تستضيف الصين -اليوم الاثنين- ممثلين لأكثر من 100 دولة لحضور المنتدى الثالث لمبادرتها “الحزام والطريق”، الذي يتوقع أن تطغى عليه الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، في ظل دعوات لبكين لوقف التصعيد.
ويتوقع أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبرز الحاضرين في أول زيارة خارجية له إلى قوة كبرى منذ بدء قواته الحرب على أوكرانيا العام الماضي وما تلاها من عزلة غربية على موسكو.
وبدأ الزعماء والمدعوون بالوصول إلى العاصمة الصينية لحضور المنتدى واحتفال رسمي بمرور 10 أعوام على المبادرة الاستثمارية الضخمة، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتهدف لتعزيز النفوذ الدولي لبلاده.
وفي حين ترغب الصين في أن يكون المنتدى فرصة لدفع مكانتها كقوة عظمى على الساحة العالمية، يتوقع أن تكون الحرب الدامية في غزة وخطر اتساع نطاقها في منطقة الشرق الأوسط مادة أساسية على طاولة البحث.
وأعلنت إسرائيل الحرب بعد يوم من اختراق المقاومة الفلسطينية أجزاء من السياج الحدودي الشائك، وتنفيذهم هجمات على مقرات عسكرية ومستوطنات مجاورة خلفت أكثر من 1400 قتيل، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وأدت 7 أيام من القصف إلى تسوية أحياء بالأرض واستشهاد ما لا يقل عن 2750 شخصا في قطاع غزة، وإصابة 9700 آخرين، غالبيتهم من المدنيين.
انتقاد الصين
وتعرضت الصين لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الصريحة لحركة حماس وعدم ذكرها بالاسم في بياناتها. كما اعتبرت بكين أن ما تقوم به إسرائيل في القطاع المحاصر يعد تصرّفا “خارج حدود الدفاع عن النفس”.
وذكر بيان لوزارة الخارجية الصينية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الجاري أن الوزير وانغ يي قال لنظيره السعودي فيصل بن فرحان إن ما تفعله “إسرائيل يتجاوز حدود الدفاع عن النفس”، ويجب على قادتها التوقف عن “العقاب الجماعي لسكان غزة”
وشدد أن على إسرائيل “أن تستمع بجدية إلى نداءات المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش”.
وتواصَل وزير الخارجية الصيني -أمس الأحد- مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولة شرق أوسطية مرتبطة بالنزاع، ودعا بلينكن -الذي وفرت بلاده الدعم لإسرائيل منذ بداية الحرب- بكين إلى استخدام “نفوذها” في المنطقة من أجل الدفع نحو التهدئة.
وتربط الصين علاقات وثيقة مع إيران الداعمة لفصائل إقليمية مناهضة لإسرائيل، أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان وحزب الله اللبناني، الذي حذرته واشنطن وأطراف غربية من فتح جبهة ثانية ضد الدولة العبرية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
زيارة للشرق
ومن المقرر أن يزور المبعوث الصيني الخاص تشاي جون منطقة الشرق الأوسط هذا الأسبوع للدفع نحو وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية وإجراء مباحثات سلام، وفق ما أفاد به الإعلام الرسمي الصيني -أمس الأحد- من دون تحديد جدول لزيارته.
وقالت باحثة المتخصصة بالشأن الصيني، في مركز “أتلانتيك كاونسل” البحثي الأميركي، إن منتدى الحزام والطريق قد يشكل فرصة للصين لتجديد أطر الدعم لمواقفها السياسية.
وأوضحت لوكالة الصحافة الفرنسية أن “حضور أي زعيم دولة لهذه القمة سيكون بمثابة موافقة على مواقف بكين بشأن هذه القضايا الدولية”.
وبدأ عدد من المسؤولين بالوصول إلى بكين الاثنين استعدادا للمنتدى الذي يقام رسميا الثلاثاء والأربعاء.
ومن هؤلاء رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان ونظيره الإثيوبي آبي أحمد، والرئيس التشيلي غابريال بوريك ونظيره الكيني وليام روتو.
مشاركة روسية
واليوم الاثنين، وصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الصين، حيث عقد مباحثات مع نظيره وانغ يي.
ويتوقع أن يصل -اليوم الاثنين- إلى بكين الرئيس الروسي الذي تزايد في الأشهر الأخيرة اعتماده الإستراتيجي على الصين، في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو منذ غزو أوكرانيا.
وارتفع التبادل التجاري بين الصين وروسيا هذا العام إلى مستويات لم يسجلها منذ بدء حرب أوكرانيا مطلع 2022، خصوصا لجهة استيراد بكين النفط من موسكو، مما يوفّر للأخيرة شريان حياة أساسيا في ظل العقوبات الغربية.
واعتمدت الصين رسميا موقفا محايدا في حرب أوكرانيا، لكنها امتنعت عن إدانة الحرب الروسية، مما عرضها لانتقادات غربية، وشهدت علاقات الصين وروسيا تقاربا في الفترة الأخيرة، ووفرت بكين لموسكو دعما اقتصاديا ودبلوماسيا.
وخلال زيارة قام بها الرئيس الصيني إلى روسيا مارس/آذار الماضي، رحّب بوتين بـ”الإمكانات والآفاق غير المحدودة” التي يوفّرها التعاون الروسي الصيني في مواجهة الكتلة الغربية.
وقبيل زيارته المرتقبة، رحب بوتين -في مقابلة مع القناة الصينية الرسمية- بالعلاقات مع بكين و”الفوائد المشتركة” التي يجنيها البلدان من مبادرة الحزام والطريق.
واعتبر بوتين “أن عالما متعدد القطب هو في طور التشكل، والمفاهيم والمبادرات التي طرحها الرئيس الصيني هي ذات أهمية كبيرة”، مشيدا بـ”زعيم عالمي فعلي”، وفق القناة الصينية.