قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن الهجوم الأخير الذي استهدف مواقع جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن يختلف عن العمليات السابقة، ليس فقط من حيث الأهداف، بل أيضا من حيث طبيعة توزيع المهام بين الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، مما يعكس مرحلة جديدة في التنسيق العسكري ضد الحوثيين.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن أكثر من 20 غارة استهدفت العاصمة اليمنية صنعاء والحديدة في هجوم كبير ضد أهداف للحوثيين نُفّذ بالتنسيق بين إسرائيل والتحالف الدولي.

وأوضح العميد حنا في تحليل للمشهد العسكري أن الجديد في هذه الهجمات يتمثل في تنظيم وتوزيع الأدوار بين الدول المشاركة، مضيفا “نشهد اليوم عملية توزيع الأدوار والجهود بطريقة منظمة كأننا أمام قيادة وسيطرة مشتركة، حيث تتوزع الأهداف بين الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل بشكل يضمن تغطية مناطق متعددة”.

وبشأن الفرق بين التنسيق العسكري والمشاركة المباشرة، أشار حنا إلى أن الأهداف التي قصفتها بريطانيا وأميركا تختلف عن تلك التي استهدفتها إسرائيل، مرجعا ذلك إلى البعد الجغرافي.

وقال “الأهداف الأميركية والبريطانية تركزت في مناطق شمال اليمن مثل عمران وصعدة، وهي مناطق جبلية تتطلب ضربات متكررة، وفي المقابل استهدفت إسرائيل مناطق قريبة من الساحل، مثل الحديدة ورأس عيسى، نظرا لقربها من البحر وصعوبة تنفيذ عمليات طويلة المدى”.

كيف يتم التنسيق؟

وأضاف حنا أن التنسيق بين الأطراف يتم من خلال رموز خاصة للطائرات لتفادي وقوع اشتباكات غير مقصودة، مما يُظهر نوعا من القيادة المشتركة في العمليات.

وعن تأثير الموقع الجغرافي على توزيع الأهداف، أكد حنا أن بُعد إسرائيل عن اليمن يجعلها تركز على أهداف محددة وظاهرة، في حين تعتمد أميركا وبريطانيا على تكرار القصف بفضل قربهما النسبي.

وأوضح أن الطائرات الإسرائيلية تضطر للتزود بالوقود جوا بسبب المسافة الطويلة، مما يحد من قدرتها على استهداف مواقع عسكرية معقدة.

واعتبر الخبير العسكري أن العمليات الحالية تهدف إلى استنزاف قدرات الحوثيين عبر استهداف البنية التحتية والمنشآت العسكرية الحيوية، مشيرا إلى أن الضربات على مطار صنعاء والمرافق النفطية تمثل جزءا من إستراتيجية تطويق وعزل الحوثيين بحرا وجوا.

نجاح جزئي

وأضاف حنا أن الهجمات الأخيرة ركزت على الطائرات المسيّرة، في حين لم تُطلق أي صواريخ بعيدة المدى من اليمن، مما قد يشير إلى نجاح جزئي في تقويض قدرات الحوثيين اللوجستية.

وختم حنا بالقول إن المرحلة المقبلة ستكشف ما إذا كانت هذه الضربات ستؤدي إلى ردود فعل تصعيدية من الحوثيين أو إلى تراجع في قدراتهم الهجومية.

يشار إلى أن جماعة الحوثي باشرت منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 استهداف سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات تضامنا مع قطاع غزة الذي يواجه إبادة جماعية من قبل الاحتلال.

وردا على هذه الهجمات بدأت واشنطن ولندن منذ مطلع عام 2024 شن غارات جوية وهجمات صاروخية على مواقع للحوثيين في اليمن، مما أسفر عن قتلى وجرحى ودمار في منشآت بنى تحتية.

وقابلت الجماعة ذلك بإعلان أنها باتت تعتبر السفن الأميركية والبريطانية كافة ضمن أهدافها العسكرية، وتوسيع هجماتها إلى السفن المارة بالبحر العربي والمحيط الهندي أو أي مكان تصله أسلحتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version