أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها بسطت سيطرتها الكاملة على مدينة باخموت شرقي أوكرانيا، وقد هنأ الرئيس فلاديمير بوتين الوحدات المقاتلة، أما نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فقد صرح اليوم الأحد بأنه “لم يبق شيء” من المدينة، نافيا في الوقت ذاتها كونها مُحتلة.
وسئل زيلينسكي -أثناء مشاركته في قمة مجموعة السبع بمدينة هيروشيما اليابانية- عن الوضع في باخموت، فلم يقدم إجابة قاطعة للصحفيين، لكنه قال “يجب أن تفهموا أنه لم يبق شيء هناك”، وتابع “اليوم، باخموت باقية في قلوبنا فقط”.
وعقب هذا التصريح، قال سيرغي نيكيفوروف المتحدث باسم الرئيس الأوكراني إن زيلينسكي لم يؤكد سيطرة القوات الروسية على باخموت بل نفى ذلك.
وكتب نيكيفوروف على فيسبوك “سؤال المراسل كان: الروس قالوا إنهم سيطروا على باخموت… وكان رد الرئيس: لا أعتقد ذلك”.
غير أن زيلينسكي صرح أيضا أن القوات الروسية داخل باخموت لكن المدينة “ليست محتلة”، مؤكدا حاجة كييف إلى أسلحة نوعية “وعدنا بها الجميع وسنحصل على طائرات إف-16 لكن لا نعلم متى”.
بدوره، قال الرئيس الأميركي جو بايدن “سنبدأ في تدريب الطيارين الأوكرانيين على الجيل الرابع من طائرات إف-16″، كاشفا أن زيلينسكي قدّم “تأكيدا قاطعا” بأن المقاتلات لن تهاجم الأراضي الروسية.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت -في بيان مقتضب نشر في وقت متأخر من مساء أمس السبت- إنه نتيجة للأعمال الهجومية لوحدات مجموعة فاغنر بدعم مدفعي وجوي من قوات الجنوب “اكتمل تحرير أرتيموفسك”، وهو الاسم السوفياتي لباخموت الواقعة في دونيتسك إحدى المقاطعات الأربع التي أعلنت موسكو ضمها في سبتمبر/أيلول الماضي.
من جهته، قال الكرملين في بيان إن الرئيس بوتين هنأ وحدات فاغنر، وقوات الجيش “التي قدمت الدعم والغطاء اللازمين” لها خلال العملية.
وأضاف الكرملين أن الرئيس وجه تعليمات بتقليد “أبطال العملية” أوسمة الشرف التي استحقوها، وفقا للبيان.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين سيطرة قواته على كامل مدينة باخموت شرقي أوكرانيا، مشيرا إلى أن عملية السيطرة عليها استغرقت 224 يوما.
تمشيط باخموت
وقال بريغوجين إن قواته ستبدأ الانسحاب من باخموت اعتبارا من الخميس المقبل تمهيدا لتسليمها للجيش الروسي.
وتابع “من الآن وحتى 25 مايو/أيار، سنمشط كامل المدينة، وسنقيم مواقع دفاعية ونسلمها إلى العسكريين. من جهتنا، سنعود إلى القواعد”.
ورغم إعلان الانتصار، كرر بريغوجين انتقاداته الشديدة لوزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف، مؤكدا أن عدد القتلى في صفوف قواته في باخموت ازداد 5 أضعاف “بسبب نزواتهما”.
وقال أيضا “لم نقاتل الجيش الأوكراني فحسب في باخموت، بل أيضا البيروقراطية الروسية التي وضعت لنا العصي في الدواليب”، مشيرا إلى حرمان مقاتليه من الحصول على إمدادات كافية من الذخيرة.
في المقابل، نفى الجانب الأوكراني -قبل التصريحات التي أدلى بها الرئيس زيلينسكي اليوم- تحقيق انتصار روسي في باخموت، لكن المسؤولين الأوكرانيين أشاروا إلى إمكان انسحاب قوات بلادهم من المدينة في إطار العمليات الدفاعية.
وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيل بودولياك إن إعلان بريغوجين السيطرة على باخموت يأتي للتغطية على حجم الخسائر التي تعرضت لها قواته في المدينة.
وأضاف بودولياك أن تصريحات بريغوجين تهدف لتخفيف وطأة التصريحات الداعمة لأوكرانيا بقمة مجموعة السبع في مدينة هيروشيما اليابانية.
من جهته، قال المتحدث باسم القيادة الشرقية الأوكرانية سيرغي شيريفاتي إن قواته تنفذ عملية لتطويق باخموت، وإنها قد تخرج من المدينة نفسها.
وأوضح أنه بالجزء الذي تسيطر عليه القوات الأوكرانية من باخموت أصبحت العملية الدفاعية إشكالية لأنها تتم في مساحة ضيقة ومن السهل استهدافها، وقال إنه عاجلا أم آجلا ولأسباب أمنية ستخرج هذه القوات من المدينة.
خسائر فادحة
في السياق نفسه، قالت هانا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني -عبر تليغرام- إن قواتها لا تزال “تسيطر على بعض المنشآت الصناعية والبنى التحتية والمباني السكنية” في المنطقة، لكنها أقرت في الوقت نفسه بأن “الوضع حرج”.
وقد تكبد الطرفان خسائر فادحة في باخموت، المدينة التي كان يسكنها حوالي 70 ألف نسمة قبل الهجوم الروسي، وباتت اليوم مدمرة بمعظمها جراء المعارك.
وحققت القوات الروسية تقدما بطيئا بالمدينة ومحيطها فسيطرت على بلدات مجاورة مثل سوليدار إلى الشمال. وكانت تسيطر الأسابيع الأخيرة على أكثر من 90% من باخموت، ولا تواجه داخلها سوى جيب أخير من المقاومة في الغرب.
ومنذ بداية حربها بأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، واجهت روسيا سلسلة انتكاسات أرغمتها على الانسحاب من محيط كييف ثم من خاركيف شمال شرق أوكرانيا ومن خيرسون إلى الجنوب. وظل خط الجبهة ثابتا في معظمه طوال الشتاء وتركزت المعارك في باخموت.
وينتظر الطرفان الآن الهجوم المضاد الذي توعدت به السلطات الأوكرانية معوّلةً على إمدادات الأسلحة الغربية. وأعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي -الآونة الأخيرة- أن جيشه “بحاجة إلى مزيد من الوقت” للإعداد لهذا الهجوم.
دعم في قمة السبع
وحصلت أوكرانيا على تعهدات بمساعدات جديدة من القوى الغربية خلال قمة مجموعة السبع المنعقدة في هيروشيما باليابان، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه زيلينسكي اليوم على هامش القمة عن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا تصل قيمتها إلى 375 مليون دولار.
وصرح بايدن بأن الحزمة الجديدة تتضمن ذخيرة ومدفعية ومركبات مدرعة وتدريبات، وتعهد لنظيره الأوكراني بأن تبذل الولايات المتحدة كل ما في وسعها لتعزيز قدرات كييف الدفاعية.
في السياق نفسه، صرح رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأن بلاده ستبدأ تدريب الطيارين الأوكرانيين هذا الصيف لدعم كييف في حربها مع روسيا.
وقال سوناك -في تصريحات على هامش قمة هيروشيما وبرفقته الرئيس الأوكراني- إنه “لا أحد يريد السلام أكثر من زيلينسكي وإن شروط السلام ينبغي أن تستند إلى مبادئ أوكرانيا”.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده تدعم أوكرانيا بكل السبل لكنها لن تدخل في الصراع، مشددا على حرص بلاده على عدم التصعيد.
ورأى ماكرون أن حضور زيلينسكي القمة العربية في جدة ثم قمة مجموعة السبع في هيروشيما يشكل سبيلا “لبناء السلام، لأنه يساعد على التفاهم بين من يدعمون أوكرانيا وبين من يقولون إنهم يدعمون السلام”.
وقال الرئيس الفرنسي إن قمة مجموعة السبع شكلت “قمة وحدة ودعم لأوكرانيا وفرصة للنقاش والإقناع مع دول أخرى”، مشيرا إلى الهند التي ترأس مجموعة العشرين، والبرازيل التي سترأسها العام المقبل.
وقد سعى الرئيس الأوكراني اليوم للحصول على دعم غربي لخطة كييف للسلام، وقال لزعماء مجموعة السبع إن الخطة تعكس “تعبيرا واضحا عن العقلانية”.
ويروج زيلينسكي منذ شهور لما تسميه إدارته “صيغة السلام”، وأوضح اليوم في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أنه عرض الخطة على زعماء مجموعة السبع، وقال “لمسنا دعما لصيغتنا من اليابان إلى الدول العربية ومن أوروبا إلى أميركا اللاتينية”.