|

تباينت آراء المحللين والخبراء حول أهداف وخطط أميركا من الدعم غير المسبوق لـ”إسرائيل” والحشد العسكري في المنطقة، عقب هجوم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- على ثكنات وقواعد مستوطنات غلاف غزة.

وفي حين رأى بعض المحللين أن واشنطن تهدف للردع من إرسال حاملات الطائرات والقوات الخاصة للمنطقة، أشار آخرون إلى أن الأمر أكبر من ذلك ويرتبط بترتيبات كبيرة في الشرق الأوسط، حيث يعتقد الغرب أنه في مرحلة فارقة تاريخية لاستعادة سيطرته على العالم.

ترتيبات كبيرة بالمنطقة

يقول الدكتور لقاء مكي -الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات- إن ما يجري أكبر من مجرد ردع، “فالرسائل عسكرية مباشرة وذات بعد إستراتيجي”، ولم يستبعد وصول قوات غربية أخرى وترتيبات سياسية تتجاوز فلسطين المحتلة.

وأشار إلى أن الأمر يتعلق بترتيبات كبيرة بالمنطقة، واستدل بكلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول تحالف دولي ضد حماس، ليذهب إلى أن ما يحدث “ترتيبات لما بعد المعركة وليس للردع فحسب”.

ونوه إلى توحد الحزبين الديمقراطي والجمهوري خلف التحرك الأميركي ودعم إسرائيل، وقال إنه تأييد غير مسبوق فاق حرب أكتوبر 1973، وشدد على أن الغرب لم يعد ينظر للبعد الإنساني “وإنما لتحقيق الأهداف”.

وأضاف أن أميركا أيدت إسرائيل في حربي 1967 و1973، وتشارك معها حاليا في القتال والمساهمة في بعض العمليات الميدانية، قبل أن يؤكد أن الحشد العسكري الذي يجري خلال الفترة والفترات المقبلة “سينجم عنه تغير مهم في تاريخ المنطقة”.

ويعتقد أن ما يسمى بـ”محور المقاومة” مهدد أساسي لمصالح أميركا، وضرب بالممر الاقتصادي الذي يبدأ من الهند مرورا بدول خليجية وإسرائيل ثم أوروبا مثالا، ولفت إلى أنه يأتي في سياق منافسة مبادرة “الحزام والطريق” الصيني.

وخلص في ختام تعليقه إلى أن الحشد العسكري يتعلق بالمصالح المستقبلية وإعادة السيطرة على مصادر الطاقة وإعادة تنظيم العالم من طرف الغرب، مشيرا إلى أن هذا سبب وقوف الغرب بحزم ضد الصين وروسيا وحماس.

ما بعد 7 أكتوبر

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور خليل العناني، أن جزءا من الدعم الأميركي لإسرائيل يحمل بعدا معنويا، وتحسبا أميركيا لأي اجتياح لغزة خاصة حرب المدن والشوارع التي خبرها الأميركان، وإمكانية توسع المعركة إقليميا مع إيران أو أذرعها.

وأشار إلى أن هناك شرق أوسط آخر بعد 7 أكتوبر “قد تصبح فيه إسرائيل دولة لا يخافها أحد بحال فشلت عمليتها البرية في غزة”، أو “قد تكون القوة المهيمنة في حال نجح اجتياحها”.

ومع ذلك يعتقد العناني أن الوجود الأميركي مرتبط بوضع إستراتيجي وإرسال رسائل ردع، واستبعد بالوقت نفسه تدخل إيران لكنه قال إن اتساع جبهات الحرب ستكون جحيما على أميركا بعدما قدم رئيسها جو بايدن مصالح واشنطن على طبق من ذهب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

أما دلالات هجوم حماس، يؤكد الأكاديمي أنه ضرب “الشرق الأوسط الأميركي” الذي بني قبل عقود بداية من عملية السلام بين مصر وإسرائيل، ويرتكز على أن تكون الأخيرة القوة المهيمنة التي تكبح القوى المعادية لأميركا، ووصف خطاب حل الدولتين الذي تردده واشنطن بالخادع، بعد انخراطها في مسار التطبيع.

ورأى أن هجوم حماس ضرب كل ذلك حيث اتضحت إسرائيل بأنها ليست بالقوة التي صورت، وأعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة حتى أن الأنظمة السلطوية بالمنطقة سمحت بالتظاهر خوفا من تحرك شعوبها والإطاحة بها.

وحول المكاسب التي حصدها بايدن من دعمه القوي لإسرائيل، أشار إلى ارتفاع تأييده الشعبي قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام المقبل، ونوه إلى تأثير الكتلة اليهودية لا حجمها، لكنه شدد على أن ما فعله بايدن مقامرة سياسية قد تطيح به.

 ردع واحتواء

من جانبه، قال الخبير العسكري والإستراتيجي فايز الدويري إن الحشد الأميركي من حاملات طائرات وجسر جوي وإرسال قوات خاصة يعد الأكبر منذ عملية “عاصفة الصحراء”، وأضاف أن التعامل مع حماس وقطاع غزة لا يتطلبان هذه القوة.

وعير عن اعتقاده أن إرسال خبراء ومخططين إستراتيجيين أميركيين يهدف لردع ما وراء حماس، في إشارة إلى حزب الله ووكلاء إيران في سوريا والعراق، وطهران أيضا.

ويرى أن أميركا لا ترغب أن تتورط إسرائيل بالشكل الذي لا تتحمله لكون جيشها لا يملك القدرة الكافية في قتال المدن خلافا للجنرال الأميركي جيمس غلين الذي أرسل لتقديم المشورة.

وحصر الوجود الأميركي في نقطتين، الأولى تخص تحديد إطار العملية، في حين تخص الثانية قوة دلتا الأميركية ذات البعدين الاستخباري والتنفيذي لذلك “قد تنفذ عمليات دقيقة ومحددة لتحرير الأسرى في غزة وليس للعمل على أرض القطاع”.

وختم حديثه بالتأكيد أن إسرائيل إحدى أدوات تنفيذ الهيمنة الغربية على المنطقة، لافتا إلى أن الأوضاع العالمية أصبحت أكثر تعقيدا، ويعد الشرق الأوسط قلب مشاكل العالم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version