بينما الارتباط من المعروف منذ فترة طويلة أن هناك علاقة بين قلة النوم والخرف، ولم يكن من الواضح ما إذا كانت عادات النوم السيئة يمكن أن تسبب الخرف أو ما إذا كانت قلة النوم من الأعراض المبكرة للخرف. ومع ذلك، فقد كشفت دراسة جديدة أن نوعية النوم قد يكون لها تأثير مباشر على معدل تقدم الدماغ في العمر.
توضح أبيجيل دوف، عالمة الأوبئة العصبية في معهد كارولينسكا في السويد: “تقدم النتائج التي توصلنا إليها دليلاً على أن قلة النوم قد تساهم في تسريع شيخوخة الدماغ، وتشير إلى الالتهاب كأحد الآليات الأساسية”.
علاقة عالية مع نمط حياة البومة الليلية والشخير
قام الباحثون بتقييم جودة نومهم عبر خمسة أبعاد لدى 27500 شخص في منتصف العمر وكبار السن (متوسط العمر 54.7 عامًا) المسجلين في UK Biobank (معهد أبحاث يجري دراسات متابعة طويلة المدى لتأثيرات الاستعداد الوراثي ونمط الحياة على المرض). وبعد تسع سنوات تقريبًا، قاموا بمسح أدمغة المشاركين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي واستخدموا نماذج التعلم الآلي لتقدير عمر الدماغ البيولوجي.
قام الباحثون بقياس جودة النوم بناءً على النمط الزمني (الصباح أو المساء)، ومدة النوم، ووجود الأرق أو عدمه، ووجود الشخير أو عدمه، والنعاس أثناء النهار. وباستخدام هذه البيانات، قاموا بتصنيف المشاركين إلى ثلاثة أنماط نوم، ووجدوا أن 41.2% حصلوا على نوم صحي، و3.3% كانوا ينامون بشكل سيئ، و55.6% وقعوا في المجموعة المتوسطة.
وأظهر التحليل أنه مقابل كل انخفاض في درجة النوم الصحي، زاد الفرق بين عمر الدماغ والعمر الزمني بنحو ستة أشهر. أظهرت المجموعة ذات جودة النوم الأقل أن أدمغتهم كانت أكبر من عمرهم الزمني بحوالي عام واحد. ويشير هذا إلى أن الاختلافات في مدة النوم وعادات النوم يمكن أن تؤثر بشكل كبير على معدل تقدم عمر الدماغ.
لقد وجد الباحثون أن نمط الحياة الليلي، ومدة النوم غير الصحية (أكثر من 7-8 ساعات)، وعادات الشخير ترتبط بشكل خاص بقوة بشيخوخة الدماغ. ووجدوا أيضًا أن العوامل الخمسة التي تحدد جودة النوم تتفاعل مع بعضها البعض. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الأرق إلى النعاس المفرط أثناء النهار، ويمكن أن يؤدي نمط الحياة الليلي إلى فترات نوم أقصر.
قلة النوم تؤدي إلى التهاب مزمن في الجسم
ولفهم الآلية التي يؤثر بها قلة النوم على الدماغ، قام فريق البحث أيضًا بقياس مستوى الالتهاب منخفض الدرجة في الجسم. على وجه التحديد، استخدموا مجموعة من المؤشرات الحيوية، مثل مستويات البروتين التفاعلي C، وعدد خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، ونسبة الخلايا المحببة إلى الخلايا الليمفاوية (نوع من خلايا الدم البيضاء)، لتحليل دور الالتهاب في العلاقة بين أنماط النوم وشيخوخة الدماغ.
وأكدت النتائج أن ارتفاع مستويات الالتهاب في الجسم يميل إلى زيادة عمر الدماغ. وجد تحليل الوساطة (طريقة لتحليل تأثير المتغيرات الوسيطة في العلاقة السببية بين متغيرين) أن الالتهاب يفسر ما يقرب من 7 في المائة من الارتباط بين أنماط النوم المتوسطة وشيخوخة الدماغ، وأكثر من 10 في المائة من الارتباط مع أنماط النوم السيئة. بمعنى آخر، من المحتمل جدًا أن تؤدي نوعية النوم السيئة إلى تسهيل حدوث الالتهاب المزمن في الجسم، مما يؤدي بدوره إلى تسريع شيخوخة الدماغ.
بالإضافة إلى الالتهاب، هناك عدة طرق أخرى يمكن أن تؤثر بها قلة النوم سلبًا على الدماغ. الأول هو من خلال تأثيره السلبي على الجهاز الجليمفاوي، الذي يزيل في المقام الأول النفايات من الدماغ أثناء النوم. إذا لم تتم إزالة المواد السامة الموجودة في الدماغ بكفاءة أثناء النوم، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف وظيفة الخلايا العصبية على المدى الطويل. وأشار الباحثون أيضًا إلى أن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى تفاقم صحة القلب والأوعية الدموية، مما يضر بشكل غير مباشر بتدفق الدم والأنسجة في الدماغ.
ظهرت هذه القصة في الأصل في WIRED Japan وتمت ترجمتها من اليابانية.










