أعلنت وزارة الدفاع في أذربيجان مساء الثلاثاء أن قواتها سيطرت على 60 موقعا للقوات الأرمينية في إقليم ناغورني قره باغ بعد ساعات من شنها عملية عسكرية تستهدف نزع سلاح الانفصاليين بالإقليم، وفي الوقت الذي أكدت فيه تركيا دعمها لهذه العملية، دعت واشنطن وعواصم غربية أخرى لوقفها.

كما قالت هذه الوزارة -في بيان- إن قواتها دمرت عددا من نقاط إطلاق النار التابعة للقوات الأرمينية، مؤكدة أن العملية العسكرية مستمرة بنجاح.

وكانت الدفاع الأذرية نشرت قبل ذلك بيانا قالت فيه إنه تم اتخاذ إجراءات لمكافحة ما وصفته الإرهاب ضد الجيش الأرميني في قره باغ ضمن ما وصفته باستعادة النظام الدستوري بالبلاد، مشيرة إلى أن العملية تستهدف إخراج التشكيلات المسلحة الأرمينية من أراضيها.

وأضافت أن العملية العسكرية من شأنها ضمان وقف ما وصفته بالاستفزازات واسعة النطاق بالإقليم، ونزع سلاح القوات الأرمينية، وتحييد بنيتها التحتية العسكرية، وضمان سلامة المدنيين العائدين إلى أراضيهم، مشددة على ضرورة حل السلطات الانفصالية الأرمينية في قره باغ.

وأشارت وزارة الدفاع الأذرية إلى أنه تم استخدام أسلحة عالية الدقة على الخطوط الأمامية وفي الأعماق، وتحديد مواقع تشكيلات قوات أرمينية ونقاط إطلاق النار طويلة المدى، مؤكدة أن القصف لا يستهدف المدنيين.

في الجانب الآخر، أعلن المسلحون الأرمن في إقليم قره باغ أن الجيش الأذري نفذ قصفا عنيفا ويحاول اختراق دفاعاتهم، قائلين إنهم لا يزالون صامدين.

وأقرت قيادة الانفصاليين الأرمينية بمقتل 23 من عناصرها بالإضافة إلى مدنيين اثنين، مشيرة إلى أن القوات الأذرية تستخدم الطيران الحربي والمدفعية والطائرات المسيّرة.

وتحدثت أرمينيا عن “عدوان واسع النطاق” من قبل أذربيجان يستهدف التجمعات السكانية، ونفت أن يكون جيشها موجودا في قره باغ.

وفي باكو، أعلنت النيابة العامة مقتل مواطن جراء قصف أرميني باتجاه مدينة شوشي الواقعة تحت سيطرة أذربيجان، وتقع على مشارف قره باغ. وبدورها أكدت الدفاع الأذرية إصابة جنديين صباح اليوم جراء ما وصفته باستفزاز عسكري أرميني.

 

على كامل خط الجبهة

قال الانفصاليون الأرمن إن القتال في قره باغ يمتد على كامل خط الجبهة، وبحلول مساء الثلاثاء تحدثوا عن إجلاء 7 آلاف مدني من 16 بلدة في 6 مناطق.

وكانت مصادر محلية بالإقليم قالت لمراسل الجزيرة إن القوات الأذرية قصفت أحياء سكنية في ستيباناكيرت (عاصمة الإقليم) التي كانت تسمى خانكندي.

وأظهرت الصور الدمار الذي لحق بالمباني والسيارات التي استهدفها قصف القوات الأذرية.

ودعت السلطات التابعة للانفصاليين الأرمن السكان إلى الاحتماء بالملاجئ ومراكز الإيواء، كما دعت الجانب الأذري إلى وقف النار وبدء مفاوضات.

من جانبها، قالت باكو إن بوسع السكان الأرمن المغادرة عبر الممرات الإنسانية إلى أرمينيا أو جهات أخرى، الأمر الذي اعتبرته يريفان مؤشرا على سعي أذربيجان لتنفيذ “تطهير عرقي”.

وقالت الرئاسة الأذرية في بيان “بهدف وقف إجراءات مكافحة الإرهاب، على القوات الأرمينية المسلحة غير الشرعية أن ترفع الراية البيضاء، وتسلم كامل أسلحتها، وعلى النظام غير الشرعي أن يحل نفسه. ما لم يحدث ذلك، إجراءات مكافحة الإرهاب ستستمر حتى النهاية”.

وفي مقابلة مع الجزيرة، قال حكمت حاجييف مساعد الرئيس الأذربيجاني إن هدف العملية العسكرية هو إزالة البنية العسكرية والسياسية الأرمينية في قره باغ، مضيفا أن التحدي الأكبر هو وجود عشرات آلاف المسلحين وقوات أرمينية بالإقليم.

وتعهد حاجييف بضمان حقوق وسلامة الأرمن في قره باغ بموجب الدستور والتزامات أذربيجان الدولية.

وبينما قالت باكو إنها أبلغت أنقرة بالعملية العسكرية في قره باغ، أعلنت يريفان أن موسكو لم تبلغها بالهجوم.

وكانت أذربيجان تحدثت قبل أيام عن وجود قوات مسلحة أرمينية تعدادها أكثر من 10 آلاف شخص في قره باغ، وتمتلك أكثر من 100 دبابة ومدرعات وأكثر من 200 مدفعية ثقيلة، بما في ذلك أنظمة صاروخية، وأكثر من 200 مدفع هاون.

وفي الحرب الثانية التي خاضتها أذربيجان وأرمينيا عام 2020 وانتهت باتفاق لوقف إطلاق النار، استعادت القوات الأذرية أراضي في قره باغ وحولها، ولكن المسلحين الأرمن ظلوا يسيطرون على أجزاء من الإقليم.

ردود دولية

في غضون ذلك، أجرى رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان اتصالات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

وفي الوقت نفسه، دعت يريفان مجلس الأمن الدولي وقوات حفظ السلام الروسية إلى التحرك لوقف ما وصفته بعدوان أذربيجان في قره باغ.

وقال الكرملين إن روسيا تجري اتصالات مع أذربيجان وأرمينيا، مشيرا إلى أن موسكو تدعوهما للالتزام بالاتفاق الثلاثي بشأن قره باغ.

بدورها، قالت الخارجية الروسية إن أذربيجان أبلغت قوات حفظ السلام الروسية بعمليتها العسكرية في إقليم قره باغ.

ومن نيويورك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تدعم خطوات أذربيجان للحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، مضيفا أن قره باغ أرض أذرية ومن غير المقبول فرض وضع آخر.

وأضاف أردوغان أن أنقرة دعمت المفاوضات بين أذربيجان وأرمينيا، لكن يريفان لم تستغل هذه الفرصة.

وفي طهران، دعت الخارجية الإيرانية طرفي النزاع لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار وتسوية الخلافات عن طريق الحوار.

وفي واشنطن، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أذربيجان إلى الوقف الفوري للعملية العسكرية التي بدأتها في قره باغ المتنازع عليها.

من جانبه، استنكر الاتحاد الأوروبي التصعيد العسكري في قره باغ داعيا أذربيجان لوقف التصعيد.

كما وصف المستشار الألماني أولاف شولتز الوضع بين أذربيجان وأرمينيا بالحرج للغاية، ودعا لوقف القتال.

واعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أن العملية العسكرية الأذرية “غير شرعية وليست مبررة وغير مقبولة” وبالتزامن دعوة باريس لاجتماع فوري لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في قره باغ.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version