عاد ملف الإيجار القديم إلى صدارة النقاشات البرلمانية، بعد تصاعد شكاوى المستأجرين من قرارات تصنيف المناطق السكنية التي أصدرتها المحافظات، وما نتج عنها من زيادات مفاجئة وكبيرة في القيمة الإيجارية، فهناك مطالبات نيابية حذّرت من أن التطبيق الحالي للتصنيفات يفتقر إلى العدالة، ويهدد بخلق أزمات اجتماعية جديدة، خاصة بين الفئات محدودة الدخل.
وطالب عدد من أعضاء مجلس النواب بضرورة إعادة النظر في تقسيم المناطق إلى «اقتصادية ومتوسطة ومتميزة»، مؤكدين أن استمرار العمل بالتصنيفات الحالية دون مراجعة دقيقة قد يُخلّ بالتوازن المطلوب بين حقوق المالك وقدرة المستأجر على السداد، ما يستدعي تدخلًا تشريعيًا وتنفيذيًا عاجلًا.
وفي هذا السياق، قال عاطف المغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، إن قانون الإيجار القديم، بصيغته التي تتجه لإنهاء العلاقة الإيجارية، يضع آلاف المستأجرين أمام مستقبل غير واضح، مشددًا على ضرورة أن يتدارك البرلمان الجديد هذه التداعيات الاجتماعية.
وأشار المغاوري لـ صدى البلد إلى أن لجان المحافظات أعدّت تصنيفات أثارت غضبًا واسعًا بين المستأجرين، لافتًا إلى أن بعض الحالات تعرضت لأزمات صحية نتيجة الضغوط المالية المفروضة، مطالبًا بمراجعة شاملة للتصنيفات التي رفعت قيمة الإيجار في مناطق تفوق قيمتها الحقيقية في السوق.
من جانبه، قال إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن القانون يعتمد على قرارات المحافظين في تقسيم المناطق إلى ثلاثة مستويات، وهو ما أدى إلى تفاوت كبير في تطبيق الزيادات الإيجارية بين محافظة وأخرى، بل وداخل المنطقة الواحدة.
وأوضح منصور أن آلية الزيادة تنص على مضاعفة القيمة الإيجارية 10 مرات في المناطق الاقتصادية بحد أدنى 250 جنيهًا، و10 مرات في المناطق المتوسطة بحد أدنى 400 جنيه، بينما تصل إلى 20 مثلًا في المناطق المتميزة بحد أدنى ألف جنيه.
واستشهد بمحافظة الجيزة، حيث فوجئ بعض المستأجرين بإعادة تصنيف مناطقهم من «اقتصادية» إلى «متميزة» بعد سدادهم الحد الأدنى لعدة أشهر، ليُطالبوا لاحقًا بسداد فروق بأثر رجعي رفعت الإيجار إلى 1750 جنيهًا مؤقتًا، قبل أن يستقر عند ألف جنيه شهريًا.
وأكد أن نحو 11 محافظة أصدرت قراراتها حتى الآن، محذرًا من أن تصنيف مناطق كاملة ككتلة واحدة «متوسطة» أو «متميزة» تجاهل الفروق الواضحة بين الشوارع الرئيسية والمناطق الجانبية، مطالبًا بوضع معايير دقيقة تشمل عرض الشارع، ومستوى الخدمات، وتوافر المرافق، على غرار ما تم في قانون التصالح.
وشدد منصور على أن الأزمة تمس بالأساس الفئات غير القادرة، مثل مستفيدي «تكافل وكرامة»، والأرامل، وذوي الإعاقة، وغالبية أصحاب المعاشات، كاشفًا عن رفض مقترحات برلمانية كانت تهدف لتحمل الدولة دعم هذه الفئات، مع ضمان حصول الملاك على مستحقاتهم كاملة.
وضرب مثالًا بحالة صاحب معاش يتقاضى 3500 جنيه شهريًا، وأصبح مطالبًا بسداد إيجار 5000 جنيه بعد تصنيف منطقته كـ«متميزة»، معتبرًا أن هذا الوضع يستدعي تدخلًا حكوميًا عاجلًا قبل تفاقم الأزمة.
وينص القانون على أن تُحتسب القيمة الإيجارية الجديدة اعتبارًا من الشهر التالي لتاريخ العمل به، بواقع 20 مثلًا في المناطق المتميزة، و10 أمثال في المناطق المتوسطة والاقتصادية، مع الالتزام بسداد الفروق المستحقة على أقساط شهرية عقب صدور قرارات المحافظين المختصين.


