مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح اليوم الأحد، بدأ سكان قطاع غزة البحث عن أحبائهم وأقاربهم تحت أنقاض منازلهم المدمرة، في مشهد يروي وجعا يتجاوز حدود الكلمات.

فبدون هدير الطائرات وأصوات القذائف، تبدأ رحلة شاقة للبحث عن المفقودين في القطاع، الذي عاش كل ألوان الموت، ويحاول اليوم لملمة جراحه بين أنقاض المعاناة والدمار، بعد أكثر من 470 يوما من القصف الإسرائيلي الذي خلّف آلاف الشهداء والمفقودين، وسط دمار هائل وشحّ في الموارد والإمكانات، نتيجة عدم تمكنهم من استخراجهم في الأشهر الماضية.

وانتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي قصص مؤلمة لمواطنين فلسطينيين يعبرون عن عزمهم البدء في رحلة البحث عن جثث عائلاتهم تحت الأنقاض، وسط آمال بتوقف القصف الإسرائيلي والمجازر الدامية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق سكان القطاع على مدار أكثر من 15 شهرا.

ومع بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، عبّر الناشط الفلسطيني محمد البراوي عن معاناة عائلته في شمال غزة، مع وقف الحرب التي شنتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكتب البراوي عبر صفحته على منصة فيسبوك “زوروا بيتنا في شمال غزة (بيت لاهيا)، ستجدون أمي وأهلي تحت الأنقاض، عليهم أكوام من الحجارة. انثروا عليهم بعضا من الورد، صبروا حتى آخر نفس، حتى آخر رمق. رفضوا الخروج من شمال غزة، منعوا خطط التهجير، وأحبطوا خطط الاستيطان. أخبروهم أن غزة بقيت”.

وأوضح الصحفي الفلسطيني يحيى سالم أن عائلته ستبدأ رحلة البحث في كيفية إخراج أكثر من 40 شهيدا من أفراد عائلته ما زالوا تحت الأنقاض منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، مضيفا أن المشاعر ستكون مختلطة بين عودة الغيّاب وفقدان الأحباب.

أما المواطن جمال نعيم، فقد وصف فقدان عائلته بأنه “فل الحارق” (الفلفل الحار)، معربا عن ألمه لفقدان أسرته بالكامل تحت الركام، قائلا “أنتظر لحظة سريان الهدنة لأبحث عن جسد ابنتي التي لا تزال تحت الأنقاض منذ عدة أشهر”.

كما علق أحد الناشطين قائلا “عند وصولهم إلى منازلهم المدمرة، بدأ الشباب بالحفر ورفع الركام والبحث عن عائلاتهم تحت الأنقاض في هذه اللحظات”.

وعلق آخر على ذلك بالقول “يصادف هذا اليوم تاريخ ميلاد أختي الشهيدة تغريد أم قصي، التي ما زالت تحت الأنقاض منذ أكثر من 70 يوما، هي ووالدي وزوجها وأطفالهم. في هذا اليوم، إن شاء الله، سيتم انتشال جثامينهم الطاهرة من تحت أنقاض منزلنا المدمر في معسكر جباليا”.

وأضاف ناشط أن “مع الهدنة تبدأ مآسي البحث عن المفقودين، أم تبحث عن رفات ابنها.. زوجها.. حفيدها، أحدهم يقف على أنقاض منزل وجميع أهله تحت الأنقاض، رحلة تجميع ما بقي من عظام وملابس”.

وأشار ناشطون إلى أن العديد من المواطنين سيبحثون عمن تبقى من الشهداء والمفقودين في الطرقات أو تحت الأنقاض، حيث سيبكون دون ضجيج الطائرات أو قنابل المدافع وحمم الموت بعد سنة وثلاثة أشهر من القصف جربت المدينة كل أنواع الموت والتشريد والجوع والأمراض.

وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 157 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version