|

أظهر تحليل للبيانات ورصد لنشاط السفن العسكرية التي قدمت إلى منطقة الشرق الأوسط خلال عام من حرب غزة مشاركة أكثر من 430 قطعة حربية من 22 دولة في عمليات عسكرية مختلفة، في البحرين الأحمر والمتوسط وخليج عدن، منذ اليوم التالي لاندلاع الحرب.

وتمكنت وكالة “سند” للتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة من رصد تنوع مهام السفن العسكرية بحسب الدول المشاركة، حيث تركزت مهام القطع الحربية الأميركية على تقديم الدعم المعلوماتي والتصدي للهجمات التي قد تتعرض لها إسرائيل، بينما ركزت سفن الدول الأوروبية مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا على حماية مصالحها التجارية وحماية طرق الشحن.

ويوضح تحليل البيانات أن عدد القطع الحربية المرصودة التي دخلت إلى الشرق الأوسط خلال العام بلغ نحو 438 قطعة حربية بحرية حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2024، وقد أظهرت ارتفاعا ملحوظا في نشاط السفن في المنطقة مع بدايات الحرب على غزة، وتحديدا في الفترة ما بين 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى يناير/كانون الثاني 2024، بينما انخفض المعدل في فبراير/شباط ومارس/آذار، ثم عاد للزيادة في أبريل/نيسان الماضي، بالتزامن مع عمليات تدشين الميناء العائم في غزة، الذي فشل في مهامه بعد ذلك.

ووفقا للرصد، زادت موجة دخول السفن إلى الممرات الملاحية في شهر أغسطس/آب الماضي، بالتزامن مع بدء الغارات على لبنان وزيادة وتيرة هجمات الحوثيين في الجنوب، حيث يظهر تقارب واضح بين عدد القطع المرصودة مع بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2023، وبداية الهجمات على لبنان في سبتمبر/أيلول 2024.

سيطرة على الممرات المائية

يجدر الذكر أن إجمالي ما أرسلته الولايات المتحدة كان قرابة 248 سفينة حربية، وهو ما يفوق باقي دول التحالف مجتمعة. وجاءت بريطانيا في المركز الثاني بإرسال نحو 40 قطعة على مدار العام.

كما شاركت فرنسا بفاعلية باستقدام 12 قطعة بحرية في حملتين رئيسيتين، أولاهما عملية “حارس الازدهار” بقيادة أميركية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ أرسلت الفرقاطة المتعددة المهام “لانغدوك” للقيام بدوريات في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر وخليج عدن.

كما نشطت في الحملة الثانية المعروفة بـ”اسبايدس” والمدعومة من الاتحاد الأوروبي، والتي بدأت في فبراير/شباط 2024 لصد الهجمات الحوثية، حيث شاركت بعدة فرقاطات، بالإضافة إلى سفن الاستعداد البرمائي “تونير”، وسفن هجومية برمائية.

كجزء من عمليات يقودها حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، شاركت بريطانيا مع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول أخرى في مهمات بشرق المتوسط، حيث نشرت سفن الإنزال والعمليات “آر إف إيه أرغوس” و”لايم باي” لتعمل ضمن مجموعة الاستجابة البرمائية في المنطقة.

وعززت بريطانيا مواردها في البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي من خلال سفينة الإنزال “كارديجان باي” التي توفر الدعم اللوجستي للقوات البحرية، بالإضافة إلى نشر سرب من كاسحات الألغام، شمل السفن “إتش إم إس بانجور” و”إتش إم إس تشيدينغفولد”، بالإضافة إلى “إتش إم إس ميدلتون” من سرب مكافحة الألغام التاسع، لضمان مرور سفنهم بأمان.

سيطرة أميركية

وتصدرت الترسانة الأميركية المشهد في مواضع التمركز البحرية المذكورة، وجاءت بعدها بريطانيا وفرنسا، وأكدت البيانات التحليلية تواجد قطع حربية إيرانية في البحر الأحمر وخليج عدن، أبرزها سفن المراقبة “إم في بهشاد” و”إم في أرتينوس”، علاوة على سفينة “إم في سافيز” المتخصصة في عمليات الاستطلاع والتجسس.

وبدأت المهمة الأميركية بإعلان وزير الدفاع لويد أوستن يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بنقل مجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالدر. فورد” إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، ليتوالى بعد ذلك وصول حاملات طائرات ومدمرات وغيرها.

أهم أماكن تمركز القطع الحربية

يشير تحليل البيانات إلى أن النسبة الأكبر من السفن تركزت في البحر الأبيض المتوسط بمعدل 92 قطعة حربية، يليها الخليج العربي بمعدل 70 قطعة حربية.

وعلى مستوى إسرائيل، رصدت “سند” تحركات البحرية الإسرائيلية في البحرين الأحمر والمتوسط، ولوحظ كثافة انتشار قواتها البحرية في البحر الأحمر، متمثلة في نشر طرادات “ساعر” المزودة بأنظمة دفاع متقدمة مثل “باراك -8” والقبة الحديدية بالقرب من إيلات، بهدف حماية الجبهة وصد الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي يشنها الحوثيون.

بينما تركز تواجد البحرية الإسرائيلية في المتوسط على حماية حقول الغاز البحرية مثل حقل “ليفياثان”، بالإضافة إلى مشاركة غواصات وقوارب صاروخية إسرائيلية في مناورات عسكرية تدريبية مشتركة مع القوات الأميركية.

وفي شرق البحر المتوسط، رصدت “سند” كثافة لتحركات قوات المجموعة البحرية الدائمة الثانية لحلف شمال الأطلسي، المكونة من عدة دول مثل كندا وإيطاليا وفرنسا واليونان، بالإضافة إلى بريطانيا وأميركا.

التواجد الإيراني

اقتصر التواجد البحري الإيراني في البحر الأحمر، فمنذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حافظت البحرية الإيرانية على وجود إستراتيجي في البحر الأحمر. ويشير مسؤولون أميركيون إلى أن هذا التواجد له ارتباط وثيق بدعم إيران للحوثيين في اليمن.

وتظهر البيانات تواجد نحو 66 قطعة بحرية إيرانية في البحر الأحمر، منها سفن الفرقاطة “إيريس البرز” وسفينة الإمداد “بوشهر 442” التابعة للبحرية الإيرانية، بالإضافة إلى العديد من سفن المراقبة التابعة للحرس الثوري مثل “إم في أرتينوس”، وسفن الشحن “إم في بهشاد” و”إم في سافيز”.

هجمات الحوثيين البحرية

على الرغم من هذه التحركات العسكرية البحرية الواسعة، لعب الحوثيون دورا كبيرا في التأثير على حركة التجارة البحرية العالمية، والتي جاءت “إسنادا لغزة”، حيث شن الحوثيون أكثر من 120 هجوما بحريا على مدار عام.

واستخدم الحوثيون العديد من التكتيكات في عملياتهم، شملت استخدام الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار والمقذوفات المائية المتفجرة، مما صعّب على السفن تفادي الهجمات. وكان من أبرز تلك الهجمات الهجوم على الناقلة الإسرائيلية “بنتلي آي” في 15 يوليو/تموز 2024، والذي تسبب في أضرار كبيرة للناقلة البحرية. كما استهدف الحوثيون سفنا أخرى مثل “إم إس سي بالاتيوم” وسفينة “ميرسك جبرالتار”، بهدف تعطيل التجارة الدولية.

نتج عن ذلك توقف شبه كامل لحركة الملاحة في ميناء إيلات وانخفاض استخدام قناة السويس كممر ملاحي عالمي بنسبة تقارب 66% في منتصف 2024، وفق بيانات المكتب الوطني البريطاني للإحصاءات، بعدما اتخذت شركات الشحن مسارات بديلة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version