انتقدت صحيفة “واشنطن بوست” في مقال لأحد كتاب أعمدتها، الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس الماضي من البيت الأبيض، وربط فيه بين الحربين الدائرتين في أوكرانيا وإسرائيل.
وقال بايدن في ذلك الخطاب، إن النظام “الديكتاتوري” في روسيا، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) “يشكلان تهديدا مختلفا، لكن هناك قاسما مشتركا بينهما، وهو أن كليهما يريدان القضاء على ديمقراطية مجاورة قضاء مبرما”.
وشدد الرئيس الأميركي على أن تقديم الدعم لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، ولحملة إسرائيل العسكرية أمر “ضروري”، للتأكيد للدول الأخرى أن “ريادة أميركا هي التي تحافظ على تماسك العالم”.
ووفقا لمقال كاتب العمود إيشان ثارور بالصحيفة، فإن بايدن أدلى بتلك التصريحات قبل الكشف عن مقترح تمويل جديد بقيمة 106 مليارات دولار، خاصة في الإنفاق الدفاعي لدعم أوكرانيا وإسرائيل.
ويدرك السياسيون والدبلوماسيون في دول أخرى أن الأوضاع الراهنة في العالم محفوفة بالمخاطر، غير أنهم لا يتوصلون جميعا للاستنتاجات نفسها التي خلص إليها البيت الأبيض، حسب تقدير ثارور.
معايير مزدوجة
ويقول الكاتب المتخصص في الشؤون الخارجية، إن بعض أولئك السياسيين والدبلوماسيين يرون أن الولايات المتحدة أعطت إسرائيل ضوءا أخضر لقصف قطاع غزة، ويثيرون تساؤلات حول المعايير المزدوجة الواضحة التي تتبناها الولايات المتحدة، ولا يستطيع خطاب بايدن إخفاءها.
ويدعي ثارور أن حالة من “الاشمئزاز والغضب” انتابت العالم في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، على جنوب إسرائيل، الذي أسفر عن مصرع نحو 1400 إسرائيلي، لكنه يعود فيقول، إن 16 يوما من الحملة الانتقامية الإسرائيلية في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 5 آلاف فلسطيني، وفقا للسلطات المحلية، بما في ذلك ما يقرب من 2000 طفل.
ويضيف، أن الأزمة الإنسانية تزداد من سيئ إلى أسوأ، مضيفا أن شبح التطهير العرقي يلوح مع “مطالبات” إسرائيل بتهجير جماعي لبعض سكان غزة.
وتطرق مقال واشنطن بوست لاستخدام واشنطن -الأربعاء الماضي- حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، لإسقاط مشروع قرار صيغ بلهجة معتدلة عارضته إسرائيل، ويدعو إلى هدنة إنسانية.
لينش: من الصعب التوفيق بين ترويج الولايات المتحدة للمعايير الدولية وقوانين الحرب دفاعا عن أوكرانيا ضد الغزو الروسي الوحشي وتجاهلها المتعجرف لنفس المعايير في غزة
ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة كانت الدولة الوحيدة التي استخدمت ذلك الحق، في حين حتى حلفاؤها -بما فيهم فرنسا- صوتوا لصالح مشروع القرار.
ولطالما عملت الولايات المتحدة على حماية إسرائيل من الإدانة في الأمم المتحدة، بينما شجب مسؤولون أميركيون وغربيون الحرب الروسية كونها “انتهاكا للقانون الدولي ومبادئ ميثاق المنظمة الدولية، وتحديا للنظام الدولي”.
وأوضح ثارور أن العديد من الحكومات في الشرق الأوسط ودول أخرى من العالم الثالث أدانت العدوان الروسي، لكنها كانت أكثر حذرا في وضع “محنة أوكرانيا” في الإطار الأخلاقي نفسه الذي وضعه فيها نظراؤهم الغربيون.
وتستشهد تلك الحكومات والدول بالإرث الذي خلَّفه الغزو الأميركي للعراق في 2003، ومقارنته بلامبالاة الغرب بالصراعات البشعة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، والنفاق المتمثل في التحريض على الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية، بينما يتشدقون بالحرية، حسب تعبير المقال.
ويقتبس ثارور من مقال في مجلة “فورين أفيرز” كتبه مارك لينش، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، قائلا، “إن من الصعب التوفيق بين ترويج الولايات المتحدة للمعايير الدولية وقوانين الحرب دفاعا عن أوكرانيا ضد الغزو الروسي الوحشي، وتجاهلها المتعجرف للمعايير نفسها في غزة”.