أكد كمال كيشور، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ورئيس مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، أن المنطقة العربية تلعب دورًا مهمًا ومتناميًا في مجال مجابهة التغيرات المناخية والحد من مخاطر الكوارث، لافتًا إلى تزايد اهتمام دول المنطقة بقضايا الكوارث، وما يصاحب ذلك من جهود لإعداد الاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى الحد من مخاطرها وتعزيز الجاهزية والاستعداد.

جاء ذلك في لقاء خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، على هامش فعاليات المنتدى الإقليمي العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث، المنعقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تحت شعار «معًا من أجل تنسيق أفضل واستجابة أكثر فاعلية»، بمشاركة رفيعة المستوى من ممثلي الدول العربية، والمنظمات الإقليمية والدولية، ووكالات الأمم المتحدة، إلى جانب نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات الحد من مخاطر الكوارث والإنذار المبكر.

وأعرب كيشور، عن إيمانه التام بامتلاك المنطقة العربية طاقات وإمكانات كبيرة تمكنها من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة التغيرات المناخية بفاعلية، مشددًا على أهمية تشجيع الابتكار، وتعزيز التنسيق، وتوسيع نطاق التعاون الكامل بين مختلف دول المنطقة، بما يسهم في بناء منظومة متكاملة للحد من مخاطر الكوارث.

وتحدث عن الأولويات الرئيسية المرتبطة بتنفيذ أهداف الإنذار المبكر وبناء مجتمعات قادرة على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية، موضحًا أن المعرفة وبناء القدرات الوطنية تأتي على رأس هذه الأولويات، من خلال إتاحة أحدث المعارف العلمية والتقنية في هذا المجال، إلى جانب الالتزام الوطني من جانب الدول بتنفيذ خطط الإنذار المبكر والاستعداد، وامتلاك أحدث التكنولوجيات الداعمة لذلك.

وشدد كيشور على ضرورة بناء شراكات فاعلة بين مختلف الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام، لضمان وصول رسائل الإنذار المبكر إلى المجتمعات المحلية بصورة واضحة ومفهومة، وبما يعزز من قدرة المواطنين على التفاعل السريع مع هذه الرسائل.

وتناول الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة قضية التمويل، مؤكدًا أهمية البحث عن آليات تمويلية مبتكرة لتوفير الموارد المالية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجيات والخطط المتعلقة بالإنذار المبكر، والحد من مخاطر الكوارث، ومواجهة التغيرات المناخية، مشيرًا إلى أن التمويل يمثل أحد التحديات الرئيسية أمام التنفيذ الفعلي لهذه الخطط.

وحول الأولويات الإقليمية في المنطقة العربية لبناء مجتمعات قوية وقادرة على مواجهة التغيرات المناخية وتحقيق استراتيجيات الإنذار المبكر، أوضح كيشور أن المنطقة العربية تعاني من درجة عالية من الهشاشة تجاه هذه القضايا، في ظل ما تواجهه من آثار سلبية للتغيرات المناخية، من بينها ندرة المياه، والجفاف، والعواصف الرملية والترابية، والفيضانات، مشيرًا إلى أن وتيرة هذه الظواهر البيئية آخذة في التزايد بشكل ملحوظ.

وأضاف أن الأمر لم يعد يقتصر على التوقعات أو الدراسات، بل باتت المنطقة تعاني بالفعل من آثار ملموسة، مثل الفيضانات التي اجتاحت بعض المناطق في المغرب، والعواصف التي ضربت مدينة درنة الساحلية في ليبيا، فضلًا عن تزايد أنواع الكوارث الطبيعية وحدتها، وظهور أنماط لم تكن معتادة من قبل في المنطقة العربية.

وأشار كيشور إلى وجود تحديات كبيرة تستوجب التحرك العاجل، موضحًا أن هناك ثلاث أولويات رئيسية تتعلق بمواجهة العواصف الترابية، ودرجات الحرارة الشديدة، والفيضانات، مؤكدًا أن وجود نظام محكم وفعال للإنذار المبكر يمثل حجر الزاوية في التعامل مع هذه التحديات، ومن هنا تنبع أهمية انعقاد المنتدى الإقليمي العربي الأول للإنذار المبكر.

وأوضح كيشور أن فعالية الإنذار المبكر لا تتوقف عند امتلاك آليات تقنية فقط، بل تتطلب أن تكون هذه الأنظمة معروفة للمواطنين، ومفهومة لديهم، وأن تحظى بثقتهم، مؤكدًا أن بناء المعرفة والتواصل المباشر مع المجتمعات بشأن هذه الأنظمة يعد عنصرًا أساسيًا لنجاحها.

وأكد ضرورة العمل من خلال مفهوم تشاركي يقوم على بناء الشراكات والتنسيق الكامل بين جميع الأطراف، للوصول برسالة الإنذار المبكر إلى الناس، مشددًا على أن مواجهة الكوارث لا تتعلق فقط بعمل الوكالات الحكومية أو المنظمات الدولية، بل هي مسؤولية مجتمعية شاملة تتطلب مشاركة جميع المؤسسات، بما في ذلك القطاع الخاص، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام.

وأشار إلى أن القطاعات المختلفة، مثل الطاقة والمياه والغذاء، إلى جانب جميع المؤسسات الحكومية، مطالبة بالمشاركة الفاعلة في هذا الجهد المشترك، مؤكدًا أن الحد من مخاطر الكوارث قضية تتطلب تعاونًا واسع النطاق لضمان تحقيق النتائج المرجوة.

وشدد كيشور على الأهمية الكبيرة لدور الإعلام والمجتمع المدني، مؤكدًا أن الإعلام يمثل عنصرًا محوريًا في مختلف الخطط المتعلقة بمواجهة التغيرات المناخية والحد من مخاطر الكوارث، بل ويمكن أن يكون في حد ذاته إحدى آليات الإنذار المبكر من خلال نقل الرسائل التحذيرية إلى مختلف فئات المجتمع.

وأوضح أن الإعلام يسهم في تعريف المواطنين بآليات الإنذار المبكر، وكيفية التعامل معها، وبناء الثقة فيها، فضلًا عن دوره في رفع الوعي العام بهذه القضايا، والوصول إلى المجتمعات المحلية والحكومات والقطاع الخاص، مؤكدًا أن الإعلام يعمل على الأرض مع الناس، وينقل احتياجاتهم وظروفهم، ويعكس وجهات نظرهم في أوقات الكوارث.

وبشأن التكنولوجيا في مجال الإنذار المبكر، والفرص المتاحة أمام المنطقة العربية، ومدى سهولة نقل هذه التكنولوجيات، أوضح كيشور أن هناك دولًا في المنطقة تولي اهتمامًا كبيرًا بامتلاك أحدث التكنولوجيات، وتضخ استثمارات واسعة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والثورة الرقمية، في حين تفتقر دول أخرى إلى هذه الإمكانات.

وأكد ضرورة تعزيز التعاون بين دول المنطقة لبناء القدرات، وإتاحة الفرص للدول التي لا تمتلك بعد الإمكانات الكافية، بما يضمن أن تصبح جميع دول المنطقة العربية أكثر قدرة على مواجهة الكوارث والتغيرات المناخية.

وحول الخطوات المستقبلية لبرنامج الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، ودمج هذه القضية في الخطط العامة للدول، ذكر كيشور أن هناك جهودًا كبيرة تُبذل لمواجهة المخاطر الأكثر تأثيرًا في المنطقة العربية، وعلى رأسها الفيضانات والعواصف الرملية والترابية، لما لها من آثار سلبية مباشرة على خطط التنمية والمجتمعات.

وأكد أنه سيتم اتخاذ مزيد من الخطوات الجادة لتعزيز التواصل والتنسيق بين الحكومات والمجتمعات المحلية، والشركاء الآخرين من المجتمع المدني والإعلام والقطاع الخاص، مشددًا على أن تقوية قنوات التواصل تمثل عاملًا أساسيًا لضمان وصول الرسائل إلى الجميع.

وأوضح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث أن من بين أولويات البرنامج كذلك بناء القدرات وتوفير المعرفة للدول، بما يدعم تنفيذ خطط واستراتيجيات الإنذار المبكر، مؤكدًا أنه لا يمكن تنفيذ أي نظام فعال للحد من مخاطر الكوارث دون وجود نظام متكامل وموثوق للإنذار المبكر.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version