تتواصل جهود البحث عن المفقودين نتيجة السيول في درنة، بشرق ليبيا، وفي حين اتجهت فرق الإغاثة إلى عزل مناطق في المدينة المنكوبة وإخلاء أخرى، قدّرت الأمم المتحدة عدد الوفيات بالمدينة المنكوبة بأكثر من 11 ألفا، وناشد وزير البيئة بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا إبراهيم العربي العالم تقديم العون بشكل عاجل.
وبالتزامن مع تواصل عمليات البحث، ارتفعت وتيرة المناشدات طلبا لمزيد من فرق الإنقاذ والآليات والمعدات والخدمات.
وقال مراسل الجزيرة محمد البقالي، إن الجهود تنصب على إزالة الأنقاض وإخراج الجثث، مع تضاؤل الأمل بإيجاد ناجين خاصة بعد مرور أسبوع على هذه الكارثة.
وبيّن أن الأولوية انتقلت نسبيا من الإنقاذ إلى إزالة الركام وانتشال الجثث، مشيرا إلى أن احتمال وقوع أزمة صحية وبيئية وارد جدا، وهو ما جعل جهات حكومية ومؤسسات دولية حذّرت من ذلك.
مشاهد ودمار
ونشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا مشاهد جوية توثق حجم الدمار في مدينة درنة الناجم عن السيول والفيضانات التي اجتاحت المدينة قبل أيام.
وتظهر الصور الدمار في الواجهة البحرية للمدينة وبعض المناطق الداخلية وما نجم عنه من خسائر بشرية ومادية.
وأشادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بفرق الإنقاذ المحلية التي تعمل في ظروف وصفتها بالصعبة للغاية.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في وقت سابق اليوم الأحد، عن ارتفاع عدد قتلى السيول في مدينة درنة إلى 11 ألفا و300 قتيل، و10 آلاف و100 مفقود.
كما أكد المكتب أن الفيضانات أودت بحياة 170 شخصا في أماكن أخرى بشرق ليبيا خارج مدينة درنة، وأن عدد النازحين في شمال شرق ليبيا ارتفع إلى نحو 40 ألفا.
وضربت عاصفة ناجمة عن الإعصار “دانيال” قبل أسبوع شرق ليبيا مصحوبة بأمطار غزيرة فتسبّبت بانهيار سدين في أعلى درنة، مما أدى إلى فيضان الوادي الذي يعبر المدينة بصورة خاطفة فتدفقت مياه بحجم تسونامي جارفة معها كل ما في طريقها من أبنية وجسور وطرق، مخلفة آلاف القتلى.
ووسط الخراب الذي عم المدينة، يتم انتشال جثث كل يوم من تحت أنقاض الأحياء المدمرة أو من البحر ودفنها.
وأعلن وزير الصحة في الحكومة المكلفة من البرلمان عثمان عبد الجليل مساء السبت تسجيل 3252 وفاة، بزيادة 86 عن حصيلة سابقة قبل 24 ساعة.
وفي ظل ورود أرقام متضاربة تراوحت ما بين 3 آلاف و11 ألفا، أكد عبد الجليل للصحفيين أن وحدها وزارته مخولة بإصدار أعداد الوفيات.
وقال مراسل الجزيرة في طرابلس سيف الدين بوعلاق، إن الأرقام التي تم تقديمها من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تعتمد على تقديرات وإحصاءات ومقارنة بتجاربها السابقة في إحصاء الموتى واعتمادا على انهيار عدد كبير من المباني.
خطط إخلاء
وقال وزير الموارد المائية في الحكومة المكلفة من البرلمان وعضو لجنة الطوارئ، محمد دومة، للجزيرة إنه لا وجود لخطط لإخلاء مدينة درنة بشكل كامل، مشيرا إلى أن الأحياء التي لا يمكن إبقاء السكان فيها سيتم إخلاؤها فقط ليتسنى لفرق البحث والإغاثة العمل بشكل أسهل.
وبيّن دومة أنه لا يوجد سبب لإخلاء الأحياء البعيدة عن مركز الكارثة، مشيرا إلى وجود مخاوف بشأن شبكة المياه الصالحة للشراب، وإلى أن الجهود تتركز لإعادة محطة تحلية المياه للعمل من جديد.
وحذّر المتحدث ذاته السكان من عدم استخدام مياه الآبار التي طمرتها السيول، وبيّن أن المياه المعلبة هي الحل بالنسبة لسكان درنة، حيث تضافرت جميع الأطراف الداخلية والخارجية لتزويد السكان بهذه المياه.
من جهته، قال وزير البيئة بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا للجزيرة إبراهيم العربي، إن الكارثة في درنة غير مسبوقة وتفوق قدراتنا، وناشد العالم تقديم العون بشكل عاجل.
وقال العربي إنه تمت دعوة السكان إلى عدم استخدام الآبار بسبب مخاوف من التلوث الذي وصل إلى آبار في درنة بعد ارتفاع منسوب المياه، لافتا إلى ارتفاع حالات التسمم لدى الأطفال إلى 150 حالة.
مساعدات دولية
وقد بدأت السبت المساعدات الدولية تصل لدعم الناجين، وحطت في مطار بنينا في بنغازي، كبرى مدن شرق ليبيا، السبت طائرتان واحدة إماراتية والأخرى إيرانية، أفرغتا أطنانا من المساعدات تم تحميلها في شاحنات لنقلها إلى المنطقة المنكوبة الواقعة على مسافة 300 كيلومتر إلى الشرق.
كما وصلت أطنان من المساعدات، بينها معدات طبية، من السعودية والكويت إلى شرق ليبيا.
وأعلنت سفارة إيطاليا وصول سفينة قبالة سواحل درنة تنقل بصورة خاصة خيما وأغطية ومروحيتين للبحث والإنقاذ وجرافات.
كذلك حطت في شرق ليبيا طائرتان فرنسيتان “لنشر مستشفى ميداني” في درنة، وفق ما أفاد به سفير فرنسا في ليبيا مصطفى مهراج.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية وصول طائرة إلى بنغازي تحمل “29 طنا من الإمدادات الطبية” من مركزها اللوجيستي العالمي في دبي، “تكفي لمساعدة نحو 250 ألف شخص”.