في قراءتهما لتأجيل المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف زيارته إلى المنطقة، قال محللان سياسيان إن القرار سيؤثر على مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهي المرحلة التي يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم الالتزام بها.
وكان موقع “أكسيوس” قد نقل عن مصدر أميركي تأكيده تأجيل ويتكوف زيارته إلى المنطقة لعدة أيام.
ومن جهتها، رجحت مراسلة الجزيرة في واشنطن وجد وقفي أن يكون قرار التأجيل له علاقة بالجهود الأميركية المكثفة لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا.
ووصف الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد إرجاء الزيارة بالمؤشر السلبي، لأنها “تعني أن مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق تبادل الأسرى لن تبدأ قريبا، وربما تنتهي المرحلة الأولى بدون مفاوضات المرحلة الثانية”.
وينص الاتفاق على أن المرحلة الأولى تمدد تلقائيا بدون العودة للقتال، مع استمرار المفاوضات حتى الذهاب للمرحلة الثانية، حسب ما أوضح زياد، والذي شكك بالتزام إسرائيل ببنود الاتفاق، ومنها الانسحاب من محور فيلادلفيا في اليوم الخمسين.
ولا يستبعد المتحدث نفسه أن يلجأ نتنياهو إلى خلق ما سماها مرحلة رمادية، بين المرحلتين الأولى والثانية، من خلال عدم الذهاب إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإرضاء شريكه في الحكومة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وأيضا عدم العودة إلى الحرب في غزة، لأن الظروف غير مواتية، بسبب الضغط الأميركي وضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.
ويرى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن تأجيل زيارة ويتكوف سيؤثر على مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، بغض النظر عن دافع التأجيل، لأن المبعوث الأميركي كان يفترض أن يعمل خلال زيارته للمنطقة على حل أزمتين: إنهاء المرحلة الأولى واستحقاقاتها، وبدء مباحثات المرحلة الثانية من الاتفاق.
ولا يزال الاتفاق بين المقاومة وإسرائيل في المحطة الأخيرة من المرحلة الأولى، وعدم إنهاء هذه المحطة، لا يسمح بالانخراط في المرحلة الثانية منه، وسيكون الخيار هو إطالة المرحلة الأولى، حسب مصطفى الذي أكد أن ويتكوف كان بإمكانه إطالة المرحلة الأولى دون استئناف الحرب ودون إخلال بشروط المرحلة الثانية، أي مع أفق زمني لبدء مباحثات المرحلة الثانية.
واعتبر المتحدث نفسه أن غياب المبعوث الأميركي يعمّق الأزمة المتعلقة بالاتفاق، الذي قال إن نتنياهو يحاول تحويله إلى اتفاق هش من خلال عدم الالتزام بمعظم استحقاقاته، غير أنه رجح أن يطيل نتنياهو المرحلة الأولى دون استئناف الحرب، لكن ذلك لن يمنعه من القيام بعمليات عسكرية هنا وهناك في قطاع غزة، كما أضاف مصطفى.
خيار المقاومة
وعن خيار المقاومة الفلسطينية لمنع الاحتلال من الانقلاب على الاتفاق، أشار زياد إلى أن المقاومة أظهرت مرونة خلال المرحلة الأولى والتزمت بشكل دقيق في مسألة تبادل الأسرى، مشيرا إلى أن الوسطاء عليهم في المقابل أن يحافظوا على ظروف المرحلة الأولى ويضغطوا على نتنياهو كي يلتزم باستمرار توقف الحرب وتدفق المساعدات والالتزام بالبروتوكول الإغاثي.
وحسب زياد، فإن المقاومة تمتلك ورقة ثقيلة هي ورقة الأسرى، وأن النجاح الذي حققته في المرحلة الأولى سيغري الداخل الإسرائيلي كي يضغط على حكومته، خاصة أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل لديها قناعة منذ انهيار “خطة الجنرالات” بأن الضغط العسكري بات عبثيا.
ومن جهة أخرى، رجّح المحللان السياسيان أن تلتزم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بتسليم الدفعة المقررة يوم الخميس المقبل، وستدفع الاحتلال إلى الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذي رفض إطلاق سراحهم السبت الماضي.
كما رجحا أن يتم التوصل إلى تسوية ويتم تسليم جثث الاحتلال بدون مراسم، وقال زياد في هذا السياق إن الحضور العسكري للمقاومة خلال عملية التسليم يكفيها، أي حتى بدون حضور شعبي.
وكانت إسرائيل قد أخرت الإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين (حوالي 600 أسير) ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بعدما أطلقت حماس سراح 6 أسرى إسرائيليين في غزة السبت الماضي.