تقرير الجريدة السعودية

مكة المكرمة – على مر القرون، اجتمع المسلمون المتحدون بالإيمان من كل ركن من أركان الأرض على الأرض المقدسة. وبغض النظر عن اللغة أو العرق أو الخلفية، فإنهم يقومون بهذا الحج، بتكلفة كبيرة في بعض الأحيان، للوصول إلى وجهتهم النهائية: المسجد الحرام في مكة. ويحتل هذا الموقع الأقدس مكانة خاصة في قلوبهم ويعتبر نقطة التقاء للمتقين. وهنا يقف المسلمون متحدين، يعبدون إلهًا واحدًا، وترتفع أصواتهم بالدعاء. على مر التاريخ، كانت مسؤولية رعاية المسجد الحرام تقع على عاتق المؤمنين. إن مكانتها الموقرة تتطلب اهتمامًا مستمرًا وتوسعًا مدفوعًا بالعدد المتزايد من الحجاج والتنمية. ويستمر هذا الإرث من الوصاية حتى يومنا هذا، مما يضمن أن المسجد الحرام يرحب بكل من يبحث عن عزاءه وأمانه.

يتميز المسجد الحرام بتاريخ غني من التوسعات، مما يعكس الاحتياجات المتطورة للحجاج المسلمين على مر القرون. منذ بداياته المتواضعة في المجتمع المكي قبل الإسلام، حيث بلغت مساحته حوالي 1490 مترًا مربعًا، شهد المسجد نموًا مستمرًا.

ويورد الدكتور فواز الدهاس مدير مركز تاريخ مكة الأسبق تفاصيل هذه التوسعات في كتابه “الحج عبر العصور”. وبقيت مساحة المسجد دون تغيير نسبيا حتى عهد الخليفة أبي بكر الصديق. وقام الحكام اللاحقون، بما في ذلك الخليفة العباسي المعتضد والمقتدر بالله، بمزيد من التوسعات، ليصل إجمالي المساحة إلى ما يقدر بـ 27850 مترًا مربعًا قبل قيام الدولة السعودية عام 1343 هـ.

كان وصول الملك عبد العزيز إلى مكة عام 1924 (1343 هـ) بمثابة نقطة تحول بالنسبة للمسجد الحرام. وكما ورد في كتاب ماضي الحجاز وحاضره، فقد بدأ فصل جديد من الرعاية المتفانية لأقدس المواقع. وقد عبر الملك عبد العزيز بنفسه عن هذا الالتزام في خطبته الشهيرة الموثقة في كتاب بعنوان “الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز”: “أبشر بحول الله وقوته أن المسجد الحرام يسير على طريق التقدم والخير والعطاء”. الأمن والراحة سأبذل قصارى جهدي لتأمين الأرض المقدسة وإدخال الراحة والطمأنينة إليها”. لقد قيلت هذه الكلمات في عصر أصبحت فيه المملكة وشعبها خدمًا مخلصين للمسجد الحرام. وشهدت هذه الفترة أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الحجاج. وبعد وصول الملك عبد العزيز، ارتفع عدد الحجاج من ما يقدر بـ 90662 عام 1345هـ إلى 232971 بحلول عام 1374هـ، العام التالي لوفاته، كما هو مفصل في “المسجد الحرام تاريخ وعمارة” للدكتور فواز الدهاس ود. محمد الشهري .

إيذانا بفصل جديد، بدأت أول توسعة سعودية للمسجد الحرام في عام 1375 هـ. قدم هذا المشروع الطموح ثلاثة طوابق: الطابق السفلي، والطابق الأرضي، والطابق الأول. بالإضافة إلى ذلك، تم بناء المسعى من طابقين، وتم توسيع المطاف (المنطقة المفتوحة حول الكعبة)، ونقل بئر زمزم إلى الطابق السفلي. وبحلول عام 1398 هـ، تم توسيع المطاف إلى شكله الحالي. وكان الرخام المقاوم للحرارة المستورد من اليونان يزين الأرضية مما يعزز راحة المصلين. تضمنت هذه التوسعة أيضًا نقل المنبر والمكبرة (منصة مرتفعة أو منبر في المسجد حيث ينشد المؤذن أو يردد استجابة لصلاة الإمام)، وتوسيع قبو بئر زمزم بمدخل بالقرب من حافة المسجد يواجه الماء. سا، وتركيب صنابير لتسهيل الوصول إلى مياه الشرب، وتغليف البئر في حوض زجاجي. وفي عام 1406هـ، تم رصف الأرضية التي شملتها التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، مما أدى إلى زيادة راحة المصلين.

واستمر التفاني في خدمة حجاج بيت الله الحرام مع وضع حجر الأساس للتوسعة السعودية الثانية عام 1409هـ. اكتملت هذه المرحلة في عام 1411 هـ، وتضمنت ساحات واسعة تحيط بالمسجد، مرصوفة بالرخام البارد المقاوم للحرارة، ومضاءة، ومؤثثة لمساحة إضافية للصلاة، خاصة خلال مواسم الذروة. غطت هذه الساحات مساحة مذهلة تبلغ 88000 متر مربع. تبع ذلك مزيد من التحسينات. وفي عام 1415هـ، تمت توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول لتحسين تدفق الحجاج لأداء السعي، وهو أحد مناسك الحج والعمرة المتكاملة، ويشار إليه بشعيرة المشي ذهاباً وإياباً سبع مرات بين الصغيرين. جبل الصفا والمروة. وبعد ثلاث سنوات، في عام 1418هـ، تم إنشاء جسر الركوبة، الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الركوبة، مما يسهل دخول الداخلين والخارجين من السطح.

وأهم توسعة في تاريخ المسجد الحرام تمت عام 1432هـ. أدى هذا المشروع الطموح إلى زيادة قدرة المسجد بشكل كبير على استيعاب 1.85 مليون مصل. وتضمنت التوسعة زيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف ثلاث مرات، مما يسمح لـ 150 ألف شخص بأداء الطواف كل ساعة. تضمنت التوسعة أنظمة الصوت والإضاءة وتكييف الهواء المتقدمة.

على غرار أسلافه، دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حقبة جديدة من تطوير المسجد الحرام بافتتاح خمسة مشاريع كبرى في عام 1436 هـ. وتضمنت هذه المشاريع مبنى التوسعة الرئيسي، والساحات الإضافية، وأنفاق المشاة، ومحطة الخدمات المركزية، والطريق الدائري الجديد. وينعكس الالتزام بالتحسين في العدد المتزايد باستمرار من الحجاج الذين يزورون أقدس المواقع.

ووفقا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، فمنذ بدء التعداد عام 1390 هجرية، أدى أكثر من 100 مليون حاج مناسك الحج أو العمرة حتى عام 1444 هجرية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version