قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري إن التغييرات التي يعتزم الاحتلال الإسرائيلي إجراءها في إستراتيجياته الدفاعية على حدود غزة تأتي ضمن محاولة لإعادة النظر بأسلوب الدفاع بعدما فشلت التقنيات الحديثة في منع اختراق السياج الحدودي خلال هجوم “طوفان الأقصى”.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قالت في وقت سابق إن الجيش قرر لأول مرة في تاريخ إسرائيل نشر فرقتين نظاميتين بمناطق غلاف غزة، في إطار إجراء “تغييرات تاريخية” بشأن مفهوم الدفاع عن تلك المناطق بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والحرب على قطاع غزة.
وأشار الدويري في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة إلى أن التحولات الجديدة تشمل إعادة الاعتماد على القوة البشرية، إلى جانب التكنولوجيا، مع إنشاء 14 موقعا عسكريا جديدا في محيط غزة.
وبيّن أن هذه المواقع ستغطي مسافة 10 كيلومترات في شمال القطاع و12 كيلومترا جنوبا، إضافة إلى المسافة بينهما، مما يجعل إجمالي المناطق المؤمّنة يصل إلى نحو 66 كيلومترا.
وأضاف أن القوة المكلفة بحماية غلاف غزة كانت سابقا الفرقة 252، لكنها تعرضت لانهيار سريع خلال 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ تمت السيطرة عليها خلال 3 ساعات.
وفي هذا الإطار، قرر الاحتلال تعزيز وجوده بفرقة نظامية جديدة هي الفرقة 162 التي تتألف من 3 ألوية فعالة تشمل لواءي غفعاتي وناحال ولواء مدرعا، إضافة إلى لواء احتياطي، حسب الدويري.
جدار جديد
وأوضح الدويري أن الاحتلال يعتزم بناء جدار جديد بمواصفات مختلفة يضاف إلى الجدار القديم الذي وصفه بـ”الواهن”، لافتا إلى أن الجدار الجديد سيمتد بالقرب من المستوطنات وسيغطي خطوط السكك الحديدية.
وأضاف الخبير العسكري أن الفاصل بين الجدارين سيكون المنطقة التي ستتمركز فيها الفرقتان العسكريتان، مشيرا إلى أن المنطقة العازلة الجديدة التي سيتم إنشاؤها ستصل إلى عمق 700 متر داخل القطاع.
واستذكر الدويري المظاهرات السابقة التي عُرفت بـ”مسيرات الأرجل” عندما كان الاحتلال يسيطر على المنطقة العازلة، مشيرا إلى أن انسحاب القوات الإسرائيلية منها كان نتيجة تصاعد التوترات.
وتوقع الدويري أن تكون عودة الاحتلال إلى المنطقة العازلة مؤقتة، وستنتهي بعد المرحلتين الثانية والثالثة من المفاوضات، كما أوضح أن التركيز الحالي ينصبّ على تعزيز الجبهات الأمامية بمزيد من القوات والمواقع، لتجنب تكرار إخفاقات أكتوبر/تشرين الأول 2023.
تغيير ضروري
وختم الدويري بأن هذه الخطوات تأتي في إطار تغييرات هيكلية ضرورية تسعى إلى تحصين المستوطنات وتفادي الانهيارات السريعة، مشيرا إلى أن نجاح هذه الإجراءات مرهون بالطريقة التي سيعاد بها توظيف القوة البشرية وفلسفتها الدفاعية.
ووفق القناة الـ12 الإسرائيلية، فإن المواقع العسكرية الجديدة ستكون جزءا من منظومة دفاعية جديدة هدفها منع أي إمكانية تسلل إلى إسرائيل.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 نفذت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجوما كبيرا على قواعد وثكنات ومستوطنات غلاف غزة وقتلت مئات الجنود والضباط الإسرائيليين.
وكذلك أسرت القسام ما لا يقل عن 240 إسرائيليا، وقد أطلق ما يزيد على 100 منهم خلال هدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في حين قُتل عشرات من المحتجزين في غزة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع الفلسطيني منذ أكثر من 15 شهرا.
ومساء أول أمس الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني توصل الوسطاء إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لافتا إلى أن تنفيذ المرحلة الأولى منه سيبدأ بعد غد الأحد.