بلا رادع أخلاقي، جاءت دعوة الوزير الإسرائيلي المتطرف عميحاي إلياهو لضرب غزة بالسلاح النووي، لتكسر أيضا سياسة الصمت والغموض الإسرائيلي حول امتلاكها الأسلحة النووية التي كان قد اخترقها الفني السابق في مفاعل ديمونا مردخاي فعنونو عام 1986 كاشفا كل أسرار إسرائيل النووية، ليختطف ثم يسجن لمدة 18 عاما، ولم تعترف إسرائيل مع ذلك بترسانتها النووية أو تنفي حيازتها.
وغادر فعنونو العمل في مفاعل ديمونا عام 1985 حاملا معه صورا ووثائق لم يكن العالم يعرف عنها شيئا متوجها إلى أستراليا، عززت دراسته للفلسفة شكوكه وانعكست على ضميره، فكشف لصحيفة صنداي تايمز البريطانية في أكتوبر/ تشرين الأول 1986 أسرار هذه الترسانة النووية بما أذهل العالم آنذاك وأثار حنق إسرائيل، فأعدت له الموساد “مصيدة العسل” في روما حيث اختطف وحكم عليه 18 عاما سجنا، وبقي ملاحقا ومنبوذا حتى بعد الإفراج عنه.
ولا تسمح إسرائيل بنشر أي معلومات أو معطيات عن مشروعها النووي الغامض، ويتعرض كل من يفعل ذلك للملاحقة والمساءلة والعقاب، لكنها استثنت وزير التراث المتطرف (إلياهو) الذي اعترف ضمنيا -وهو مسؤول رسمي- بوجود قنابل نووية داعيا إلى إلقاء إحداها على غزة.
وتعليقا على دعوة إلياهو، اعتبر الصحفي الإسرائيلي ومحلل الشؤون الاستخباراتية يوسي ميلمان -عبر حسابه في منصة “إكس”- أن إسرائيل اتبعت سياسة الغموض بشأن برنامجها النووي طيلة 60 عاما، فلم تؤكد الأمر ولم تنفه، حتى جاء وزير بحكومة بنيامين نتنياهو يقترح إلقاء قنبلة نووية.
“زلة لسان”
عام 2006، أثار تصريح لرئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت بعض التساؤلات بشأن النووي الإسرائيلي. فبينما كان يحذر في مقابلة تلفزيونية بألمانيا من مخاوف امتلاك إيران سلاحا نوويا “زل” لسانه قائلا إن “أميركا وفرنسا وإسرائيل وروسيا تمتلك سلاحا نوويا” لكنها لا تهدد بمحو العالم مثلما يهدد الإيرانيون بمحو إسرائيل.
واعتبر البعض هذا التصريح اعترافا ضمنيا بامتلاك تل أبيب سلاحا نوويا، بينما رأى أولمرت أنه ناتج عن “سوء فهم” وأوضح مكتبه آنذاك أن سياسة إسرائيل “لم تتغير” وأنها لن تكون الدولة الأولى التي تدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط.
ويؤكد المؤرخ أفنير كوهين بكتابه “إسرائيل القنبلة” -الذي منعته الرقابة الإسرائيلية واعتقل من أجله لفترة- أن على إسرائيل أن تتخلى عن سياسة الغموض النووي، مشيرا إلى أن الإسرائيليين أنفسهم لا يعرفون شيئا تقريبا عن كيفية تدشين هذا البرنامج، ولا أين تخزن القنابل النووية، وما إذا كان قادتهم فكروا باستعمالها.
هواجس بن غوريون
كانت فكرة سلاح الردع الشامل قد تبلورت في ذهن ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل، حين أسس قسما للأبحاث العلمية ضمن منظمة الهاغانا (الذراع العسكري للحركة الصهيونية) وخصص له ميزانية كبيرة لدرجة أن رؤساء القسم لم يعرفوا ماذا يفعلون بها، مبررا ذلك بضرورة استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية.
ومن فكرة إيجاد سلاح ردع شامل انطلق بن غوريون، وكان قلقا حيال أمن إسرائيل، ومؤمنا بأن العداء العربي الإسرائيلي عميق، ولن يتوقف بمجرد قيام دولة إسرائيل بعد طرد الفلسطينيين وارتكاب المجازر بحقهم. ووفقا لرؤيته، فإنه لن يحدث السلام إلا إذا تصالح العرب مع خسائر حرب 1948 وأدركوا أن هزيمتهم تلك الفترة لم تكن خطأ قابلا للتصحيح نتيجة لعدم الكفاءة وتفتت قيادتهم.
واقتنع بن غوريون بأن العلم والتكنولوجيا يلعبان دورا كبيرا في تحقيق أهداف الصهيونية، وذلك من خلال توفير وسائل دفاع فعّالة ضد أعدائها. وكان لديه شغف خاص بالطاقة النووية.
وتورد صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في أرشيفها -نقلا عن كتاب “إسرائيل والقنبلة” للمؤرخ كوهين- أن بن غوريون ذكر في كتيب له وُزع على الجنود الإسرائيليين عام 1948 “نحن نعيش في عصر الثورات العلمية، حيث يُكشف لنا عن سر الذرة وتركيبها العجيب، والقوة الهائلة المكنونة فيها”. وتكرر هذا الموضوع في خطبه، ومدوناته الشخصية، ومحادثاته، مشيرا إلى الثورة النووية كتحول استثنائي في تاريخ الحضارة البشرية.
وفي رسالة بعثها بن غوريون أواخر الأربعينيات لأحد عملائه بأوروبا الشرقية قال فيها إنه يبحث عن علماء “لديهم القدرة على قتل جماعي أو علاج جماعي” وفي ذلك الوقت كان تلك القدرة تعني الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية.
وبالنسبة لبن غوريون، فإن العرب لن يتقبلوا ما حدث لفلسطين عام 1948، ولن يتصالحوا مع وجود إسرائيل. وفي رسالة أخرى لأحد مساعديه، أخبره فيها قائلا “لم أستطع النوم طوال الليل، كان هناك خوف واحد يتسلل إلى قلبي: هجوم مشترك من قبل جميع جيوش الدول العربية”.
وفي غياب الوثائق السرية ذات الصلة، يصعب تحديد اللحظة التي بدأ يفكر فيها بن غوريون بالأسلحة النووية، ويذكر أرشيف نيويورك تايمز أنه عام 1956 قال بن غوريون إن ما قام به اليهود الثلاثة: ألبرت أينشتاين وإدوارد تيلر وجي روبرت أوبنهايمر (أشرفوا على أول تفجير نووي أميركي في مختبر لوس ألاموس بصحراء نيو مكسيكو) للولايات المتحدة “يمكن للعلماء في إسرائيل أن يقوموا به من أجل شعبهم”.
وكان تفكير بن غوريون بالسلاح النووي نتيجة حدس إستراتيجي وهواجس مستمرة، وليس نتيجة خطة دقيقة ومدروسة، إذ كان يعتقد أن إسرائيل تحتاجه للدفاع عن نفسها بالحالات الحرجة، وكان يرى أن السلاح النووي سيرغم العرب على الاعتراف بوجود إسرائيل.
وأواخر الخمسينيات، وقف بن غوريون في وجه المعارضين لقبول تعويضات مالية من ألمانيا، مبررا ذلك بأنه “لا يريد أن يأتي النازيون العرب ويذبحوننا” بإسرائيل.
وفي إحدى خطاباته عام 1963، ودون الإشارة لسلاح نووي، برر بن غوريون وجود سلاح “لردع أعداءنا عن شن حرب ضدنا” وقال “لا أعرف دولة أخرى حيث يعلن جيرانها عن نيتهم إنهاء وجودها، وليس فقط الإعلان عن ذلك، بل التحضير لذلك بكل الوسائل المتاحة، يجب ألا نغفل أن ما يُعلن عنه يوميا بالقاهرة ودمشق والعراق ليست مجرد كلمات. هذا هو الفكر الذي يوجه قادة العرب…”. وأضاف أنه واثق من أن “العلماء اليهود يمكنهم توفير الأسلحة اللازمة لردع أعدائنا”.
ويقول الصحفي الأميركي سيمور هيرش في كتابه “الخيار شمشون” -الصادر عام 1990- إن المشروع النووي الإسرائيلي كان ردا على صعود حركة التحرر العربية بداية الخمسينيات بزعامة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وكان يرمي لتعزيز التهديد والابتزاز الإسرائيلي لكل المنطقة وتطويع دولها وتحويلها إلى محيط تابع للمركز الإسرائيلي.
وخيار “شمشون” يقوم على نظرية “عليّ وعلى أعدائي” ذلك أنه إذا تعرضت إسرائيل للخطر فهي قادرة على جعل إنهاء وجودها مكلفا حتى لو كان الرد نوويا.
تفعيل الخيار النووي
كان بن غوريون يعتمد على مساعدين مخلصين، هما إرنست ديفيد بيرغمان وشمعون بيريز، حيث قدم بن غوريون السلطة والالتزام السياسي، بينما أضاف هذان المساعدان الحماس والطاقة الضروريين لتحويل الفكرة إلى واقع ملموس.
وعمل بيرغمان -وهو كيميائي يهودي ولد بألمانيا- مستشارا لدى بن غوريون، وعينه الأخير رئيسا للقسم العلمي بالجيش الإسرائيلي عام 1948، ثم أصبح مستشارا علميا لوزارة الدفاع عام 1951.
ويقول بيريز إن انجذاب لسعي بن غوريون من قبل بيرغمان -الذي قاد البحوث النووية الإسرائيلية حتى عام 1955- نابع من رغبته في صياغة المستقبل العلمي لإسرائيل، وإن لديه قناعة بأن تل أبيب بحاجة لبرنامج أبحاث دفاعي خاص بها، مبررا ذلك بأنه لا يريد للإسرائيليين أن يقادوا مرة أخرى “مثل الخراف إلى المذبحة”.
وانجذب بن غوريون بدوره إلى رؤية بيرغمان العلمية وتفاؤله، ورغم أن اندفاعه كان يخيف بعض الخبراء بإسرائيل، فإن حماسة بيرغمان كانت مهمة في علاقته مع بن غوريون، فقد أقنعه أن الطاقة النووية مفتاح البقاء والازدهار، وألهمه بأن إسرائيل يمكن أن يكون لديها سلاح نووي.
وإذا كان بيرغمان هو “الأب العلمي للقنبلة النووية الإسرائيلية” فإن بيريز -الذي ولد في بولندا عام 1923 وهاجر مع عائلته إلى فلسطين عام 1934- يعد مهندس النووي الإسرائيلي، فقد أقنع بن غوريون عام 1956-1957 بأن الوقت مناسب للشروع به. وكان لديه دور بارز في ترسيخ التحالف الفرنسي الإسرائيلي الذي جعل صفقة ديمونا أمرا ممكنا.
وعام 1949، أقرت باريس رسميا اعترافها بتل أبيب، وتعزز التقارب الإسرائيلي الفرنسي، وبدأ بن غوريون وبيريز يفاوضان باريس لشراء أسلحة وطائرات عسكرية، وعبر شبكة علاقاته الواسعة استطاع بيريز عام 1957 إقناع الحكومة الفرنسية بالمساعدة في إنشاء مفاعل ديمونا، وتشير معلومات إلى أنه يتكون من 8 طوابق تحت الأرض، وقد أصبح قادرا على إنتاج عدة قنابل نووية سنويا وفق تسريبات فعنونو. ويرجح أن إسرائيل تمتلك ما بين 190 و200 رأس نووي.
وعند إنشائه، كان مفاعل ديمونا يعرف بكونه مصنعا للنسيج ومنشأة زراعية ومؤسسة لأبحاث المعادن. وعام 1960، أقر بن غوريون بأنه مركز للأبحاث النووية السلمية بعد أن كشفت طائرات التجسس الأميركية عن البناء الضخم وتشككت واشنطن في طبيعته.
ورغم أن مفتشين أميركيين زاروا المفاعل مرات عدة في ستينيات القرن الماضي، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد أنشطته بدقة، وقد عمدت هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية إلى تغيير اللافتات وغلق المصاعد والممرات المؤدية إلى الطوابق السفلية وكل ما يشير إلى نشاط نووي.
وفي إطار الغموض الإسرائيلي، لا يوجد أيضا دليل على أن تل أبيب قد أجرت تجربة نووية، ولكن هناك تقارير تشير إلى أن التفجير النووي المشتبه به جنوب المحيط الهندي عام 1979 كان تجربة مشتركة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا التي فككت بعد نهاية نظام الفصل العنصري برنامجها النووي.
“الغموض الإيجابي”
وفي كتابه “أسوأ سر” يقول المؤرخ كوهين إن إسرائيل كان لديها خطة طوارئ قبيل اندلاع حرب 1967 “لإظهار القدرة النووية ” عبر تفجير جهاز في بقعة صحراوية نائية لاستعراض قوة الردع أمام الجانب العربي.
ويؤكد كوهين أن واشنطن صممت أواخر الستينيات على أن تنضم إسرائيل لمعاهدة منع الانتشار النووي، لكن بعد اجتماع بين الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، ورئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير عام 1969، اتفقا على شروط الغموض بما يعني الموافقة الضمنية للولايات المتحدة على امتلاك إسرائيل سلاحا نوويا، مقابل ألا تقوم باختبار سلاحها النووي ولا تعلن عن امتلاكه.
ورغم تصريحات بعض الزعماء الإسرائيليين حول البرنامج النووي، سواء كان ذلك بقصد أو دون قصد، فإن إسرائيل لم توقع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وترفض الكشف عن برنامجها أو السماح للوكالة بتفتيش منشآتها أو مراقبتها، وذلك تطبيقا لما تسميه سياسة الغموض النووي.
ويشير كوهين إلى أن سياسة الخداع والغموض هذه أفادت اسرائيل بشكل كبير ودفعت الولايات المتحدة للتسليم بالواقع دون أن تقوض علاقاتها مع العرب، أو كبح مساعيها لمنع الانتشار النووي في أي مكان. كما لعبت الدول الكبرى دورا مساندا في سياسة الغموض النووي التي تتبناها إسرائيل، حيث لم تفرض عليها ضغوطا جادة للكشف عن حقيقة برنامجها النووي أو السماح بالتفتيش الدولي.
النووي الإسرائيلي تاريخيا
- 1949 بدأ دور فرنسا بدعم البرنامج النووي الإسرائيلي عندما زار مسؤولها بوكالة الطاقة الذرية إسرائيل، ودعا الفيزيائي الفرنسي فرانسيس برين الباحثين الإسرائيليين لزيارة البلاد وتدشين التعاون العلمي بهذا المجال.
- 1953 اتفاق فرنسي إسرائيلي للتعاون في استخراج اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل.
- 1955 توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل حصلت الأخيرة بموجبه على مفاعل نووي أقيم فيما بعد بمعهد سوريك ناحال الواقع قرب مدينة يبنا غربي بئر السبع.
- 1967-1955 أنفقت إسرائيل هذه الفترة ما يفوق 600 مليون دولار في صفقات التسلح الموقعة مع فرنسا منها 75 مليونا خاصة بالمجال النووي.
- 1957 فرنسا تنشئ مفاعل ديمونا في صحراء النقب بناء على اتفاقية سرية.
- 1957 الصحف الألمانية تنشر تقارير عن تعاون برلين وتل أبيب بالمجال النووي.
- 1958 هيئة الإذاعة البريطانية تعلن أنها عثرت على دلائل حول بيع لندن 20 طنا من الماء الثقيل لمفاعل ديمونا. لكن الحكومة اكتفت بالقول إنها لم تكن طرفا في أي عملية بيع للإسرائيليين، وإنها فقط باعت بعض الماء الثقيل للنرويج، وتبين فيما بعد أن النرويج أعادت بيع هذه الكمية لتل أبيب.
- 1960 الرئيس الفرنسي شارل ديغول يسمح لخبراء إسرائيليين بحضور تجربة نووية عام 1960 أجرتها باريس بمنطقة حمودي بفران في صحراء الجزائر.
- 1963 بدء تشغيل مفاعل ديمونا.
- 1966 إسرائيل تنفذ تجربة نووية في نفق أرضي متاخم للحدود مع مصر، وقيل إنها أحدثت هزات بصحراء النقب وشبه جزيرة سيناء.
- 1968 باعت بلجيكا لإسرائيل 200 طن متري من اليورانيوم.
- 1974 وكالة الاستخبارات الأميركية تقدر عدد الرؤوس النووية الإسرائيلية بأنها تتراوح بين 10 و20 رأسا نوويا.
- 1986 كشف الخبير بمفاعل ديمونا (فعنونو) لصحيفة صنداي تايمز اللندنية النقاب عن معلومات موثقة بنحو 60 صورة للمفاعل. وقدر خبراء تعاونت معهم الصحيفة للتحقق من معلومات فعنونو أن مخزون إسرائيل النووي يتراوح بين 100 و200 رأس نووي.
- 1987 أعلنت النرويج أن إسرائيل ترفض السماح لها بالتحقق ومراقبة استخدام الماء الثقيل الذي نقلته لإسرائيل أواخر الخمسينيات.
- 1990 وكالة الاستخبارات الأميركية تقدر من جديد ترسانة إسرائيل النووية بأنها تتراوح بين 75 و130 رأسا نوويا.
- 1992 الاستخبارات الألمانية تقول إن 40 عالما نوويا روسيا وصلوا إسرائيل ضمن أفواج المهاجرين اليهود، وانخرطوا بالبرنامج النووي الإسرائيلي.
- 2004 أفرجت الحكومة الإسرائيلية عن الفني السابق في برنامجها النووي (فعنونو) بعد 18 عاما قضاها بالسجن.
- 2007 كشف كتاب عن السيرة الذاتية لبيريز أن إسرائيل وفرنسا أبرمتا منتصف القرن الماضي اتفاقا سريا للتعاون بإنتاج قنبلة نووية.
- 2008 قال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر كشف أن إسرائيل تمتلك 150 سلاحا نوويا.
- 2016 قررت إسرائيل إطلاق اسم بيريز على مفاعلها النووي بصحراء النقب خصوصا أنه كان يعرف بأبي القوة النووية الإسرائيلية.
- 2021 وكالة أسوشيتد برس الأميركية نشرت صورا للمفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا، وقالت إنه يشهد توسيعا وتطويرا وأعمال بناء مكثفة.
ممنوع على العرب
بالتوازي مع امتلاك السلاح النووي كانت الخطة الإستراتيجية لإسرائيل تشمل منع أي بلد عربي من الوصول إلى السلاح النووي بأي ثمن، لأن ذلك سيؤدي إلى فقدان قوة الردع والتفوق النوعي.
وتشير التقارير والوثائق إلى أن إسرائيل نشطت في كشف المشاريع النووية العربية، واستهداف علماء الذرة العرب واغتيالهم منذ خمسينيات القرن الماضي.
وحول اغتيالات الموساد، يكشف الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمان في كتاب صدر عام 2018 بعنوان “انهض واقتل أولا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة بإسرائيل” أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية اغتالت منذ الخمسينيات أكثر من 2700 من العلماء والسياسيين والمفكرين والكتاب العرب، بينهم نحو 350 خبيرا وفنيا وعالما عراقيا باختصاص الطاقة النووية، وقد بقيت معظم هذه العمليات غير معلومة.
كما يكشف كتاب “الموساد-العمليات الكبرى” للكاتبين الإسرائيليين ميخائيل بار زوهار ونيسيم ميشعال كيف أن المؤسستين الأمنيتين (الموساد والشاباك “الشين بيت”) أصبحتا يد إسرائيل الطولى بالعالم العربي، وكيف استطاعتا الحصول على المعلومات اللازمة عن “أعداء إسرائيل” والوصول لأهدافها عبر شبكة تجسس واسعة ومعقدة تنتشر في معظم العواصم العربية والإسلامية، وتستخدم تقنيات عالية في التعقب والتنفيذ.
وركز الموساد منذ عام 1976 على ضرب المشروع النووي العراقي باعتباره الأكثر جدية بعد الفشل في إقناع الرئيس الفرنسي جاك شيراك بالتخلي عن مساعدة بغداد في بناء برنامج نووي سلمي، ووقعت الأخيرة مع فرنسا في نوفمبر/تشرين الثاني 1976 اتفاقا لتزويد العراق بمفاعلين نوويين، أحدهما كبير والآخر صغير، بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وإثر ذلك بدأت أجهزة استخبارات إسرائيلية، شملت الموساد ووحدتي 8200 و81 التابعتين لشعبة الاستخبارات العسكرية ووحدة “تسوميت” بقيادة أهارون شيرف، حملة “عصر جديد” بهدف ضرب المشروع النووي العراقي.
وقاد هذه الحملة ناحوم أدموني نائب رئيس الموساد في حينه، شملت الحصول على معلومات ووثائق وتجنيد عملاء وتفجيرات وتهديد العلماء مرورا بتدمير مفاعل “تموز” عندما فشلت حملة “عصر جديد” كما يشير أهارون شيرف في كتابه “رسائل بريد من الموساد” الصادر عام 2022.
ففي 6 أبريل/نيسان 1979، فجّر الموساد مخازن تابعة لشركة فرنسية متخصصة بإنتاج قطع لسفن ومفاعلات نووية باسم “سي إم آي إم” (CMIM) قرب مدينة تولون على شاطئ البحر المتوسط، وفي 14 يونيو/حزيران 1980 اغتالت وحدة “كيدون” (الرمح) التابعة للموساد عالم الذرة المصري يحيى المشد المشرف على المشروع النووي العراقي بفندق “الميريديان” في باريس وهو ما أكده كتاب “عن طريق الخداع” للضابط الموساد المنشق فيكتور أوستروفسكي.
ولتدمير المشروع النووي العراقي نهائيا، نفذت إسرائيل العملية “بابل” والتي تعرف أيضا بعملية “أوبرا” يوم 7 يونيو/حزيران 1981، عبر غارة جوية على مفاعل “تموز” بمنطقة التويثة جنوب شرقي بغداد، وقد دمر المفاعل بصورة شبه كلية، كما قتل 10 عراقيين ومدني فرنسي.
وأقرت إسرائيل أوائل 2018 أيضا بقصف المفاعل النووي السوري في دير الزور عام 2007 وتدميره، واغتيال عدد من العلماء السوريين، وكانت قد اغتالت أيضا مدير المشروع النووي محمد سلمان بمنزله بطرطوس عام 2008.
وأكدت إسرائيل أن هذا البرنامج كان مخفيا عليها 6 سنوات، وهو ما حدث مع البرنامج النووي الليبي الذي لم يكتشف حجم تقدمه إلا بعد تفكيكه من قبل العقيد الراحل معمر القذافي في صفقة مع الغرب عام 2004.
وكان امتلاك السلاح النووي الإسرائيلي خيارا أساسيا ارتبط بالفكر الصهيوني وضمن نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة على الردع والتفوق النوعي على العرب مجتمعين، وقد بقي في دائرة الغموض المحسوب بلا اعتراف أو نفي، لكن الوزير إلياهو أزال ما بقي من هذا الغموض في سياق ما رآه لحظة ضعف تهدد الكيان الإسرائيلي.