اختتمت القمة الخليجية الأوروبية الأولى على الإطلاق في بروكسل في 16 أكتوبر/تشرين الأول بنشر رسالة قوية للوحدة. وغادر القادة من الجانبين العاصمة البلجيكية بالتزام متجدد بتعميق تعاونهم في السياسة والأمن والاقتصاد. منذ توقيع اتفاقية التعاون عام 1988، كان هناك تطور في العلاقات الخليجية الأوروبية المعززة بشكل كبير، وقد عززت القمة الشراكة الاستراتيجية التي تمت صياغتها في عام 2022، مما يعكس تفانيهم المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية الملحة.

وناقش القادة الخليجيون والأوروبيون مجموعة من القضايا الملحة، بما في ذلك الاضطرابات المتصاعدة في غزة ولبنان والبحر الأحمر، إلى جانب المخاوف من مزيد من الصراع. وشددت محادثاتهما على أهمية العمل يداً بيد لتعزيز الجهود الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار في المنطقتين وحماية الأمن العالمي.

وكان من أبرز ما تناولته القمة إعادة التأكيد على دعم التحالف الدولي للسلام، وتحديداً حل الدولتين، وهي مبادرة رئيسية تقودها المملكة العربية السعودية بدعم قوي من الشركاء العرب والأوروبيين. وشدد زعماء الخليج على الحاجة الفورية لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع، وخاصة غزة، في حين ردد مسؤولو الاتحاد الأوروبي هذه المشاعر. والجانبان متحدان في الدفع من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وأكد كريستوف فرنو، سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعمان، في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط، الأهمية التاريخية للقمة. وأشاد بالموقف الموحد للجانبين الخليجي والأوروبي في الدفع بإقامة الدولة الفلسطينية. وهو الهدف الذي عازمت المنطقتان على تحقيقه من خلال هذه الشراكة.

وكما كان متوقعا، احتل الأمن مركز الصدارة في القمة. وتراوحت المحادثات بين مكافحة الإرهاب والأمن البحري والهجرة غير الشرعية. وفي وقت سابق من عام 2024، وضع المنتدى الرفيع المستوى حول الأمن الإقليمي الأسس، واعتمدت القمة على ذلك من خلال تعزيز التعاون في مجال الانتشار النووي، والأمن السيبراني، والسلامة البحرية.

ومن الناحية الاقتصادية، لم يكن من الممكن أن تأتي القمة في وقت أفضل. تشهد أسواق النفط العالمية تقلبات، وقد اتفقت المنطقتان على التركيز على تنويع اقتصاداتهما، مع إيلاء اهتمام خاص للطاقة المتجددة والاستثمارات التقنية. وأدرك القادة أن الابتكار والاستدامة هما المستقبل والتزموا بشراكات طويلة الأمد من شأنها ضمان ازدهار هذه القطاعات. واعتمد هذا الحوار أيضًا على الحوار الاقتصادي الذي عقد في الدوحة في سبتمبر 2024، حيث تمت مناقشة القضايا الجيوسياسية الحاسمة، مثل الصراع في أوكرانيا وغزة.

وبحلول نهاية القمة، كان الجانبان قد وضعا خطة عمل قوية، مع اتفاقهما على تنفيذ آلية متابعة لضمان التقدم في مجال الأمن والتنويع الاقتصادي والبقاء يقظين فيما يتعلق بأهدافهما. وتشكل دول الخليج وأوروبا معًا ما يقرب من 20% من الاقتصاد العالمي، وتَعِد هذه الشراكة بتشكيل مستقبل الاتجاهات الاقتصادية العالمية.

كانت هذه القمة أكثر من مجرد اجتماع، بل كانت نقطة انطلاق نحو حقبة جديدة من العلاقات الخليجية الأوروبية. ومع وجود خطة واضحة في متناول اليد، فإن القادة من كلا المنطقتين على استعداد للعمل معاً نحو الاستقرار السياسي، والنمو الاقتصادي، والتعاون الأمني.

الدكتور إبراهيم العثيمين متخصص في شؤون الشرق الأوسط ومحلل أمني مقيم في الرياض. ويمكن الاتصال به على:

Ibarhim.othaimin@gmail.com أو تويتر @Alothaimin

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version