“وعد من لا يملك لمن لا يستحق”.. هكذا وصف وعد بلفور الذي أعطاهُ وزير الخارجية البريطاني الأسبق “آرثر بلفور” إلى اللورد “ليونيل روتشيلد” رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا ، والذي وعدهم فيها بالتزام بلاده بتأييد إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، عبر رسالة أرسلها له في الثاني من نوفمبر عام 1917.

وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور 

وعد بلفور

الوعد المشئوم تم إعداده أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث أرادت بريطانيا مقابل وعد بلفور ، الحصول على دعم الجالية اليهودية لدى الولايات المتحدة ، من أجل دفع أمريكا للمشاركة في الحرب بجانب بريطانيا، وهو ما حدث بالفعل ، حيث دخلت واشنطن الحرب في إبريل عام 1917.

فلسطين

وأثناء الحرب العالمية الأولى ، تقاسمت كلًا من بريطانيا وفرنسا المنطقة العربية عن طريق اتفاقية “سايكس بيكو” ، حيث كانت فلسطين من ضمن الدول التي تقع تحت الانتداب البريطاني ، وبعد انتهاء الحرب في نوفمبر عام 1917، قامت بريطانيا باحتلال الأراضي الفلسطينية في ديسمبر من ذات العام وفرضت حكومة عسكرية حينها؛ الأمر الذي سمح ببدء تكريس دعائم الوطن القومي اليهودي على الأرض وفق وعد بلفور.

وفي يوليو عام 1920 ، أصبح السير هربرت صموئيل أحد زعماء الصهيونية العالمية، أوّل مندوب سامٍ في فلسطين، وفي أغسطس من ذات العام، وافق على أول مرسوم هجرة يهودية إلى فلسطين.

رسالة وعد بلفور

الانتداب البريطاني

وعلى رغم أن ميثاق عصبة الأمم ، الذي أعلن عنه في مؤتمر باريس للسلام عام 1919 ، نص على أنه يجب أن تكون لرغبات المجتمعات “المقام الأول في اختيار الدولة المنتدبة”، تمّ منح الانتداب على فلسطين إلى بريطانيا في مؤتمر المجلس الأعلى للحلفاء في مدينة “سان ريمو” بإيطاليا في أبريل 1920.

الوكالة اليهودية

ولأن العالم اجتمع على أن لابد من إقامة وطن قومي لليهود، وافق مجلس عصبة الأمم في يوليو عام 1922 على صك الانتداب البريطاني على فلسطين والمكون من 28 مادة ، أبرزها الاعتراف بالصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين و إنشاء وطن قومي  يهودي فيها ، والاعتراف بالمنظمة الصهيونية والتي كانت تندرج تحت اسم “الوكالة اليهودية” حينها، كذلك تسهيل اكتساب الجنسية الفلسطينية لليهود، ومنح اللغة العبرية مكانةً معادلة للغة العربية كلغة رسمية في فلسطين.

قدوم اليهود

وعندما علم العرب بذلك ، سادت حالة الغضب والسخط لديهم وشهدت تحركات على الأرض لرفض ذلك ، وهو ما دفع بريطانيا القول بأنها لن تسمح بالاستيطان اليهودي في فلسطين ، إلا بقدر ما يتفق مع مصلحة السكان العرب؛ لكنها في الوقت ذاته ، أصدرت أوامرها إلى الإدارة العسكرية البريطانية في فلسطين، بأن تطيع أوامر اللجنة اليهودية التي كانت تعمل على تحويل قوافل المهاجرين اليهود القادمين من روسيا وأوروبا الشرقية إلى فلسطين.

الشعب الفلسطيني لم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرضها على الأرض الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة؛ فقد خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها الثورة الكبرى عام 1936 ، إلا أن الدعم الأمريكي والغربي للعصابات اليهودية والصهيونية ، حال دون تحقيق أي نجاح.

وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور 

تقسيم فلسطين

وفي عام 1947 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تقسيم فلسطين ، ومن ثم ، تمكن اليهود من إقامة دولتهم في الخامس عشر من مايو عام 1948 ، وليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بضغط الدول الكبرى، ولتصبح إسرائيل بذلك أول دولة في تاريخ النظام السياسي العالمي التي تنشأ على أرض الغير.

التاريخ يعيد نفسه

وما أشبه اليوم بالبارحة، فالإجرام الذي نفذته العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين، يمارسه الآن جيش الاحتلال مرة أخرى بحق سكان قطاع غزة، عبر عمليات إبادة جماعية ومجازر دموية، وذلك ردًا على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها فيها الفصائل الفلسطينية.

ويتعرض قطاع غزة لحرب تدميرية شرسة ومجازر دموية بشعة ، أودت بحياة آلاف الشهداء والمصابين جراء العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر.

ويعمل الاحتلال على التهجير القسري للفلسطينيين ودفعهم نحو الجنوب مع مصر، من أجل تفريغ الأرض من سكانها الأصليين، وهو ما يمثل تصفية القضية الفلسطينية.

ومع ذكرى إعلان وعد بلفور ، لا تزال دولة الاحتلال الإسرائيلي مستمرة فى ارتكاب جرائمها الوحشية والعنصرية ضد الشعب الفلسطينى ، وهو ما نشهده من عدوان غاشم من قبل جيش الاحتلال في قطاع غزة الذي راح ضحيته آلاف الشهداء والمصابين في ظل صمت دول تجها المجازر وعمليات الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق السكان العزل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version