ماريامن إيفرت – باريس، فرنسا- أصبحت الناشطة والحقوقية الفرنسية الفلسطينية ريما حسن، المرشحة اليسارية في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، موضع تدقيق سياسي وإعلامي في فرنسا مع استمرار حرب إسرائيل على غزة.

ولدت حسن عديمة الجنسية في أبريل/نيسان 1992 في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ووصلت إلى فرنسا مع عائلتها عندما كانت في التاسعة من عمرها. حصلت على الجنسية الفرنسية عندما كانت في الـ18 من عمرها وحصلت على درجة الماجستير في القانون الدولي، وكتبت أطروحتها حول الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وإسرائيل؛ ولطالما اتهمت مجموعات مثل منظمة العفو الدولية والخبراء إسرائيل بارتكاب سياسة الفصل العنصري.

أسست ريما حسن مرصد مخيمات اللاجئين عام 2019 ومجموعة العمل الفلسطينية الفرنسية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما قادت حركة حماس الفلسطينية توغلا في جنوب إسرائيل، وهو ما أدى إلى تصعيد الصراع التاريخي بشكل حاد،  بعد مقتل 1139 شخصا وأسر أكثر من 200 آخرين، وأدى القصف الإسرائيلي إلى استشهاد أكثر من 36 ألفا و400 فلسطيني في قطاع غزة، الجيب الفلسطيني الذي تحكمه حماس.

والآن أصبحت ريما حسن مرشحة عن حزب فرنسا الأبية اليساري في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، وقد واجهت انتقادات بسبب موقف حزبها من الصراع في غزة. طُلب من حسن أن تشرح استخدامها للشعار الفلسطيني “من النهر إلى البحر”؛ لكن في النهاية لم يتم توجيه أي تهم لها.

أجرت الجزيرة مقابلة مع ريما حسن حول استجابة فرنسا والمجتمع الأوروبي للحرب في غزة، وتجربتها الشخصية كسياسية فلسطينية في فرنسا، وانتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة.

  • قلت مؤخرا إن “إسرائيل أسوأ من روسيا” من حيث احترام المجتمع الدولي وزعمت أنه بينما سارعت أوروبا إلى الوقوف إلى جانب أوكرانيا وإدانة روسيا، لا يمكن قول الشيء نفسه عن الحرب في الشرق الأوسط. كيف تنظرين إلى الموقف الأوروبي الشامل بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟

ريما حسن: لم تكن استجابة فرنسا والاتحاد الأوروبي للقضية الفلسطينية كافية، حيث فشلت في دعم قيم الاتحاد الأوروبي المعلنة للسلام والحرية والديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان. ويفتقر الاتحاد الأوروبي إلى سياسة موحدة في التعامل مع هذه القضية، وهو ما يعكس الانقسامات العميقة داخل المؤسسات الأوروبية، وبين الدول، وبين الحكومات ومواطنيها.

وفي تناقض صارخ، أظهر الاتحاد الأوروبي دعمه بالإجماع لأوكرانيا في أعقاب الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط 2022، حيث قدم المساعدات والدعم العسكري، ونفذ العقوبات ضد روسيا. وعلى الرغم من انتهاك إسرائيل للقرارات الدولية أكثر من أي دولة أخرى، وارتكابها أعمالا موثقة على أنها فصل عنصري، فإنها لا تزال تتمتع بالإفلات من العقاب. لقد استمر احتلال إسرائيل واستعمارها للأراضي الفلسطينية لأكثر من 50 عاما، وتخضع غزة لحصار غير قانوني منذ عام 2006. ومع ذلك، لا يزال هناك صراع مستمر، وخاصة في الدول الغربية، لفرض عقوبات على إسرائيل.

  • ما رأيك في التحركات الأوروبية الأخيرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وما الإجراء الإضافي الذي تودين رؤيته من فرنسا وأوروبا؟

ريما حسن: الفوز في معركة السرد أمر بالغ الأهمية في أوروبا لتحقيق تقدم سياسي ودبلوماسي بشأن القضية الفلسطينية. ويتعين على الأوروبيين أن يقتنعوا بأن هذه قضية أوروبية لعدة أسباب. ألزمت اتفاقية سايكس بيكو بريطانيا وفرنسا بالانتداب الاستعماري، وهو ما أدى إلى تقسيم المنطقة. ينبغي النظر إلى تقسيم فلسطين، الذي أدى إلى إنشاء إسرائيل، على أنه خطة ضم لأنه لم يتم استشارة الفلسطينيين، وقد تم تبنيها من قبل المجتمع الدولي الاستعماري الغربي إلى حد كبير، باستثناء الجنوب العالمي. ولأن إسرائيل أنشئت لمعالجة معاداة السامية الأوروبية والمحرقة.

لكن، فقد أدى إنشاء إسرائيل إلى تطهير عرقي ضد الفلسطينيين، حيث تم طرد 800 ألف فلسطيني وتدمير 532 قرية منذ عام 1948، وهي عملية ما زالت مستمرة. ينبغي على أوروبا أن تعترف بفلسطين كدولة لمواجهة خطط الاستعمار الإسرائيلي، وفرض عقوبات اقتصادية من خلال تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وفرض حظر على تصدير الأسلحة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وتنفيذ عقوبات دبلوماسية وسياسية على إسرائيل مماثلة لتلك المفروضة على الفصل العنصري في جنوب أفريقيا حتى يتم احترام القانون الدولي.

ويمكن تنفيذ هذه التدابير من قبل كل دولة على حدة وتكون بمثابة مبادئ توجيهية للسياسة الخارجية المشتركة للاتحاد الأوروبي. والانتخابات الأوروبية المقبلة تاريخية بهذا المعنى.

  • كيف تصفون رد فرنسا على الحرب في غزة حتى الآن؟

ريما حسن: لقد كانت ردود أوروبا وفرنسا متسرعة ومسببة للانقسام ومتواطئة مع الجرائم الإسرائيلية، وتمتد إلى ما هو أبعد من الصراع الحالي في غزة. وقد وثّقت الأمم المتحدة مشاركة أكثر من 120 شركة، معظمها غربية، في المستوطنات. ولم تفرض أي دولة أوروبية عقوبات على إسرائيل بسبب استعمارها واحتلالها الموثق للأراضي الفلسطينية. ويُنظر إلى إسرائيل على أنها موقع غربي في الشرق، ولها علاقات تاريخية وتذكارية مع الاتحاد الأوروبي.

لقد أدى تأسيس إسرائيل في فلسطين التاريخية، التي أنشأها الغرب ردا على معاداة السامية الأوروبية، إلى تهجير الفلسطينيين، وهي العملية التي قبلها الغربيون المطلعون على الاستعمار. ولم تواجه العديد من الدول الغربية، بما في ذلك فرنسا، ماضيها الاستعماري بشكل كامل، وهو ما يتجسد في إحجام فرنسا عن معالجة تاريخها في الجزائر.

  • في الفترة التي سبقت الانتخابات الأوروبية، تلقيت تهديدات بالقتل وواجهت أيضا تحقيقات الشرطة. لماذا تعتقدين أنك تواجهين هذه القضايا؟

ريما حسن: في فرنسا، يواجه ترشيحي للانتخابات الأوروبية ضغوطا سياسية وقانونية كبيرة. لقد تعرضت للتهديد والإهانة والعنصرية المناهضة للفلسطينيين. كثيرا ما يتم إنكار تراثي الفلسطيني، وبعض خطاباتي تمت الرقابة عليها. لقد تقدمت بـ8 شكاوى على مدى 3 أشهر من الحملة وشرعت في اتخاذ إجراءات لضمان احترام حريتي في التعبير حتى أتمكن من إلقاء محاضراتي وخطابي.

يواجه الفلسطينيون الذين يعبرون عن آرائهم السياسية تدقيقا مكثفا وردود فعل عنيفة في أوروبا، وخاصة في فرنسا وألمانيا. الشكوى المقدمة ضدي بسبب “الاعتذار عن الإرهاب”، على سبيل المثال، قدمتها “المنظمة اليهودية الأوروبية” (OJE). ومن الواضح أن هذا الإجراء يستخدم بشكل رئيسي لإسكات أولئك الذين يتحدثون علنا عن القضايا الفلسطينية وينتقدون النظام الإسرائيلي.

ورغم أن هذه التحديات صعبة، إلا أنها تتضاءل مقارنة بالنضالات التي يواجهها الفلسطينيون على الأرض، وهو ما يسلط الضوء على أهمية البقاء يقظين ومخلصين.

  • كيف كان شعورك بعد أن شاهدت احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين في جامعات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا؟

ريما حسن: الاحتجاجات الطلابية تلعب دورا حاسما في الوضع الحالي، وهو ما يشير إلى قلق مجتمعي واسع النطاق لحرب غزة. وتسلط هذه المظاهرات -التي قادها في الغالب طلاب من جامعات النخبة- الضوء على أهمية القضية الفلسطينية بين صناع القرار في المستقبل. ومن الضروري أن يتضامن المواطنون والسياسيون، مثلي، مع هؤلاء الطلاب، وأن يدعموا شجاعتهم في مواجهة القمع الشديد، بما في ذلك الإجراءات التأديبية والاحتجاز لدى الشرطة والعنف. وتتناقض شجاعتهم بشكل صارخ مع الجبن المتصور في مجتمعاتنا.

  • إذا فزت في الانتخابات الأوروبية، ما الذي تأملين في تحقيقه؟

ريما حسن: الالتزام السياسي يعتمد دائما على الموازنة بين أمرين: التوقيت والفرصة. هذه هي اللحظة المناسبة بالنسبة لي لاتخاذ إجراء بشأن القضايا القائمة منذ فترة طويلة.

إن إلحاح القضية الفلسطينية والفظائع المستمرة تتطلب منا جميعا اتخاذ إجراء فوري. بالإضافة إلى ذلك، فإن صعود اليمين المتطرف، الذي ينشر الكراهية ويرفض اللاجئين والمهاجرين، يسلط الضوء على الحاجة إلى الدفاع عن القانون الدولي للاجئين، المجال الذي أتخصص فيه. هذه القضية، المتشابكة مع حقوق الإنسان والقانون الدولي، تتطلب الاستثمار في أوروبا لتعزيز أوروبا التقدمية والداعمة والإنسانية الملتزمة بمسؤولياتها العالمية. لقد قدم الانضمام إلى حزب فرنسا الأبية فرصة مثالية للتوافق مع حزب له صدى في برنامجه وتحدياته الجماعية على المسرح الأوروبي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version