أضرم أسرى فلسطينيون محررون النار في ملابس أجبرتهم سلطات السجون الإسرائيلية على ارتدائها قبل الإفراج عنهم، وهي الملابس التي أثارت غضبا في فلسطين وانتقادات في إسرائيل، إذ حملت عبارات ورموزا إسرائيلية.
وفي وقت سابق، نشرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية صورا للأسرى وهم يرتدون قمصانا بيضاء طبع عليها نجمة داود وشعار مصلحة السجون، إلى جانب عبارة “لا ننسى ولا نغفر” من كلا الجهتين.
وعقب إرغام الأسرى على ارتداء تلك القمصان، التقطت مصلحة السجون صورا لهم وُصفت بالمهينة، بعدما أُجبر الأسرى على الجثو على ركبهم وإنزال رؤوسهم للأسفل، في حين صُورت لقطات أخرى داخل ساحة أحد السجون الإسرائيلية، حيث كان الأسرى يصطفون في طوابير ومحاطين بأسلاك شائكة.
يأتي ذلك بعيد تسليم الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة للصليب الأحمر وهم يحملون هدايا ويرتدون ملابس نظيفة ومرتبة.
وفور وصولهم ساحة “مستشفى غزة الأوروبي” بخان يونس جنوبي قطاع غزة، أضرم عدد من الأسرى المحررين النيران في تلك الملابس التي حملت رموزا إسرائيلية مثل نجمة داود، وسط هتافات من ذويهم والمستقبلين، في إشارة إلى رفضهم القاطع لمحاولة الاحتلال فرض رمزيته عليهم.
حماس والجهاد تنددان
من جهتها، دانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وضع إسرائيل شعارات عنصرية على قمصان أجبرت أسرى فلسطينيين على ارتدائها قبل الإفراج عنهم، ضمن الدفعة السادسة من صفقة التبادل في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.
وقالت حماس -في بيان- إنها تدين “جريمة الاحتلال بوضع شعارات عنصرية على ظهور أسرانا الأبطال، ومعاملتهم بقسوة وعنف، في انتهاك فاضح للقوانين والأعراف الإنسانية، في مقابل التزام المقاومة الثابت بالقيم الأخلاقية في معاملة أسرى العدو”.
وشددت حماس على موقفها بأن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الثلاثة، في وقت سابق اليوم السبت، يضع تل أبيب أمام مسؤولية الالتزام بالاتفاق والبروتوكول الإنساني، وبدء مفاوضات المرحلة الثانية من دون مماطلة.
الأهالي يحرقون ملابس الاحتلال التي ألبسها لأسرى قطاع غزة قبل تحررهم ضمن صفقة التبادل. pic.twitter.com/HaVWLEmbCF
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 15, 2025
كذلك دانت حركة الجهاد الإسلامي بأشد العبارات، في بيان، “الجريمة العنصرية الجديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين المحررين”.
وأضافت أن سلطات الاحتلال لم تكتف بهذا الفعل المشين، بل عمدت وسائل إعلامه إلى بث الصور بطريقة مسيئة، في محاولة يائسة لكسر إرادة أسرانا الأحرار.
واعتبرت ذلك “انتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية والإنسانية، وسلوكا عنصريا ولا إنسانيا بغيضا يكشف الوجه الحقيقي للاحتلال، ويفضح حقده الأعمى”.
وذكرت أنه، في المقابل، “شهد العالم بأسره كيف تعاملت المقاومة مع أسرى العدو بكل احترام، حيث بدت مشاهد إطلاق سراحهم وكأنها تكريم لهم، دون أن يُمس أي منهم بأذى، على عكس ما تعرّض له أسرانا الأبطال من إهانة ممنهجة”، وفق البيان.
وفي وقت سابق، سلمت كتائب القسام وسرايا القدس 3 أسرى إسرائيليين، بينهم اثنان يحملان الجنسيتين الأميركية والروسية، إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي بدورها سلمتهم للجيش الإسرائيلي ضمن الدفعة السادسة من صفقة التبادل.
وكان تسليم هذه الدفعة واجه الأسبوع الماضي عقبات بسبب عدم التزام إسرائيل بالبروتوكول الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار، مما دفع القسام -الاثنين الماضي- لإعلان تجميد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لحين وقف انتهاكات تل أبيب.
انتقادات إسرائيلية
وفي إسرائيل، أفادت هيئة البث بأن الطريقة التي أفرج بها عن الأسرى الفلسطينيين أثارت انتقادات في إسرائيل لمصلحة السجون بسبب الملابس التي ظهر بها الأسرى الفلسطينيون.
وقالت إن المستوى السياسي لم يكن على علم بقرار مصلحة السجون بشأن إلباس الأسرى هذا الزي.
وأضافت أن إلباس الأسرى ذلك الزي مثّل مشكلة، لأن إسرائيل تحاول الاستفادة من طريقة إفراج حماس عن “الرهائن”، على حد تعبيرها.
خروقات في 4 مسارات
وشهد الاتفاق خروقات في 4 مسارات، وهي -حسب حماس- استهداف وقتل فلسطينيين، وتأخير عودة النازحين لشمال غزة، وإعاقة دخول متطلبات الإيواء من خيام وبيوت جاهزة ووقود وآليات رفع الأنقاض لانتشال الجثث، وتأخير دخول الأدوية ومتطلبات لترميم المستشفيات والقطاع الصحي.
ونتيجة لذلك، شهدت الأيام الماضية حراكا لتجاوز ما حدث، إذ قالت حماس -في بيان أول أمس الخميس- إن الوسطاء في مصر وقطر بذلوا جهودا لإزالة العقبات وسد الثغرات التي تسببت فيها الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق، ووصفت أجواء المباحثات بأنها إيجابية.
وأكدت آنذاك أنها مستمرة في موقفها بتطبيق الاتفاق وفق ما تم التوقيع عليه، بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدد.
ورغم ضمانات الوسطاء، فإنه لم يدخل حتى الجمعة أي منازل متنقلة (كرفانات) أو معدات وآليات ثقيلة إلى القطاع وفق ما نص عليه البرتوكول الإنساني، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
والخميس، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بدخول 763 شاحنة إلى قطاع غزة، من دون ذكر تفاصيل عنها.
ويوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى يشمل 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، على أن يتم التفاوض خلال المرحلة الأولى لبدء الثانية، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.