|

قبل أن تكون حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حركة، كانت أيديولوجية المقاومة راسخة بعمق في أذهان الناس وفي قلب الهوية الفلسطينية، ولن يتمكن الإسرائيليون من اقتلاعها، خاصة أن كل زعيم يغتال يستبدل بآخر، وبالتالي سيظل هناك جيل جديد من القادة، وسيظل وزن حماس يكبر عما كانت عليه أيام الانتخابات التشريعية لعام 2006، عندما بقي الفلسطينيون عالقين بين حركة فتح الضعيفة وحماس غير المعترف بها دوليا، محرومين من أي أفق سياسي.

بهذه الجمل لخص الباحث في جامعة القدس المفتوحة حامد قصي، وهو أحد خبيرين (حامد قصي وستيفاني لاتيه عبد الله، مديرة البحث بالمركز الوطني للبحوث العلمية والمتخصصة في الشرق الأوسط) استعانت بهما صحيفة لوتان السويسرية لتحليل المقابلة التي أجرتها مع حسين أبو كويك “آخر قيادي سياسي من حركة حماس بالضفة الغربية، لا يزال طليقا رغم اشتداد إسرائيل في الطلب عليه” كما وصفته الصحيفة، وهو يشرح فيها أسباب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ويدفع عن نفسه وحركته ما يروج له من تشابه بينها وبين تنظيم الدولة الإسلامية.

لوبوان: أبو كويك لا يبقى أكثر من 10 دقائق في نفس المكان تجنبا للاعتقال أو القتل

وفي هذه المقابلة النادرة -كما تصفها الصحيفة- يقول حسين أبو كويك -الذي لا يبقى أكثر من 10 دقائق في نفس المكان تجنبا للاعتقال أو القتل- إن “الأشهر التي سبقت هذه العملية العسكرية، زاد فيها الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه على الفلسطينيين والمسجد الأقصى، مضيفا “لقد حذرنا الكيان الصهيوني من الهجمات على المسجد ولكن لم يسمعنا أحد. فقد مُنع أهلنا من الذهاب للصلاة فيه، وهوجم المسلمون والمسيحيون وأسيئت معاملة النساء”.

وعلق حامد قصي بأن المسجد الأقصى رمز حشدي بامتياز، وأن حماس أطلقت على عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول اسم “طوفان الأقصى”، لتكون استمرارا لعملية “سيف القدس” عام 2021 التي أظهرتها مدافعة عن الأماكن المقدسة، ومعبئة للفلسطينيين، وقادرة على هزيمة المخابرات الإسرائيلية.

لا نسعى لقتل كل اليهود

وقال الرجل -الذي نجا بأعجوبة من اغتيال مستهدف عام 2003 توفيت خلاله زوجته وأحد أبنائه وأصيب شقيقه بإعاقة- عند سؤاله هل حماس وتنظيم الدولة الإسلامية نفس الشيء؟ إن حماس تختلف كثيرا عن ذلك التنظيم “فنحن لا نسعى إلى قتل اليهود في جميع أنحاء العالم. نحن لا نقاوم إلا من يحتلنا ويقتلنا ويعذب أطفالنا في سجونه. إن هدفنا ليس الإبادة، بل تحرير أرضنا والعيش في سلام وأمن مثل الأمم الأخرى. ويجب على أوروبا التي تعترف بالقانون الدولي والقانون الذي أنشئت بموجبه الأمم المتحدة، أن تدعمنا كما تدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا”.

وعلق حامد قصي بأن قادة حماس معتادون على تشبيههم بتنظيم الدولة والقاعدة، كما يفعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ 11 سبتمبر/أيول 2001 لجذب الدعم الدولي، لكن الحقيقة هي أن هذه الحركات لا علاقة بينها مطلقا، وحماس في المقام الأول منظمة اجتماعية ودينية، أنشطتها العسكرية والسياسية في المرتبة الثانية، وهي متجذرة بعمق في فلسطين التي يمثل تحريرها سبب وجودها، وفي نفس المسار ذهبت ستيفاني لاتيه عبد الله وقالت إن “حماس وتنظيم الدولة لا يتقاسمان نفس الأيديولوجية، وليسا متشابهين”.

ومن جهة أخرى أكد حسين أبو كويك أن حماس، في يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، “لم تقتل أي امرأة ولا طفل. ادعاءات إسرائيل عنا كاذبة تماما. هل تريد أدلة؟ لقد حررنا نساء وأطفال الأسرى الإسرائيليين، ونحن على استعداد للإفراج عن جميع المعتقلين. نحن نعتني بهم. وهم يأكلون ما نأكله”.

وعلقت ستيفاني لاتيه عبد الله بأن حسين أبو كويك يرفض ربط جماعته بما ذكر عن انتهاكات فرعها العسكري ويصر على أن حركته لا تقتل النساء والأطفال، مع أن بعض عناصر الحركة، يعتبر جميع المدنيين الإسرائيليين جنودا محتملين، لأن الخدمة العسكرية إلزامية في إسرائيل.

أما حامد قصي فرأى أن واقعة 7 أكتوبر تدور حولها عدة فرضيات، أبرزها أنها عملية عسكرية خرجت عن نطاق السيطرة، حيث كانت حماس تنوي مهاجمة قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين، واختطاف جنود لتنفيذ عملية تبادل للأسرى، لكن سهولة وسرعة التقدم التي فاجأت حتى المسؤولين عن العملية، تركت المجال مفتوحا أمام مجموعات أخرى من أهل غزة، بما فيهم مدنيون وسلفيون.

وفي المقابلة التي وافق على إجرائها محميا بوجود حشد من العائلات المتضامنة مع غزة، أوضح حسين أبو كويك أن الاعتقال والاغتيال لن يؤثر على حماس التي يهتف لها اليوم آلاف الفلسطينيين في جنين وطولكرم وغيرهما، و”لن ينجح الإسرائيليون أبدا في القضاء عليها لأنها في الوقت نفسه فكرة وعقيدة وطريقة ورؤية تحررية. أقول لهم اعترفوا بحقوقنا، ارفعوا الحصار عن غزة، انسحبوا من الضفة الغربية والقدس، أطلقوا سراح أسرانا، وسوف نحرر أسراكم وسنعيش معا في سلام”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version