ينتجه الذكاء الاصطناعي يعد علمًا ومعرفة دينية، أو إذا كان يقدم معلومات فقط، وتعد هذه إشكالية كبيرة ومثيرة للجدل الآن، وفي المرحلة الحالية من الذكاء الاصطناعي، خاصة مع وجود الذكاء الفائق، فإن الذكاء الاصطناعي قد ينتج معلومات فقط، ويظل العنصر البشري هو العنصر المحوري في عملية الفهم والتطبيق.

أما الإشكالية الثانية فهي “إشكالية التحيز” كمصطلح فلسفي ديني، وأوضح الدكتور نجم أن اللغة العربية تستحوذ على 3% فقط من حصة الذكاء الاصطناعي، بينما اللغة الإنجليزية تأخذ 68%، والهندية 18%، وتأتي اللغات الأوروبية بنسب أقل.

وأشار إلى أن النموذج الحالي للذكاء الاصطناعي تم تدريبه على 10 مليار معلومة، وذكر أنه في حالة سألنا الذكاء الاصطناعي عن فتوى، فإنه سيستجيب استنادًا إلى مخزون المعلومات المتاح لديه، وهو ما يشمل فتاوى تيارات منحرفة قد تكون جزءًا من هذا المخزون، لذلك، أعرب عن أمله في أن يكون هناك “اشتباك” بين علماء الدين والفلسفة والعلماء المعنيين بالذكاء الاصطناعي، وأكد أن العالم العربي لم يحرز أي تقدم حقيقي حتى الآن في هذا المجال.

وفي الختام، دعا الدكتور نجم من منبر دار الإفتاء والجمعية الفلسفية المصرية إلى ضرورة التعاون المشترك بين الفلاسفة وعلماء الدين والعلماء المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، حتى يمكن الاستفادة من هذه التقنية بشكل صحيح ومتوازن يتوافق مع القيم الأخلاقية والدينية. 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version