سكاكا — لقرون طويلة، كانت الإبل، المعروفة باسم “سفن الصحراء”، جزءًا لا يتجزأ من شبه الجزيرة العربية وشعبها.

نظرًا لكونها رفيقة ثابتة للبدو خلال رحلاتهم عبر الكثبان الرملية، فقد عكست الجمال مرونة السفن التي تبحر في الأمواج المضطربة.

وكان للإبل مكانة كبيرة في قيام الدولة السعودية بقيادة الملك عبد العزيز آل سعود وجيشه الذي وحد الأرض على ظهور الخيل والإبل.

إلى جانب كونها مصدرًا للعيش من خلال لحومها وحليبها، وموفرًا للملابس من خلال صوفها، لعبت الإبل، على مدى أجيال، دورًا أساسيًا في أسلوب الحياة البدوي في المملكة العربية السعودية.

تقديراً لحرص المملكة العربية السعودية على الحفاظ على هويتها التاريخية والثقافية، قرر مجلس الوزراء تخصيص عام 2024 ليكون عام الجمل.

حصلت الجمال على لقب “سفن الصحراء” بسبب قدرتها غير العادية على التكيف مع الظروف القاحلة والقاسية في الصحراء، حيث تندر المياه والنباتات.

إن قدرتهم على تحمل العطش تنبع من التكيفات الفسيولوجية الفريدة. في حين أن الكائنات الحية الأخرى قد تهلك إذا فقدت أكثر من 20% من مياه جسمها، فإن الجمال يمكن أن تتحمل فقدان الماء بنسبة تصل إلى 30%.

تسلط دراسة نشرت في مجلة الطبيعة العلمية عام 2021 بعنوان “تحليل متعدد لكلى الإبل العربية يكشف دور الكولسترول في الحفاظ على المياه”، الضوء على دور كلى الإبل العربية في مساعدتها على التكيف مع الظروف الصحراوية القاسية و تحمل فترات طويلة دون ماء.

تنتج كليتهم بولًا عالي التركيز، مما يقلل من هدر الماء من أجسامهم.

يؤكد عيسى شريم، صاحب الإبل من منطقة الجوف، على العلاقة القديمة بين الإنسان والإبل. ووفقا له، يمكن للجمال تمييز صوت صاحبها وحتى صوت سيارته.

وأضاف أن الإبل تحتل مكانة خاصة في الثقافة المحلية، وتحظى باهتمام الحكومة من خلال المهرجانات والسباقات. وأقيم أول سباق للهجن في المملكة في منطقة الجوف عام 1383 هجرية.

أظهرت الاكتشافات الأثرية الحديثة العلاقة القديمة التي تربط سكان شبه الجزيرة العربية بالإبل، والتي تمتد لآلاف السنين.

وفي سكاكا بمنطقة الجوف، كشف موقع أثري يسمى موقع الجمال اكتشفه فريق فرنسي سعودي في عام 2016، عن 21 نقشًا حيوانيًا بالحجم الطبيعي، 17 منها لتماثيل الجمال.

ويرجح باحثون من معهد ماكس بلانك والمركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية وجامعة الملك سعود وآخرون أن الموقع يعود إلى العصر الحجري الحديث، ما بين 5200 و5600 قبل الميلاد، مما يثبت وجود الإبل في شبه الجزيرة العربية منذ العصور القديمة.

ووفقاً لدراساتهم، فمن المرجح أن موقع الجمل يضم أقدم النقوش الحيوانية بالحجم الطبيعي في العالم.

وتستضيف المملكة العربية السعودية سنوياً مهرجان الملك عبد العزيز للإبل في منطقة الصياد، على بعد 120 كيلومتراً شمال شرق الرياض.

ويهدف المهرجان إلى تعميق تقدير الإبل باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الثقافة السعودية والعربية، مع تشجيع الحفاظ على سلالات الإبل المتميزة وتطويرها.

وستشرف وزارة الثقافة على فعاليات عام الجمل؛ وستعرض مجموعة متنوعة من المبادرات والبرامج قيمة الإبل وارتباطها بالهوية السعودية.

وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز المساعي الوطنية لتطوير قطاع الإبل وزيادة مساهمته في التنمية الشاملة للبلاد. – منتجع صحي

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version